[email protected] خرج علينا الأزهر الشريف ببيانه التاريخي لحماية الدولة المدنية كثمرة فكر وجهد مشترك بين مجموعة مستنيرة من علماء الدين الأجلاء ونخبة من مثقفي مصر في سابقة تاريخية ستذكرها الأجيال القادمة. وستكتب مبادرة الشيخ الدكتور أحمد الطيب بأحرف من نور في سجل الدفاع عن إسلام السماحة والعلم وحماية الوطن. ودون تنسيق مسبق وفي عدة بيانات من المجلس العسكري خرجت تصريحات تؤكد أن المجلس يحمي ويساند الدولة المدنية، و يسجل تاريخ هذا الجيش منذ محمد علي وإبراهيم باشا حتي جمال عبد الناصر أنه كان دائماً بجانب فكر الدولة المدنية.. وذلك ما جعل بعض الكتاب يذهبون إلي التفكير فيما سمي "بالنموذج التركي".. ولكن يجب ألا ننسي أن هذا النموذج في احتياج إلي "كمال أتاتورك" منشئ الدولة الحديثة الذي كان منهجه مناهضا للإسلام ويميل نحو النموذج الغربي والعلمانية. وبعد وفاة "أتاتورك" بقي فكره منحصرا في الجيش التركي والجامعة والعاصمة أنقرة. أما العمق التركي فقد بقي إسلامياً وهذا ما جعلني أقول في البحث الذي قدمته إلي جامعة باريس في 1966 أن الغرب وأتاتورك أخطأ في النظرة المستقبلية لتركيا فإنه في رأيي "أن بلداً أسلم يستحيل لا أسلمته بعد ذلك"، ولكن بقي أن نكتشف أن تركيا اليوم مثلنا تعترف بجذورها الإسلامية ودولتها المدنية. أما عن دستور الغد لمصر فأقولها بصراحة أنه يجب النص علي أنه بعد أن يسلم المجلس العسكري أمانة الحكم إلي السلطة المدنية "أن يحتفظ في مادة من مواد الدستور للجيش بحق التدخل لحماية الدولة المدنية ونظامها الديموقراطي"، وأقترح أن يضاف أيضاً "حماية نظامها الجمهوري".. وبهذه المناسبة أقول أنه منذ إنشاء النظام الجمهوري في أوائل الخمسينيات فإن كلمة "جمهوري" لم نعد نستعملها كثيرا في أدبنا السياسي، وهذا ما جعل بعض "المغامرين" يخرجون علي الساحة وبتبجح يتمنون ويطالبون بعودة الملكية علي يد "أحمد فؤاد" الذي يجب أن يبقي الاهتمام به - وفقط - في صفحة "الاجتماعيات" وكان دائما مجرد وسيط في عمليات تجارية. وفي فرنسا التي هي من بين أقدم الدول في النظم الجمهورية رأيت كيف أن المواطن الفرنسي حينما يري أن إنساناً آخر يتعامل معه بتعال فإنه يرد عليه بثقة قائلاً: " تيقظ وانتبه إننا هنا في نظام جمهوري" أي مجتمع "المساواة والإخاء" وفقا للتعريف الفرنسي. وبالتالي أرجو من شعب مصر التيقظ إلي أهمية كلمة "حماية نظامها الجمهوري" من تفكير بعض "المغامرين" و"الحالمين" في استيراد ملك من سويسرا. كفي عبثا... نريد الأمن والاستقرار وأنا أتابع في الأيام والأسابيع الأخيرة ما يحدث علي أرض الواقع من عبث ومغامرات يدفع ثمنها الوطن حينما يعتدي علي مؤسسات الدولة مثل مبني "مجمع التحرير" وما ينتج عن ذلك من شل حركة مصالح الجماهير... من يعطي الحق لأي حركة من الحركات السياسية أو الجماهيرية في منع وطرد الموظفين من مؤسسة جماهير مصر وفقرائها الذين هم بالذات في أمس الحاجة إليها لقضاء مصالحهم الحيوية ؟؟ وأقولها بصوت عال لقد صدمني أن أقرأ أن بعض أجهزة الدولة تود أن تنقل "مجمع التحرير" بعيدا عن وسط البلد، وكأننا نريد أن نقول للعابثين بالقانون لن نتصدي لكم في اعتدائكم غير مبرر وغير المشروع.. وستهاجر الدولة بمبناها الرئيسي "المجمع" إلي مكان آخر...! حتي لو كان نقل المجمع فكرة سابقة فإنني أرجو التوقف عن الكلام والتخطيط لها حالياً حفاظاً علي هيبة الدولة ومصالحها وكرامتها. قناة السويس... أما البعض الذين تجرأوا بتهديد الملاحة في قناة السويس قبل أن يتدخل الجيش بحزم قولاً وعملاً... أقول أنه يجب ألا نترك حتي من هددوا دون تنفيذ بلا عقاب لهذا التهديد غير المسبوق للطريق المائي الدولي والذي تحميه القوانين الدولية والداخلية ويمثل ثاني مصادر دخل مصر القومي بعد السياحة. هذه الجريمة حتي ولو كانت بالقول هي خيانة وطنية لأمننا القومي وتشجيع لدولة إسرائيل أن تحقق حلماً لها منذ حرب 1956في خلق بديل علي أرضها لقناة السويس.