مجلس شباب مصر الثورة لهذه الأسباب.. أدعو إلي تحويل المجلس القومي للشباب إلي گيان تتوحد داخله تنظيمات الثوار الشبان أحد الأعضاء الأربعة عشر بالمجلس القومي متهم بالتورط في مذبحة شباب الثورة بموقعة الجمل! قلت من قبل إن هذا الجيل من الشباب، أكثر وعيا من جيلي والأجيال السابقة، وأشد منها اعتداداً بنفسه. فقد كان والدي يقول لجدي: آمين. وكنت أقول لأبي علي مضض: حاضر. أما ابني فأحيانا يسألني: لماذا؟!، وغالبا يقول: لا! لذا لم أستغرب أن يكون الشباب هم طليعة الشعب في ثورة يناير، ومع ذلك فاجأتني كل هذه الجسارة التي أبدوها خلال أيام الثورة، وكل هذا الإصرار الذي عبروا عنه في الشهور التالية. غير أني أخشي علي شبابنا الذين أعادوا اكتشاف روح الأمة، وأعدنا نحن اكتشافهم داخل أنفسنا. أخاف عليهم منا ومن أنفسهم. أشد ما يؤرقني، وهناك الكثير مما يستدعي القلق، هو أن نترك أروع مكاسب ثورة يناير، وأغلي مقتنيات الوطن، وهو طاقة الشباب الهائلة، وقلوبهم الخضراء العامرة بعشق الوطن، ونقاؤهم الثوري، وإخلاصهم غير المحدود، يذهب هدراً ويتبدد هباءً. يزعجني كثيراً أن يزاح شبابنا الذين غيروا حاضر الأمة المرير، بعيدا عن المشهد. فليس من طبائع الأشياء أن ينفرد بوضع المستقبل، من سوف يكون حينما يأتي الغد، ذكري من الماضي. ويزعجني كثيراً أن يُنحي الثوار، ليتقدم جامعو الغنائم، وأن يتواري الثوار، ليتصدر عشاق الأضواء والميكروفونات والكاميرات. ويزعجني أكثر أن ينقسم شباب الثورة، إلي فرق وشيع وأحزاب، في وقت نحن أحوج ما نكون إلي اتحادهم، وأن تضعف مناعتهم مبكرا أمام ڤيروسات السياسة وأمراضها الخبيثة، فيتحول الثوار الذين وحدتهم المصلحة العليا، إلي ساسة يتناحرون من أجل مصالح ضيقة.
في الأسابيع الماضية.. صارحت بمخاوفي مجموعات من شباب الثورة كنت ألتقيهم في جريدة »الأخبار«، أو في محافل ومنتديات، والتقت رؤانا علي ضرورة توحيد اتحادات وائتلافات وجماعات الثوار الشبان في كيان واحد يجمعهم. واقترحت عليهم أن يكون هذا الكيان هو المجلس القومي للشباب. وفي الأيام الأخيرة.. زادت مخاوفي، عندما لاحظت أن العمل الجبهوي الشبابي الذي عبر عن نفسه أولاً في ساحة الفضاء الالكتروني، ثم في ساحات الميادين الكبري بالعاصمة والمحافظات، وأظهرها ساحة ميدان التحرير، صار أعمالاً متعارضة ومواقف متصادمة، ونحن مازلنا في قلب حالة التغيير الثوري. وطرحت من جديد فكرة الكيان الجامع لكل فصائل شباب الثورة، وأظنها لقيت ترحيبا، يتطلب فعلاً جاداً من جانبهم، وقراراً حكومياً عاجلاً.
