تقول بعض الروايات ان "نوح" عليه السلام قسم الأرض بعد الطوفان بين اولاده.. فجعل لحام مصر وسواحلها فلما دخلها بنصر بن حام وبلغ العريش.. قال اللهم إن كانت هذه الأرض التي وعدتنا بها علي لسان نبيك نوح وجعلتها لنا منزلا فاصرف عنا وباءها وطيب لنا ثراها واجر لنا ماءها وأنبت كلأها وبارك لنا فيها وتمم لنا وعدك فيها إنك علي كل شيء قدير.. وإنك لا تخلف الميعاد وجعلها " بنصر" لابنه "مصرايم " وسماها باسمه. الواقع التاريخي يختلف عن الرواية التوراتية فأجدادنا القدماء كانوا يطلقون علي الارض التي نعيش عليها "الاسود والاحمر" .. فمنذ 250 ألف سنة قبل الميلاد عاش الإنسان البدائي علي ارض مصر..ومنذ 35 ألف سنة قبل الميلاد قامت أول حضارة مصرية تقوم علي الزراعة والصيد وتربية الطيور والمواشي وصناعة الفخار والتعدين..وفي حوالي سنة 4000 قبل الميلاد ظهرت نظم الري وأصبحت مصرمدا وقري تمتد من النيل الي عمق الصحراء شرقا وغربا ..وتعلم العالم منا التنظيم السياسي والاداري للدولة...وتذكر كتب التاريخ ان اجدادنا اطلقوا علي الارض التي تكون الجزء الاسفل من النيل ويحدها من الجنوب الشلال الاول ومن الشمال البحر المتوسط ومن الشرق الصحراء العربية ومن الغرب صحراء لوبيا اسم "كمي" والتي تعني الارض السوداء ..وقصدوا بها الارض المزروعة والوادي الخصيب ..اما الارض الصحراوية فكانت تسمي" تا- دشر" او الارض الحمراء..وتذكر كتب التاريخ ايضا انه منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد وردت مسميات قريبة من كلمة مصر منها في اللغة الأكدية " مصري " وفي الآشورية " مشر" وفي البابلية " مصر" ،وفي الفينيقية " مصور "وفي العربية القديمة "مصرو "، وفي العبرية " مصراييم".. اما معاجم اللغة فتقول ان مصر تطلق علي " المدينة المتحضرة.. وان "المصر " هو واحد "الامصار"..وان "المصران" هما الكوفة والبصرة..ويقال " فلان مصر الامصار تمصيرا" بمعني "مدن المدن". الحضارة المصرية القديمة كانت حضارة في كل شئ في اللغة والدين والعادات والتقاليد ونظام الحياة وادارة شئون البلاد.. والتعامل مع الشعوب المجاورة ..وفي مجال علوم الفلك أقام اجدادنا أقدم مرصد في العالم " الميجاليتات" بالصحراء الجنوبية.. وبرعوا في العلوم والآداب والتقاليد والعادات والكتابات والقصص والأساطير.. وشيدوا البنايات الضخمة كالأهرامات والمعابد .. واقاموا اقدم شبكة للري والزراعة وصنعوا القوارب.. وأعطتهم الأرض المعادن والجواهر النفيسة كالذهب والفضة والنحاس فأبدعوا في صناعتها.. وكانوا تجارا مهرة يتبادلون السلع مع دول الجوار.. وبرعوا في فنون النحت والعمارة والفلسفة والتحنيط..وفي الطب ..وغير ذلك الكثير. تذكرت كل ذلك وانا انظر الي حالنا الان بعد 5اشهر من ثورة يناير وكيف توقفت حياة بعضنا عندها.. وغرق الكثير منا في مشكلات الماضي ..وافقد اصحاب المصالح ميدان التحرير قيمته كرمز للحرية والتغير والقضاء علي الفساد ..وحوله الي مخيم ايواء واعتصام ..حتي ان سائق تاكسي علق علي ما يحدث قائلا " كل واحد تقرصه نموسه يذهب لميدان التحرير او امام ماسبيرو .. وينصب له خيمة ويعلن اعتصامه حتي محاكمة الناموسة التي قرصته واسترداد الدم الذي مصته ..ورحيل كل النموس عن مصر "! لقد افقدنا الميدان رمزيته والمظاهرات والاعتصامات قيمتها ..وتحولت شوراعنا الي فوضي..ومرتع خصب للبلطجية..فهل يرضي اجددنا العظماء عن ما نفعله في حضارتهم وحضارتنا ! [email protected]