يبدأ الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم زيارة إلي العاصمة الفرنسية باريس تستمر 3 أيام يعقد خلالها قمة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غداً. ومن المنتظر أن تستحوذ القضية الليبية علي أولويات مباحثات القمة بين الرئيسين في ظل جهود الطرفين للوصول إلي حل سياسي للأزمة، وتصاعد الدور الفرنسي في الملف الليبي بعد لقاء رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر في باريس منذ أشهر. كما ستكون القضية الفلسطينية حاضرة في القمة المصرية الفرنسية في ظل جهود القاهرة لاحياء عملية السلام وتحقيق المصالحة الفلسطينية، إلي جانب ملفات العلاقات الثنائية المصرية الفرنسية في الشق السياسي والعسكري، الذي شهد نموا في الفترة الأخيرة، وكان آخر مؤشراته تسلم البحرية المصرية فرقاطة من طراز »جوويند». وسيبحث الرئيسان ملف الأمن في البحر المتوسط ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلي تطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين. وتعد قمة السيسي وماكرون الأولي بين الرئيسين منذ انتخاب الرئيس الفرنسي في مايو الماضي، وأكدت مصادر دبلوماسية فرنسية للأخبار اهتمام باريس بتطوير وتعزيز علاقاتها مع القاهرة علي كافة المستويات، وهو ما ظهر في اهتمام ماكرون بإجراء اتصال هاتفي مع الرئيس السيسي ضمن عدد قليل من زعماء العالم، الذين اتصل بهم فور توليه منصبه في مايو الماضي، ومنذ ذلك الوقت يتبادل الرئيسان السيسي وماكرون الاتصال بصفة منتظمة لبحث قضايا التعاون الثنائي والأمن في المنطقة. وحول ملف التعاون الاقتصادي، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن فرنسا سادس أكبر مستثمر في مصر العام الماضي، حيث بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخاصة بها 3.5 مليار يورو، حيث تحتل فرنسا المرتبة السابعة من بين مورّدي مصر، وتتلقي فرنسا 2.1 % من الصادرات المصرية. وأشارت إلي زيادة المبادلات الثنائية بين البلدين خلال الأشهر الثمانية الأولي من عام 2017، حيث زادت الصادرات 9.2 % لتبلغ 1.1 مليار يورو، وزادت الواردات21٪ لتبلغ 401.4 مليون يورو، وهناك أكثر من 160 منشأة فرنسية تعمل في مصر، توفر فرصة عمل لحوالي 30 ألف شخص في قطاعات متنوعة مثل الصناعة والصناعة الزراعية والمعدات الكهربائية والصيدلة والتوزيع والمحروقات والسياحة. ومن جانبه أكد ستيفان روماتيه السفير الفرنسي بالقاهرة اهتمام فرنسا البالغ بزيارة الرئيس السيسي إلي باريس، وقال في تصريحات للأخبار: »بالنسبة لفرنسا الزيارة مهمة للغاية حيث انها المناسبة الأولي للقاء الرئيسين عبدالفتاح السيسي وإيمانويل ماكرون منذ توليه منصبه، ورغم المحادثات الهاتفية العديدة التي جمعت الرئيسين خلال الأسابيع الماضية لكن اللقاء الثنائي الأول بينهما سيكون له أهمية كبيرة لخلق علاقة شخصية بين الرئيسين». وأضاف أن قمة الرئيسين ستتناول كافة قضايا العلاقات الثنائية علي الأصعدة السياسية والاقتصادية وغيرها، بالإضافة إلي الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والأزمات في سوريا وليبيا والقضية الفلسطينية. وأشار إلي أن المجال الاقتصادي سيحظي بأهمية خاصة لتعزيز التجارة والاستثمار المشترك في ظل جهود مصر لاصلاح الاقتصاد لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وكذلك بالنسبة لفرنسا التي ترغب في زيادة حجم استثماراتها بمصر. وأعلن السفير الفرنسي عن إقامة منتدي اقتصادي للتعاون بين البلدين سيفتتحه الرئيسان في باريس بمشاركة العديد من الشركات الفرنسية، وهو ما سيكون فرصة جيدة لعرض الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر، ومن المنتظر توقيع عدة اتفاقيات بين شركات مصرية وفرنسية علي هامش الزيارة. كما كشف عن بحث مسئولي البلدين حاليا توقيع عدد من مذكرات التفاهم خلال الزيارة حول برامج اقتصادية وبرامج خاصة بالتنمية المجتمعية، وأكد أن فرنسا تدرك حاجة مصر لدعم تمويلي من شركائها خلال فترة الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها حاليا وفرنسا ترغب إبراز التزامها بدعم ومساندة مصر. وأوضح أن مجال النقل والمترو من أهم مجالات التعاون بين القاهرةوباريس، مشيرا إلي بحث توقيع اتفاق لتعزيز التعاون في مجال السكك الحديدية والمترو خلال زيارة الرئيس السيسي لباريس بين كبار المسئولين والوزراء من كلا البلدين. وحازت زيارة الرئيس السيسي لفرنسا علي اهتمام الصحف الفرنسية خلال الأيام الماضية، حيث أكدت صحيفة »لو أرينت لو جور» أن باريس -مثل واشنطن- تري أن مصر حليف استراتيجي في المنطقة، سواءً لحل الأزمة في ليبيا وسوريا والعراق والقضية الفلسطينية ومفاوضات السلام المقبلة أو مكافحة الإرهاب وتنظيم داعش. أمّا صحيفة »لوبريزيان» فكشفت أن من ضمن الملفات علي الطاولة قضية الطائرة التابعة إلي مصر للطيران طراز إيرباص »320 A» والتي تحطمت في مايو عام 2016، التي أسفرت عن سقوط 66 ضحية منهم 15 فرنسيًا. وأضافت الصحيفة أن اجتماع السيسي وماكرون سيكون فرصة لاستعراض العديد من الإجراءات الأمنية التي حدثت في مصر والمطارات، فضلًا عن متابعة السياحة الفرنسية إلي مصر. وأشارت إلي أنه منذ وصول إيمانويل ماكرون إلي السلطة كانت هناك زيارات مكوكية بين مسئولين مصريين وفرنسيين، وقد زار كل من وزيري فرنسا للقوات المسلحة والشئون الخارجية القاهرة في فترات متقاربة. وذكرت الصحيفة أن فرنسا وقعت العديد من الاتفاقيات العسكرية الشديدة الأهمية مع مصر في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك بيع 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال وفرقاطة متعددة المهام وسفينتين حربيتين ميسترال تقدر بنحو ستة مليارات يورو.