حبها لمصر دفعها أن تسعي لتستكشف كل شبر فيها وتدعو الناس لاستكشافها معها، ولا تكتفي بزيارة الأماكن السياحية المعروفة بل تنظم رحلات لقري مصر المنسية والأماكن الأثرية التي لم ترها أو حتي تسمع عنها يوما، هي ندي زين الدين ذات ال 26 عاما صاحبة مبادرة »يلا نتعرف علي مصر» التي بدأت علي موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك بمجموعة تضم أهلها وأصدقاءها فقط وأصبحت الآن تمتلئ بالآلاف من الأعضاء المصريين والأجانب. »بعيدًا عن أي كلام في السياسة أو أي حاجة تضايق.. تعال شوف بلدك» هو العنوان الذي اختارته ندي لمجموعتها علي الفيس بوك والذي استطاع في فترة قصيرة جدا أن يصبح هدفا للعديد من زوار المجموعة، ندي تخرجت في كلية الآداب قسم الجغرافيا بجامعة عين شمس، كما حصلت علي درجة الماجستير في عام 2016 وهي تحضر حاليا للدكتوراة وتترأس قسم ال GPS في الهيئة المصرية العامة للمساحة. وتقول ندي عند التحاقي بقسم الجغرافيا بكلية آداب تخصصت في النظم والمعلومات الجغرافية وكان القسم ينظم رحلة في نهاية كل عام دراسي واشتركت ذات مرة في رحلة بطول البحر الأحمر من السويس شمالًا وحتي حلاليب في آخر نقطة بمصر وأذهلتني المناظر الخلابة التي رأيتها وكيف أن هناك ملايين من المصريين لا يدرون عنها شيئًا ومن هنا قررت الفتاة العشرينية أن تصبح سفيرة لجمال مصر. وتكمل عقب تخرجي والتحاقي بالعمل في الهيئة المصرية العامة للمساحة قامت ثورة يناير 2011 ولمست الإحباط واليأس في عيون أغلب الناس بل ورغبة البعض في الهجرة وأخذت استرجع ذكريات رحلاتي وصوري بالكلية وكم الجمال الذي تتمتع به مصر ولا نشعر به ومن هنا قررت أن أجعل الناس تنظر لبلادهم بطريقة مختلفة فأنشأت الجروب علي الفيس بوك في عام 2014 تحت هدف »تعالوا نتعرف علي مصر» وعرضت به صوري وأسماء الأماكن التي زرتها أثناء الدراسة ووجدت أن أغلب التعليقات إيجابية ويستفسر أصحابها عن كيفية الوصول لتلك الأماكن وتكاليف زيارتها وهنا قررت أن أحول هدفي لمشروع ملموس فأجريت بعض الاتصالات مع رؤساء عدة محميات طبيعية ونظمت أول رحلة لوادي دجلة في شهر أبريل 2014 ومنذ بداية مشروعي وحتي الآن أحرص أن يكون اشتراك الرحلة رمزياً يغطي تكاليفها فقط رغم انتقاد البعض لي بسبب ذلك إلا أنني لن أسمح بأن يجرفني أي شيء بعيداً عن هدفي وهو أن يعرف كل شخص بلده ويراها كما لم يشاهدها من قبل بعيدا عن الربح المادي وتوالت رحلاتي بعد ذلك وكان مقصد الرحلة الثانية وادي الحيتان. وتقول ندي: »أنا محظوظة بأهلي بالدعم النفسي والمعنوي الذي يقدمونه لي فلم يعترض والدي أو والدتي علي سفري بمفردي أبدا وساعدوني كثيرا كي لا يؤثر نشاطي علي عملي والماجستير والدكتوراة، وأمي رافقتني في رحلتي سيوة والنوبة واستمتعت جدا بها وبالجو العام الملئ بالمرح والاحترام، أما والدي فهو دائم البحث عن الأماكن التي لا يعرفها أحد ويحثني علي تنظيم رحلات لها، ولو أن أهلي اعترضوا من البداية أو التفتوا للمقولات المأثورة إزاي بنت تسيبوها تسافر وتروح وتيجي مكنتش حققت حاجة». وتوضح أنها تشارك في العديد من الندوات بساقية الصاوي مع مجموعة من الرحالة إلا أنها الوحيدة التي كانت رحلاتها كلها داخل مصر وتشارك حاليا في حملة تحت عنوان »سافر» لتشجيع الشباب لتغيير نمط خروجاتهم واستكشاف أماكن جديدة داخل مصر بل وداخل القاهرة ذاتها بنفس التكلفة، كما تعمل مع اليونسكو منذ ثلاثة أشهر في مشروع لتوثيق الأماكن الاثرية. وتقول ندي إن الإعلان والاشتراك في أي رحلة يكون من خلال event علي الجروب الخاص بها علي الفيس بوك، وأنها نظمت حتي الآن 78 رحلة أبرزها مدينة سيوة بكفر الشيخ وهي مدينة أثرية تسمي بمدينة المساجد ورشيد بالبحيرة والقصير وسفاجة والنوبة وأخميم بسوهاج، أما داخل القاهرة فأبرز الرحلات كانت لحارة زويلة وبها أقدم كنيسة زارتها العائلة المقدسة والسيدة مريم. وتؤكد ندي أن المشروع الجميل الذي يجتذب آلاف الشباب يوميا ويعرف الكثيرين علي ما لم يخطر علي بالهم يوميا من جمال وأصالة وتاريخ مصر العريق يقابله عقبة خطيرة وهي أن بعض الأماكن من الصعب جدا الحصول علي تصاريح لزيارتها من المجلس الأعلي للآثار بالعباسية بسبب عدم تعاون بعض موظفيه لسبب غير معلوم ورفضهم حتي رفع الأمر وعرضه علي الوزير. وتوضح أن عدد البنات والسيدات اللاتي اشتركن في الرحلات كبير جدا ومن كل الأعمار، لافتة إلي أنها مازالت تنوي تنظيم المئات بل الآلاف من الرحلات لمناطق كثيرة منها جبل علبة بحلايب وهضبة الجلف الكبير بجنوب غرب الصحراء الغربية، كما تتمني أن يتم عمل أفلام وثائقية تضم صورا وفيديوهات لكل تلك الأماكن بكل لغات العالم لنروج لمصر سياحيا بطريقة جذابة وجديدة. وتقول ندي: » بعض الأجانب ممن شاركوا في رحلاتي أحبوا الأماكن التي زاروها جدا لدرجة أن بعضهم قرر الاستقرار بمصر». وتقول ندي زين الدين إن أحلامها ليس لها حدود فهي الآن تسعي لتنظيم حملات لتنظيف الأماكن الأثرية خاصة المساجد لاجتذاب المزيد من الزوار المصريين والأجانب، كما نظمت رحلات للعديد من الجامعات والمدارس منها جامعة القاهرة وكانت الرحلة لمجمع الأديان، وتكمل أن ردود الأفعال الإيجابية هي التي جعلتها تستمر فقول أحد الأشخاص المشاركين في رحلاتها لها إنها قدمت له بلداً جديداً لم يكن يعرفه هو ما جعلها تكمل طريقها وتسعي لأن يصل ذلك لكل فرد في المجتمع المصري.