بقلم : محمد عبدالمنعم بعد ان قامت إيران باستنزاف العراق في حرب ضارية استمرت ثماني سنوات وتخللها صور من القسوة والوحشية وقف العالم كله أمامها مصدوما ومذهولا، وبعد ان قامت طهران الثورة باحتلال ثلاث جزر تابعة لدولة الإمارات، وبعد ان توسعت في سلاحها البحري بغية فرض سيطرتها الكاملة علي الخليج العربي الذي تصر إيران علي تسميته بالخليج الفارسي، وبعد ان سقط العراق في أيدي الأمريكيين. وعاث الإيرانيون فسادا في الأراضي العراقية رغم ان صدام حسين عرض علي إيران قبل نشوب هذه الحرب ان يقفا معا في وجه هذا »العدو الامبريالي« و»الشيطان الأكبر« -حسب تسمية الإيرانيين- بل ان صدام حسين كان من السذاجة التي تصل إلي حد البلاهة عندما أرسل قواته الجوية للانتشار داخل القواعد الجوية الإيرانية بعيدا عن الأسلحة الهجومية الأمريكية فما كان من إيران الثورة إلا ان استولت علي هذه الطائرات واعتبرتها ملكا لها.. بعد هذا كله، وكثير غيره، كان من الطبيعي ان تنقطع أوصال العلاقات الطبيعية والحميمة فيما بين إيران، والعالم العربي، باستثناء سوريا وقطر وحزب الله. وآخرين من »الشوارد« وما أكثرهم داخل العالم العربي بأجمعه! ومن الغريب، والعجيب، ان رد الفعل الإيراني إزاء هذا الموقف العربي كان مماثلا لرد الفعل الإسرائيلي بعد ان اقتنع الإسرائيليون وتأكدوا ان »حائطا حديديا« يفصل بينهم وبين العالم العربي، وان الحل الأمثل هو تجاوز المنطقة العربية إلي ما وراء هذه المنطقة في جميع الاتجاهات، وفي ذلك كان أن كثفت إسرائيل نشاطها في افريقيا، وهكذا رأينا الرئيس أحمدي نجاد يتجه إلي افريقيا مباشرة بمجرد انتهاء استعراض القوة الذي تمثل في مناورات »الرسول الأعظم«! ولا يغيب عنا، وعن الجميع، ان العبث في افريقيا، سواء كان من جانب إسرائيل أو من جانب إيران، انما يهدد بالدرجة الأولي المصالح المصرية، وقد ظهرت بوادر هذه التهديدات في الخلافات التي نسمع عنها لأول مرة في التاريخ حول حصة مصر من مياه النيل.. النيل الذي كان، ومازال، وسيظل ابدا هو الشريان الرئيسي لحياة مصر والمصريين!