لم يتخلف محمد فوزي، كما هي عادته، عن قضاء إجازته الصيفية في مصيف رأس البر، لكنه أضطر هذا العام، إلي قضاء أغلب وقت الإجازة علي الشاطئ، ولم يختلط جسمه بالماء إلا أوقاتا محدودة جدا، خوفا من أن ينزل إلي البحر، فيعود بلسعة قنديل. وشهدت رأس البر في موسم الصيف هذا العام ظهور قناديل البحر البيضاء، والتي رغم قلتها، إلا أنها موجودة. ويقول فوزي: »احتمال الإصابة باللدغة، يقضي علي متعة النزول إلي مياه البحر، حيث سأشعر مع كل جسم غريب يقترب مني، كأكياس البلاستيك مثلا، أني وقعت ضحية لهذا الحيوان المزعج». وبذلت مدينة رأس البر جهودا لإعادة المتعة إلي مياه البحر بتكثيف عملية اصطياده، كما تكثف من توعية المصطافين بأن النوع الأبيض من القناديل غير سام ولا يستدعي كل هذا القلق، إلا أن وليد الشهاوي، نائب رئيس مجلس المدينة، يؤكد أن القلق عدو الاستمتاع. ويقول الشهاوي: »رغم ما كل ما بذل، وتأكيدنا علي أن مصيف رأس البر هو الأقل من حيث ظهور القناديل البيضاء، إلا أن القلق من اللدغة يسيطر علي المصطافين ويؤثر علي نزولهم المياه». ولا تحتاج مدينة بورسعيد إلي بذل ذات الجهود التي قامت بها مدينة رأس البر، ذلك لأن القناديل ظاهرة قديمة تتجدد كل عام، كما يؤكد محمود محمد، أحد أبناء المدينة. ويقول محمد بثقة بدت واضحة في كلامه: »أزور الشاطئ بشكل يومي للاستمتاع بالمياه، ولا تحرمني القناديل من ذلك، فالنوع الأبيض المنتشر هذا الموسم لسعته بسيطة ويمكن تحملها وتختفي إذا غسلت مكان الإصابة بالماء، أما النوع الذي يسبب الآلام فهو غير موجود هذا العام». ويكشف كلام محمد رغم إيجابيته عن تواجد كثيف لقناديل البحر في شواطئ بورسعيد، لم ينكره المهندس كامل أبو زهره السكرتير العام للمحافظة، والذي فاجأنا بقوله إنهم يفكرون في الاستفادة منها بشكل اقتصادي. ويضيف أبو زهرة: » سنتعاون مع جامعة بورسعيد في بحث كيفية الاستفادة من القناديل في بعض الصناعات الكيماوية». ما تسعي بورسعيد إلي تنفيذه سبقتها إليه مدينة العريش، والتي احتضنت علي أرضها في الأعوام الماضية شركة صينية، كانت تقوم بتجميع قناديل البحر لتصديرها للصين، واستخدامها في بعض الصناعات الكيماوية. ويقول عبد الله الحجاوي، إن هذه التجربة كانت ناجحة بكل المقاييس بيئيا واقتصاديا، وخلصت شواطئ العريش من القناديل، وحولتها من مصدر إزعاج إلي مصدر دخل. ولاتزال المدينة تعيش علي ذكريات الأعوام الماضية، فتحول القنديل بالنسبة لسكانها من عدو إلي صديق، وهي الحالة التي لم يشعر بها مصطافو الأسكندرية والساحل الشمالي، لأنهم لم يتعودوا علي رؤية الكم الكبير من القناديل الذي ظهر هذا العام. ويبشر د.جاد القاضي، رئيس المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد السمكية، محبي الأسكندرية والساحل، بأن ظاهرة القناديل البحرية الضخمة انحسرت، وتكاد تكون قد انتهت. وقال إن فرق البحث العلمية رصدت اختفاءها علي خط الساحل، بينما لايزال متبقياً بعضها في منطقة جمصة. وأضاف أن معظم القناديل تعرضت للهلاك سواء بسبب اصطياد المصطافين لها، أو افتراس الأسماك الأكبر للعديد منها.