إن مصر الآن تمر بفترة انتقالية بعد ثورة 52 يناير، لقد فتحت ثورة 52 يناير أمام مصر أبوابا تجاه مستقبل مشرق يمتد طويلا، ولكن في الوقت نفسه، مازالت الثورة تمر بفترة المخاض حيث تواجه مصر تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية متعددة. أنا علي يقين من أن الشعب المصري يستطيع التغلب علي كل هذه التحديات، واليابان مستعدة لتقديم تعاون بأقصي حد ممكن. بناء علي هذا الموقف الياباني، زار مصر في يومي السابع والثامن من مايو نائب وزير الخارجية البرلماني السيد توكوناغا وتبادل وجهات ا لنظر حول كيفية التعاون المستقبلي بين مصر واليابان في المقابلات مع الشخصيات الرسمية المصرية، بالاضافة إلي المناقشة الودية في لقاء مع مجموعة ممثلين من مختلف الأحزاب والحركات السياسية وشباب الثورة، ونظرا لنتائج هذه الزيارة تؤكد اليابان علي نيتها في تقديم المساعدات الممكنة والضرورية للعملية الانتقالية الجارية في مصر، حيث ان الوضع المصري لا يقتصر تأثيره علي الحدود المصرية فقط، بل يمتد لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها.. أما في اليابان، لقد ضرب شرق اليابان في 11 مارس زلزال ضخم وصلت قوته إلي 9 درجات بمقياس ريختر، وتسبب هذا الزلزال وما نتج عنه من أمواج التسونامي الكبيرة في موت وفقدان ما يزيد عن 52 ألف شخص.. واليابان معروفة بأنها أرخبيل يقع فوق حزام البراكين والزلازل في المحيط الهادي، وتاريخيا، كان عدد كبير من الزلازل يضرب اليابان وأحدث واحد منها هو زلزال هانشين أواجي الذي وقع في يناير 5991، حيث أودي هذا الزلزال وما تلاه من انهيار للمباني وحرائق بحياة أكثر من 6 آلاف شخص.. أما في الزلزال الأخير فعدد ضحايا أمواج التسونامي التي تسبب فيها الزلزال كان أكبر من عدد ضحايا الزلزال نفسه. في الحقيقة، يقال ان 59٪ من الضحايا سقطوا بسبب الأمواج، وقد تكرر في العالم كله عرض صور الفيديو المسجلة لاجتياح أمواج التسونامي المروعة للمدن الساحلية اليابانية.. وليس فقط زعماء دول العالم بل أيضا أفراد عاديون أظهروا اهتمامهم بما حدث في اليابان وبادروا بالقيام بأفعال ملموسة، في مصر علي سبيل المثال، كثير من الناس- ممثلين من الأحزاب وشباب الثورة وتلاميذ للمدارس الابتدائية وحتي المسنين الذين درسوا في اليابان بفترة من الفترات- قاموا بزيارات للسفارة لتقديم العزاء في الضحايا وتقديم التبرعات للمتضررين في المناطق المنكوبة، وهنا أكرر لهم التعبير عن خالص شكري وتقديري. صحيح أن اليابان ابتليت بخسائر كبيرة من جراء هذه الكارثة، إلا ان اليابانيين يتصرفون بالهدوء والثبات لقد انتهي اصلاح الطرق السريعة وخطوط قطار الشينكانسن »أسرع نوع من القطارات اليابانية« والمطارات الاقليمية المدمرة وغيرها، وبدأت عمليات إعادة الاعمار في المناطق المتضررة، مثل بناء المساكن للمشردين وإحياء الأنشطة الصناعية وغير ذلك.. حادثة محطة فوكوشيما داينيتشي للطاقة النووية أقلقت الشعب الياباني وشعوب العالم أجمع، إن اليابان تقوم ببذل كل ما بوسعها للسيطرة علي الوضع، فاستقبلت اليابان وفدا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخبراء الطاقة النووية من أمريكا وكوريا الجنوبية، وروسيا وفرنسا، بالاضافة إلي توفير معلومات واضحة للعالم عن المستجدات بقدر المستطاع.. وهناك نقطة يجب ان أوضحها لكم بخصوص حادثة محطة فوكوشيما داينيتشي بالمقارنة مع حادثة تشيرنوبل: إنه لم يكن هناك أي شخص توفي بسبب التسرب الاشعاعي وحده حتي الآن، وكان من المؤسف الشديد حدوث انفجار هيدروجيني وحرائق وتسرب للمواد الاشعاعية في الهواء والبحر، إلا انه لم يصل كل هذا إلي الدرجة التي تسبب اضرارا صحية للبشر في الحال.. في بعض الأحيان أتلقي سؤالا من المصريين عما يمكن ان يساعدوا به اليابان. اجابتي علي هذا السؤال: إن اليابان ستظل دولة ترحب بالأنشطة التجارية الدولية والسياحة فأتمني ان تواصل مصر أنشطتها التجارية مع اليابان ويستمر توافد الأفراد بين البلدين بصورة طبيعية، وبهذا الصدد، مصر تقوم حاليا بحظر استيراد جميع المنتجات الغذائية اليابانية وامتدت هذه الاجراءات لتمس حتي بعض المنتجات الصناعية، ولكن الحقيقة ان اليابان تطبق بالفعل اجراءات مراقبة صارمة علي المنتجات الغذائية، لذلك جميع المنتجات الغذائية اليابانية الموجودة في الأسواق آمنة تماما سواء كانت رائجة في الأسواق المحلية اليابانية أم مجهزة للتصدير، أما المنتجات الصناعية فإنه يتم تصنيعها داخل مباني المصانع والحفاظ علي سلامتها باجراءات دقيقة، بهذه الخلفية، المنتجات الصناعية أيضا آمنة تماما، وأتمني من الحكومة المصرية رفع حظر الاستيراد المطبق حاليا. وعليه، اتطلع إلي ان تبقوا علي موقفكم الطيب تجاه اليابان وشعبها. إن كلا من اليابان ومصر تقفان علي أعتاب مرحلة مهمة يجب ان تتغلبا فيها علي الصعوبات لكي تفتحا عصرا جديدا واعتقد ان دورنا هو القيام بهذه ا لمهمة بكل ما بوسعنا.