وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي »قانون السفر إلي تايوان» وهو يشجع علي تبادل الزيارات بين مسئولي الولاياتالمتحدةوتايوان علي كل المستويات، في خطوة تمنح واشنطن غطاءً سياسيا لتغيير السياسة الأمريكية بشكل كبير تجاه الجزيرة التي تعتبرها الصين إقليما منشقا وجزءا لا يتجزأ من أراضيها. ويسمح القانون الذي صادق عليه الكونجرس فبراير الماضي إجراء اتصالات أمريكية - تايوانية رفيعة المستوي مخصصة للدول ذات العلاقات الدبلوماسية الرسمية. وفي عام 1979، قطعت الولاياتالمتحدة علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان إرضاء للصين، لكنها أبقت علي علاقات تجارية مع الجزيرة من بينها مبيعات أسلحة كانت موضع احتجاج دائم من الصين، وكان مسئولي الولاياتالمتحدةوتايوان يتبادلان السفر بينهما لكن بتحفظ شديد، لتجنب إثارة استياء الصين. العلاقات الصينيةالأمريكية ترتكز علي ثلاثة بيانات مشتركة (تم الاتفاق عليها في 1972 و1979 و1982) وتقر فيها الولاياتالمتحدة بموقف ان هناك صين واحدة وأن تايوان هي جزء من الصين. وان تستمر الولاياتالمتحدة في الحفاظ علي علاقات غير رسمية مع تايوان من خلال المعهد الأمريكي في تايوان، وهو كيان شبيه بالسفارة تم إنشاؤه من خلال قانون علاقات تايوان عام 1979. وينص القانون علي أن يتم تحديد مستقبل تايوان بالوسائل السلمية. وان تبيع الولاياتالمتحدة أسلحة لتايوان ذات طبيعة دفاعية وتحافظ علي القدرة العسكرية لمقاومة عداء الصين لها. قرار ترامب اثار غضب الصين كما كان متوقعا، وعارضت الخارجية الصينية ذلك بشدة مؤكدة أن بنود القانون تخرق بشكل خطير مبدأ »الصين الواحدة» وهو المبدأ السياسي للعلاقات بين الصينوالولاياتالمتحدة منذ سبعينيات القرن الماضي. وفي الوقت نفسه وجه الرئيس الصيني شي جين بينج تحذيرا شديد اللهجة إلي تايوان من أنها ستواجه »عقابا تاريخيا» عن أي محاولة انفصالية، في رسالة مبطنة إلي نظيره الأمريكي دونالد ترامب الذي يتخذ يوما بعد اخر اجراءات حمائية تهدد أمن الصين. وتأتي التوترات السياسية بين القطبين الأمريكي والصيني، في فترة تحفل بالخلافات التجارية بين البلدين بعد القرار الأمريكي بتطبيق تعريفات جمركية علي واردات الولاياتالمتحدة من الألمونيوم والصلب، وهذه ليست المرة الأولي التي يشهر فيها ترامب »بطاقة تايوان» في وجه الصين للضغط عليها لتحقيق مكاسب في العديد من القضايا الخلافية بينهما مثل إجبار بكين علي الانسحاب من بحر الصين الجنوبي وتفكيك قواعدها العسكرية هناك. وكان الرئيس الأمريكي قد هدد في بداية توليه الحكم بعدم الاعتراف بمبدأ »الصين الواحدة»، إذا لم تقدم بكين تنازلات خصوصاً في قطاع التجارة. وزاد عداء الصين نحو تايوان منذ انتخاب الرئيسة تساي إينج وين التي تنتمي للحزب الديمقراطي التقدمي المؤيد للاستقلال عام 2016، ولم تتخل مطلقاً عن فكرة استخدام القوة لإخضاع الجزيرة لسيطرتها. ومن شأن القانون الجديد أن يشجع تساي علي تعزيز موقفها حول سيادة الجزيرة، وإصرارها علي استقلال تايوان. ومن ثم سيؤدي إلي نتيجة حتمية بتفعيل قانون مكافحة الانفصال، الذي يتيح لبكين استخدام القوة لمنع الجزيرة من الانفصال، في إشارة إلي قانون صيني أُقرّ عام 2005. مما ينذر باندلاع حرب شرسة في المنطقة، حيث يتعين علي واشنطن الدفاع عن تايبيه، بموجب القانون الجديد. وفي الوقت نفسه لا تتوقف الولاياتالمتحدة عن توريد مختلف الأسلحة المتقدمة، بل هي مورد الأسلحة الرئيسي لتايوان. الموقف الحالي جعل صحيفة »الفورين أفيرز» الأمريكية تطرح تساؤلا حول قدرة إدراة ترامب المرتبكة وغير المنسجمة أن تكون شريكا موثوقا به لتايوان في حربها ضد بكين؟ وأكدت الصحيفة أنه من الحكمة أن تحافظ تساي علي أمن الجزيرة وتقاوم إغراء القانون الأمريكي الذي من شأنه أن يحول تايبيه رهينة في صراع واشنطن مع بكين. كما أنه من المرجح أن ترفض القاعدة السياسية الأمريكية الذهاب إلي الحرب نيابة عن تايوان وقدفرضت الأزمة نفسها علي الاجتماع السنوي لمجلس الشعب الصيني، وأكد لي كه تشيانج رئيس مجلس الدولة الصيني أن تايوان خط أحمر لا يقبل المساس، مؤكدا أن بلاده ستفتح أبوابها علي نطاق أوسع للعالم أكثر من ذي قبل. يأتي ذلك في الوقت الذي تهدد فيه إدارة ترامب بإطلاق إجراءات تجارية معادية للصين، تتعلق باختلال التوازن التجاري بين البلدين الذي تقول الولاياتالمتحدة إن قيمته تبلغ 375 مليار دولار لصالح بكين العام الماضي. ويتهم البيت الأبيض الصين بانتهاك قوانين الملكية الفكرية الأمريكية والضغط بشكل غير عادل علي الشركات الأمريكية لنقل التكنولوجيا، مما يتسبب في خسائر سنوية تصل إلي 30 مليار دولار. وبعد فرض التعريفات علي الألواح الشمسية والغسالات، تقوم إدارة ترامب بإعداد حزمة من الرسوم الجمركية علي ما لا يقل عن 30 مليار دولار سنوياً من الواردات الصينية. وقال ترامب إنه يريد من بكين تقديم خطط حول كيفية تقليل الفائض التجاري مع الولاياتالمتحدة بمقدار 100 مليار دولار.