بناء علي المعلومات التي قدمها وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي لمجلس الشعب، والخاصة بتقارير تخص بعض أعضاء مجلس الشعب بالحصول علي قرارات علاج علي نفقة الدولة بمبالغ كبيرة ولجهات معينة.. وبناء علي طلب الإحاطة العاجل الذي تقدم به النائب مصطفي بكري بخصوص هذا الموضوع، طلب الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب من اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية سرعة إجراء التحريات وجمع المعلومات الخاصة بحقيقة هذه التجاوزات، تمهيداً لتقديمها، في حالة ثبوت صحتها، إلي النائب العام.. ويكشف طلب الدكتور فتحي سرور عن عدة جوانب مهمة في التعامل مع هذه القضية.. أولها سرعة التحرك واتخاذ القرار في هذا الموضوع.. ويمكن تفسير ذلك في ضوء طبيعة القضية وكونها قضية تمس شرف الأعضاء وذمتهم المالية، وتمس أمانتهم ونزاهتهم، وهو ما يستلزم معه هذه السرعة كشفاً للحقيقة من ناحية، ودرءاً للشبهات من ناحية أخري.. وإذا كانت هناك موضوعات يمكن معها التعامل بهدوء، وأن يستغرق اتخاذ القرار فيها فترة زمنية طويلة، فإن الدكتور سرور بحسه السياسي، وبحنكته القانونية، وبشعوره الوطني، رأي أن هناك ضرورة لوضع النقاط فوق الحروف في أسرع وقت، حفاظاً علي سمعة المجلس ونوابه من ناحية، وتوضيحاً للحقيقة الكاملة من ناحية أخري. ثاني هذه الجوانب، أن الدكتور فتحي سرور لم يشكل لجنة برلمانية لكشف الحقائق المتعلقة بهذا الموضوع، ولم يعهد بهذا الموضوع إلي إحدي لجان المجلس لإجراء التحريات وجمع المعلومات الخاصة بهذا الموضوع، وإنما عهد بذلك إلي جهة مستقلة عن المجلس، وحيادية، ولها قدرتها علي جمع المعلومات بدقة متناهية، وبسرعة فائقة.. إضافة إلي اضفائها الثقة والمصداقية فيما يتم التوصل إليه من معلومات.. وهو ما يعكس استقلال السلطات من ناحية، وتكاملها وتعاونها من أجل الصالح العام من ناحية أخري. ثالث هذه الجوانب، أن الدكتور فتحي سرور قد أكد بشكل عملي أنه لا أحد فوق القانون في مصر، حتي ولو كانوا نواب مجلس الشعب، حتي ولو كانوا هم الذين يشرعون القوانين.. فمن يشرع القوانين هم أولي الناس بتطبيقه، وهم أولي الناس باحترام نصوصه.. وهو ما أكده الدكتور سرور بقراره العملي. رابع هذه الجوانب، هو التأكيد علي أهمية تطبيق مبدأ الشفافية في حياتنا العملية، وفي بيئتنا السياسية.. فلا يمكن أن تقنع الناس بأي تحرك، أو بجدوي أي مشروع جاد ما لم تكن هناك شفافية في جميع الأمور، ووضوح في مختلف أبعاد العمل.. وأخيراً، فإن هذه الخطوة من جانب الدكتور فتحي سرور كان هدفها هو الحفاظ علي كرامة النواب، وسرعة تخليصها من أي شائبة قد تعلق بهم، ومن ثم تؤثر علي صورتهم لدي الناس، وعلي هيبة مجلس الشعب ككل.. ففعالية أداء المجلس لا تنفصل عن صورته الذهنية وعن صورة نوابه لدي الشعب. لقد ضرب الدكتور سرور، بطلبه من وزارة الداخلية بالتحري وجمع المعلومات عن هذا الموضوع، عدة عصافير بحجر واحد، وكانت كلها ترسيخاً لمعني الشفافية والاستقلالية والتكاملية، إضافة إلي مفهومي "الحرفنة السياسية" و"المعلمة الإدارية"..