بروح المبادئ والمثل العليا خرجوا ناصرين للحق والذود عن الوطن بالدم والروح لأنه عشقهم الأوحد الذي تجاوز كل الحدود، يخوضون غمار الحرب ضد الإرهاب والحاقدين والمغرضين بكل قدرتهم وقوتهم. كل منهم يحمل روحه ويتمني أن يقدمها فداء من أجل أن ينعم الوطن والمصريون بالأمن والأمان. فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر. من هؤلاء الأبطال الذين أعطوا المثل في التضحية حتي سالت دماؤه الزكية علي تراب الوطن الشهيد ملازم أول بالقوات المسلحة عمر خالد عبدالصبور الذي استشهد علي يد الغدر والخسة والنذالة إثر انفجار عبوة ناسفة في مدرعته خلال إحدي العمليات العسكرية علي وكر للإرهابيين بالطريق الدولي في مدينة العريش بداية العام الجاري . يقول والده المحامي خالد عبدالصبور: نجلي الشهيد منذ التحاقه بالثانوية العامة كان يراوده حلم الالتحاق بالكلية الحربية لينضم إلي مصانع الرجال والنبلاء الذين يدافعون عن معشوقتهم مصر وحماية أهلا وبعد حصوله علي الثانوية تقدم بأوراقه إلي الكلية واجتاز الامتحانات والاختبارات بكفاءة وطوال مدة الدراسة كان نابغاً يحصل علي أعلي التقديرات حتي تخرج في الكلية برتبة ملازم وتحقق حلمه بارتداء الزي العسكري وتم توزيعه علي إحدي الوحدات العاملة بشمال سيناء، لكنه أخفي ذلك عنا وأقنعنا أن وحدته أول طريق السويس حتي لا يسبب القلق والخوف للأسرة. ويضيف الوالد: كان فلذة كبدي لا يتحدث خلال إجازاته إلا عن بطولات وتضحيات أبناء القوات المسلحة ويقول: »نفسي أخدم في سيناء وأحارب الإرهابيين وأشارك زملائي حربهم ضد الإرهابيين«. وكأنه كان يحاول إخفاء وجوده علي أرض الفيروز ويشارك زملاءه في المهام القتالية. ويتوقف الأب المكلوم عن الكلام لحظات وينخرط في نوبة بكاء شديدة: بعد مرور عدة أشهر عرفت مكان خدمته في العريش ومشاركته في العديد من الحملات والمداهمات العسكرية ضد الأوكار الإرهابية التي أسفرت عن قتل العشرات من الأوغاد والحاقدين علي مصر وشعبها .. وقبل استشهاده بشهر حاولت إقناعه بضرورة السعي لنقله إلا أن رده العنيف كان أقوي من محاولتي وقال: «يا بابا الناس اللي هناك مش أرجل مني ولا أنا أحسن منهم وأكون خاين لبلدي والمصريين لو تركت سيناء». ويستطرد الوالد: قبل استشهاد نجلي تعرض لحالة إعياء شديدة ولازم الفراش وأخبره الأطباء في الوحدة بضرورة إخضاعه لعملية جراحية بالمعدة إلا أنه آثر البقاء مع زملائه والمشاركة في مأمورية لمداهمة أحد الأوكار يختبئ به عدد من العناصر الإرهابية. وقال لقائده: «أنا كويس بعد أخذ العلاج ولازم أشارك في المأمورية عشان أجيب حق زملائي»، وتحقق له ما أراد وفي اليوم المحدد للعملية تمكن وأفراد المجموعة من اقتحام الوكر وقتل بعض الإرهابيين والقبض علي آخرين وأثناء العودة انفجرت عبوة ناسفة زرعها الإرهابيون في مدرعته ليسقط شهيداً ويروي بدمائه الأرض الطاهرة دفاعاً عن الوطن. أما والدة الشهيد التي احتضنت صورة ابنها البطل وأخذت تتأمل فيها وهي شاردة الذهن فقالت: «حسبي الله ونعم الوكيل منهم لله القتلة.. قصموا ظهري واغتالوا فلذة كبدي، ابني وأخي وصديقي الحنون. حرموني من سندي في الدنيا». وتابعت: «بمجرد ارتداء عمر للبدلة العسكرية كان يناديني يا أم الشهيد وكانت تلك الكلمة تقطع قلبي خوفا عليه حتي حقق القدر ما طلبه من الله ونال الشهادة». وأضافت: «في آخر إجازة قبل استشهاده قام عمر بزيارة أمهات زملائه الشهداء من الجنود والضباط وقال «انت مشروع أم شهيد كمان» . وأكدت الأم ان زملاءه من الضباط والجنود أجمعوا أن عمر كان طيب القلب حسن الخلق غيوراً علي تراب الوطن ومنذ أيام فوجئنا بأن الشهيد كان يخرج مبلغاً من راتبه الشهري لمساعدة الفقراء بالإضافة إلي تبرعه بجزء آخر لبناء مسجد بالخلفاوي في شبرا واختتمت والدة الشهيد حديثها قائلة: «لقد احتسبته عند الله شهيداً ويكفيني فخراً أنني قدمت أغلي هدية لمصر» .