لم أكن أحلم أن أري الشعب الذي أسفت يوما علي سلبيته يثور علي حاكمه. لم أتوقع أن الطاغوت وشلته الجبروت يحاكمون.. يقفون خلف القضبان مذلولين مطأطأي الرؤوس. لم يخطر علي بالي ولو للحظة أن يحاكم رئيس مصر.. ولا يقتل. إلا أن إرادة الله شاءت أن أعيش هذا اليوم المشهود.. وأري الشعب يثور.. ومراكز القوي خلف القضبان.. والرئيس يحاكم. واستوعبت جيداً حكمة الله في بقاء الجائرين الظالمين الذين عاسوا في الأرض فسادا أحياء.. وعلمت لماذا انجاهم من كل محاولات الاغتيال.. وذلك ليجعلهم عبرة لمن يعتبر وعظة وآية. من يتصور أن الشعب الطيب المقهور سيشاهد هذا الموقف المهيب، ليس تشفيا أو فرحا فيهم وإنما قصاصا لما ارتكبوه من إثم عظيم. هذا الشعب الذي خرج محتفيا بعودة مبارك بعد نجاته من محاولة اغتياله في منتصف التسعينيات بأديس أبابا.. فكان جزاؤه مزيدا من التنكيل والظلم.. هذا الظلم الذي رجع إلي فاعله.. فبشعه وقبحه في نفوس الناس فكرهوه. لقد جاء يوم انتصار الشعب.. انتصار الثورة.. وسيادة القانون. يذكرني المشهد الآن.. بما قاله الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه لمبارك عقب عودته من أديس أبابا.. »يا سيادة الرئيس إذا كنت قدرنا فاليوفقنا الله.. وإذا كنا قدرك فليعينك الله علي أن تتحمل«.. وقد صدق الشعراوي.. نعم لقد كان مبارك قدرنا.. ووفقنا الله عليه وعلي ظلمه.