سأستمر في تناول موضوع »فجوة الادارة« الممتد والذي تناولته وسأتناوله في عدة مقالات لاحقة بإذن الله.. ولكن اتناوله هنا من زاوية ان الشيء أو التفاعل اياً كان يعرف بنقيضه.. وهنا اعود بالتأمل لوقائع احتفالية متميزة بمناسبة مرور 031 عاما علي انشاء جريدة »الايجيبشن جازيت« والتي دعيت اليها يوم الثلاثاء 02/4/0102 وكانت تحت رعاية الاستاذ صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري وحضرها كل فريق عمل الجازيت ومعهم بالطبع دينامو هذا الفريق المعطاء أ. رمضان عبدالقادر رئيس التحرير وكذلك عدد من كتاب الجريدة والوزراء والصحفيين والاعلاميين والدبلوماسيين وعدد كبير كذلك من قراء الصحيفة من الاجانب والمصريين.. وكان المكان هو دار الاوبرا المصرية حيث بدأت وقائع الاحتفال بفيلم تسجيلي عن تاريخ الجريدة العريقة والتي بدأت بريطانية حيث اسستها سلطة الاحتلال البريطاني لمصر وانتهت إلي ان تكون مصرية خالصة للمصريين وان كانت بالانجليزية وبتعقب اهمية المهنية والحرفية الاعلامية نجد ان الجريدة قد سجلت علي مدي تاريخها عدة مواقف مهنية عالية الاداء علي مدي 031 عاما والتي تمثل بنكا فريدا يسجل وقائع التاريخ والحياة في مصر.. ولقد ذكر من هذه المواقف المحترمة انها انتقدت بموضوعية وصدقية قرار سلطة الاحتلال البريطانية التي انشأت الجريدة بابعاد زعيم الامة المغفور له سعد زغلول وهنا انتقمت سلطة الاحتلال من نقد الجريدة اللاذع الذي تضامن حينذاك بموضوعية مع غضب المصريين المبرر لابعاد زعيمهم واغلقت لعدة ايام.. ولاشك ان للجريدة تاريخا طويلا (031عاما) ويحتاج إلي دراسة اكاديمية تفصيلية تحلل سمات خطاب هذه الصحيفة علي مدي عقودها وخاصة فيما يتعلق بقواعد المهنية والحرفية سواء في حقبتها البريطانية أو المصرية، ولكن ما اود أن اشهد به في هذا السياق كأحد الكتاب الذين اسهموا بكتاباتهم في هذه الصحيفة العريقة، هو ان سقف الكتابة الموضوعية مفتوح لجميع الاراء وإلي ابعد الحدود طالما كان التناول موضوعيا ومهنيا. وما اود ان استرسل فيه ايضا في هذا المقال هو ان استمر في تناول موضوع »فجوة الادارة« واركز هنا علي موضوع »فريق العمل« (TEAM WORK) فاكثر المشاهد التي اسعدتني في تلك الاحتفالية هي المشاهد التي ظهر فيها فريق العمل. وكانت تملأ وجوههم السعادة والبشر وكذلك تلك المشاهد التي رأينا فيها »تكريم من اسهموا بكل طاقاتهم وافنوا عمرهم في خدمة العمل الخلاق من امثال رؤساء التحرير السابقين مثل رامز الحلواني والاستاذ سامي الشاهد والاستاذ ابوالعينين وغيرهم.. كذلك اسعدني ظاهرة مفتقدة كثيرا في واقعنا وهي ظاهرة مراعاة تكريم ذوي الاعمال المختلفة في فريق العمل، فلقد حضرت كثيرا من الاحتفاليات »الفالصو« والباهتة حيث كان التكريم لا يراعي ان اهم دفع لفريق العمل بأي مؤسسة ان يكون الاهتمام بكل الاعمار وبالقيادات العليا والوسطي وصغار الموظفين، فالجميع طبقا لنظرية الادارة بالمشاركة يساهمون ويدفعون بالعمل.. ففي احدي كليات احدي الجامعات جاء الاحتفال »بالدروع« لكل القيادات العليا ثم لرؤساء الاقسام العلمية ثم لرؤساء اقسام العمل بتلك الكلية.. كان هناك تجاهل »لتنوع وللاستحقاق الحقيقي..« وفي كليات ومعاهد مؤسسات اخري وجدت شخصيات متسلطة لا تنزل الناس اماكنهم وتنفعل علي الجميع وتعمل علي تقزيم وتشويه من يعملون معها فتحول هذا للتحقيق وتعاقب هذا وتخصم من هنا وتتوحد مع كرسي القيادة الذي هو اكبر من حجمها بكثير فلا تعترف باي جهد يشارك في العمل بل تسارع في تشويههم ووصمهم بالوهم والتوهم ما إلي ذلك من ترسانة الفشل الاداري المخزي الذي يعمق من فجوة الادارة.. لذلك ما رأيته في ليلة الاحتفال بالجازيت كان رائعا ومفتقدا في كثير من مؤسساتنا وجامعاتنا وهو الامر الذي ينبغي ان نعالجه خاصة في جامعاتنا التي تمثل اهم قاطرة للتنمية.. كان الختام اكثر روعة وبهاء مع المبدع عمر خيرت حيث تم تقديمه في صحيفة »الجازيت« 02/01/0102 بأنه وفرقته وبعزف الاوركسترا الذي يقوده استطاع ان يريح بال جمهوره من اعبائهم ليستمتعوا بألحانه المتميزة.. ولكن الطريف ان بالنا لم يسترح فلقد كانت استاذتنا د.عواطف عبدالرحمن استاذة الصحافة والاعلام المتميزة تجلس معنا.. وكان عمر خيرت يترك في كل فقرة مساحة لعازف منفرد فيتألق ويصفق له كل الحاضرين بحماس كبير تشجيعا لمهارة عالية في الاداء.. وكانت د.عواطف تقول لي: شوفت الراجل قائد ازاي.. شوفت بيعمل ايه مع اعضاء فريقه وكنت اقول لها »سبقتيني.. معك كل الحق يا استاذتنا«.. لقد كانت اهم المشاهد في ذلك الاحتفال هي ابتسامة المبدع عمر خيرت وفرحته بالتصفيق الذي يناله العزف المنفرد للعديد من افراد فريقه.. فهنا فقط يكبر من يكبر ويصغر من يصغر.. والله ولي التوفيق.