حتي تتحقق ثقة المواطن في الدولة وحكومتها ويتم التجاوب مع سياساتها فإنه لابد أن يلمس شفافية حقيقية في كل الأمور التي تمس سمعة وسلامة سلوكها وهو ما يجب أن ينطبق أيضا علي المحسوبين عليها في الماضي والحاضر. هذا الهدف لا يمكن التوصل إليه بدون الالتزام بالصراحة والمصداقية واحترام عقول المواطنين وحقهم في معرفة الحقيقة دون أي مواربة. وتزداد أهمية هذا السلوك من جانب الدولة والحكومة إذا ما كان محور الجدل الدائر يتناول مسائل تتعلق بأمانة المسئولية ونظافة اليد والبعد عن العبث المشبوه بالمال العام. ولتبرئة نفسها من تهمة التورط والتواطؤ فإن علي المسئولين التحرك بسرعة لكشف المستور والسعي لإعلان كل المعلومات المطلوبة حول كل ما يثار، وفي هذا المجال فإنه ليس مقبولا بأي حال أن تنتاب الدولة والأجهزة الحكومية حالة من الصمت والسلبية إزاء الاتهامات الموجهة إلي بعض من كانوا يشغلون مناصب عامة. أحد الأمثلة علي ذلك هذا اللغط الدائر حاليا حول رشوة تقدر بعدة ملايين من الدولارات حصل عليها أحد المسئولين في جهاز من أجهزة الدولة من شركة مرسيدس بنز العالمية المنتجة للسيارات بكل أنواعها. كانت صحيفة الوفد وراء نشرأخبار هذه الرشوة التي تناولتها وقائع القضية المرفوعة ضد هذه الشركة أمام إحدي المحاكم الأمريكية. وقد ذكر بعض الذين تم سماع أقوالهم في القضية حول الرشاوي التي دفعتها الشركة اسم هذا المسئول المصري، ورغم النشر المتوالي عن هذه القضية فإن أحدا في الحكومة لم يأخذ بالمبادرة بإعلان حقيقة هذه الواقعة باستثناء المهندس رشيد محمد رشيد الذي أعلن أخيرا أن الحكومة قد طلبت من السلطات الأمريكية وشركة مرسيدس كل المعلومات الخاصة بالقضية بما في ذلك اسم هذا المسئول المرتشي. ليس خافيا ان مثل هذه القضايا التي تعكس حالات الفساد وانعدام الضمير والجنوح للانحراف من جانب بعض المسئولين بهدف الإثراء غير المشروع تحتاج إلي سرعة التحرك من جانب الأجهزة المعنية في الدولة لاعلام الشعب صاحب هذا المال المسروق بكل الملابسات المحيطة بالواقعة وحجم الخسارة التي لحقت بالمصلحة العامة. من المؤكد انه كان لهذه الرشوة ثمن فادح دفعته مصر سواء من ناحية أسعار المعدات التي تضمنتها الصفقات التي قام بتسهيلها هذا المسئول المرتشي أو من ناحية إرساء المناقصات ومدي كفاءة هذه المعدات والحاجة إليها. في اعتقادي ان الحصول علي المعلومات اللازمة ليس معضلة، خاصة وأن الجانب الأمريكي أعلن استعداده تقديم جميع المعلومات حول القضية إذا ما طلبتها السلطات المصرية. المهم هو سرعة التحرك ومتابعة الطلب الذي قال المهندس رشيد ان الحكومة قد قدمته بالفعل. أن أي تلكؤ في الحصول علي هذه المعلومات سوف يضع الحكومة في قفص الاتهام بالنسبة لجموع المواطنين المتابعين باهتمام كبير لكل ما نشر في الصحف، انهم في انتظار ما سوف يتم اتخاذه من إجراءات لاستعادة حق المال العام في خيانة الأمانة حتي لو كانت الجريمة قد وقعت منذ سنوات. جلال دويدار [email protected]