بعد مبادرته الرائعة »بيت العائلة« التي اطلقها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لجميع المسلمين والمسيحيين علي قلب رجل واحد ينبض بحب مصر ويحميها ويدافع عنها أعلن الإمام الأكبر عن وثيقة الأزهر لدعم »الدولةالوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة« لن أخوض في تفاصيل الوثيقة بعد الاعلان عنها ونشرها لكنني أدور حولها محاولا إبراز أهميتها وحتميتها في هذه الظروف المتشابكة التي تمر بها مصر.. الوثيقة تسجل تطورا تاريخيا في مسيرة الأزهر الخالدة يضاهي انجازات الأئمة الكبار أمثال الشيخين محمد عبده ومحمود شلتوت والدكتور عبدالحليم محمود.. ثم إنها من الوثائق عظيمة الأهمية في تاريخ الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية في مصر.. تنحاز لدولة مدنية تقوم علي مبادئ الشريعة الإسلامية.. تتضمن قيام دولة وطنية ديمقراطية علي أساس دستور يرتضيه جميع المصريين والتمسك بالثقافة الاسلامية العربية والاحترام الكامل لدور العبادة. المبادرة تؤكد أن الأزهر يسير في الاتجاه الصحيح نحو استعادة دوره كمرجعية دينية وسطية معتدلة، في مواجهة التطرف والتشدد الديني من أجل الوصول إلي توافق مجتمعي حول مدنية الدولة.. تغلق الباب أمام التيارات الدينية المتشددة التي تطرح أفكارا تدعو للدولة الدينية.. وكان رائعا ان يؤكد الأزهر أن وثيقته لا تعد ملزمة لأي من التيارات الدينية أو الفكرية، إنما هي مطروحة للنقاش.. لم تستأثر برأي خاص بل جاءت نتاجا لنقاش فكري مجتمعي لتكوين رؤية توافق المجتمع بكل تياراته وفئاته، تتناسب مع واقع مصر الحالي ولا تختلف مع مبادئ الشريعة الإسلامية وتمثل الوثيقة نقلة مجتمعية مهمة خاصة فيما يتعلق بقضية ممارسة العبادات بإقرارها احترام جميع مظاهر العبادة بمختلف اشكالها.. وتساهم في المرحلة الانتقالية الحالية الخطيرة التي ستحدد مستقبل مصر وتوجهه نحو غاياته النبيلة وحقوق شعبها في الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية تحية للإمام الأكبر علي فكره المستنير الناضج الذي ينفتح علي العالم بأكمله بثقافاته واتجاهاته ومعارفه، ويعكس احتراما للمؤسسة التي يقودها مما حدا بنجيب ساويرس أن يطلب من شيخ الأزهر ان يكون متحدثا باسم أقباط مصر.