باختصار.. المجلس القومي للشباب الذي تأسس في عام 5002، كوريث لنصف تركة وزارة الشباب و»الرياضة«، هو كيان حكومي يتبع رئيس مجلس الوزراء ويشرف علي قرابة ثلاثة آلاف مركز شباب، تغطي كل مدن الجمهورية وقراها »تقريبا«. يترأس هذا المجلس مسئول بدرجة وزير هو د.صفي الدين خربوش الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ويضم المجلس الآن 41 عضواً، عينهم رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف »بالأحري عينهم جمال مبارك« وغالبيتهم من قيادات الحزب الوطني الديمقراطي بل إن أحدهم متهم بالتخطيط والتدبير لموقعة الجمل التي استهدفت قتل شباب الثورة! ربما يكون المجلس القومي للشباب قد حقق انجازات بيروقراطية في تحسين أوضاع بعض مراكز الشباب من حيث البنية الأساسية وتحديث المباني. لكنه بالقطع فشل بامتياز في توظيف طاقة الشباب والتعبير عنهم، لأنه كان يعمل تحت مظلة نظام نجح بامتياز في إهدار طاقة الأمة، فضلا عن كرامتها! اقتراحي تحديداً يقوم علي دعوة تنظيمات شباب الثورة، إلي اجتماع لاختيار ممثلين لكل جماعة واتحاد وتنظيم بواقع خمسة أفراد من كل منها، يمثلون في مجملهم مؤتمراً عاماً أو جمعية عمومية، ينتخب منها 41 عضواً، يصدر بهم قرار من رئيس الوزراء لتعيينهم كأعضاء مجلس إدارة للمجلس القومي للشباب، الذي أقترح تغيير مسماه إلي مجلس شباب مصر. ويمكن بعد ذلك تشكيل مجالس إقليمية للشباب بكل محافظة، بحيث يعاد انتخاب مجالس إدارات مراكز الشباب في المحافظات بصورة ديمقراطية نزيهة غير تلك التي كانت تشهد تدخلات من الأمن وضغوطاً من الحزب الوطني، علي ان يتشكل مجلس لشباب كل مدينة من رؤساء مراكز الشباب، ومجلس اقليمي لشباب المحافظة من رؤساء مجالس شباب المدن.
القصد من الاقتراح هو الحيلولة دون تفتيت العمل الشبابي، وتشرذم تنظيمات شباب الثورة، وجمعها في كيان قومي يعلو علي الأحزاب والقوي السياسية، يسمح باختلاف الرؤي وتنوع الأفكار، ولا يؤدي إلي بعثرة الجهود وتشتت المواقف. وظني أن توحيد جماعات شباب الثورة في كيان موحد، وتأطير هذا الكيان في المجلس القومي للشباب يحقق أهدافاً عديدة ننشدها ونخشي أن تفلت من أيدينا. أولاً: توحيد أصوات شباب الثورة التي قد تتضارب أصداؤها، في صوت واحد متفق عليه ديمقراطيا داخل المجلس، ولا شك أن هذا الصوت سيكون مسموعاً بوضوح ومؤثرا في صنع القرار. ثانياً: اشراك الشباب فعلاً في رسم مستقبل الوطن، من خلال لجان متخصصة في المجلس »الآن لا توجد به سوي لجنة إعلامية وأخري لتكنولوجيا المعلومات«. مهمة هذه اللجان تحويل المقترحات إلي أوراق عمل ترفع للمجلس الأعلي للقوات المسلحة أو الحكومة، وبلورة الأفكار في مشروعات محددة توضع أمام متخذ القرار. ثالثاً: بث الحيوية في الكيان البيروقراطي للمجلس القومي للشباب، وإعادة توجيه دوره نحو المسار الصحيح وتحقيق أهدافه المنصوص عليها في قرار إنشائه وهي رعاية الشباب وتعظيم دورهم في الحياة العامة وتشجيع العمل التطوعي. رابعاً: قطع الطريق علي القوي المضادة للثورة، التي يشغل بعض قياداتها عضوية المجلس، وتهيمن عناصرها علي أعداد كبيرة من مراكز الشباب في العاصمة والأقاليم، بهدف حرمانها من إعادة تنظيم قواها والاحتشاد للالتفاف علي أهداف الثورة، أو تسديد الضربات لها وسط الأجواء المضطربة للانتخابات البرلمانية المقبلة. خامساً: اجتذاب قطاعات الشباب الصامتة، التي أيدت الثورة بقلوبها، وتعذرت مشاركتها في تظاهراتها لوجودها بقري الريف ونجوع الصعيد، ودفعها إلي العمل الايجابي والمشاركة الفعالة في النهوض بقراهم ومدنهم، وحملات محو الأمية وغيرها، وصولاً إلي كتائب التعمير والخدمة الوطنية بالمشروعات الكبري.
نحن في جريدة »الأخبار« التي أيدت الثورة في بواكير أيامها، وانحازت لمطالبها قبل أن يستبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ندعو كل تنظيمات وجماعات واتحادات شباب الثورة، إلي الاجتماع في دار »أخبار اليوم« المملوكة للشعب والمعبرة عن نبض هذا الشعب، لتوحيد صفوفهم في كيان موحد تحتشد فيه قواهم ويحفظ للثورة وهجها وألقها وقوة دفعها. ولست أظن أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة وحكومة الثورة برئاسة د.عصام شرف، يقبلان بأن يظل المجلس القومي للشباب بعضويته الحالية، في معزل عن شباب مصر وفي القلب منهم شباب الثورة. أليس كذلك؟!