وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات ويوجه بمتابعة جميع الأنشطة الدعوية والقرآنية    «شعبة الأسماك»: 50% ارتفاعًا بسعر الفسيخ عن العام الماضي.. والإقبال أقل من المتوقع    محافظ قنا يتفقد مزرعة الخراف لطرحها للبيع قبل عيد الأضحى    أبرز مستجدات إنشاء وتطوير الموانئ لتحويل مصر لمركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت    الري تفتح الحدائق والمزارات أمام المواطنين في احتفالات شم النسيم    أحمد إمام يفوز بعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة    الأنباء الفرنسية: إسرائيل تقصف منطقتين طالبت بإخلائهما في رفح الفلسطينية    افتتاح دار واحة الرحمة في العاصمة الإدارية (صور)    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    رقم خرافي.. عرض قطري ضخم ل"علي معلول" يقربه من الرحيل عن الأهلي    فان دايك يكشف موقفه من الرحيل عن ليفربول نهاية الموسم    زياد السيسي يحقق ذهبية تاريخية لمصر في بطولة الجائزة الكبرى للسلاح    مع شم النسيم.. ضبط محل بحيازته سجائر أجنبية غير مصرح ببيعها بالإسكندرية    10 تعليمات من تعليم القاهرة لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي قبل الامتحانات    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث بالوادي الجديد    تعرف على إيرادات فيلم السرب ل أحمد السقا في خامس أيام عرضه    كيف دعم تركي آل الشيخ صديقه محمد عبده بعد إعلان إصابته بالسرطان؟    6 مشروبات مهمة يجب تناولها عقب وجبة الرنجة والفسيخ في شم النسيم    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    معهد أمراض العيون: استقبال 31 ألف مريض وإجراء 7955 عملية خلال العام الماضي    حبس المتهمة بقتل زوجها بسبب إقامة والده معها في الإسكندرية    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    وزير الشباب يشهد "المعسكر المجمع" لأبناء المحافظات الحدودية بمطروح    «الصحة»: إجراء 4095 عملية رمد متنوعة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    "دور المرأة في بناء الوعي".. موعد ومحاور المؤتمر الدول الأول للواعظات    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    أسهلها الدفع أونلاين.. تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات لكافة المحافظات (تفاصيل)    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    5 ملفات تصدرت زيارة وفد العاملين بالنيابات والمحاكم إلى أنقرة    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    مفاجأة.. فيلم نادر للفنان عمر الشريف في مهرجان الغردقة لسينما الشباب    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    زيادة قوائم المُحكمين.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    طارق العشرى يُخطط لمفاجأة الأهلي في مواجهة الثلاثاء    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    الرئيس الصيني: نعتبر أوروبا شريكًا وتمثل أولوية في سياستنا الخارجية    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    الشرطة الأمريكية تقتل مريضًا نفسيًا بالرصاص    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    رئيس لجنة الدينية بمجلس النواب: طلب المدد من ال البيت أمر شرعي    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد الأسبق في حوارعن الماضي والحاضر والمستقبل:
مبارك قال لي حين اختلفت معه: ماتيجي تقعد مگاني! قدمت استقالتي من الوزارة فانزعج الرئيس السابق
نشر في الأخبار يوم 27 - 04 - 2011

د. سلطان أبو على أثناء حديثه مع حنفى المحلاوى في ظل الأحداث المتلاحقة التي تعيشها مصر بعد ثورة شباب يناير، وفي ظل ما يتم الكشف عنه في كل لحظة من قضايا فساد سواء في حياتنا السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، لم يعد هناك متسع كبير من الوقت لأجل الوقوف علي بعض ملامح هذه الشخصية أو تلك من الذين نلتقي بهم لاجراء هذه الحوارات.. وبالتالي نعتمد علي مجريات هذه الأحداث التي اصبحنا نستمد منها معظم ما يجب ان نناقشه مع ضيوفنا..
وأنا شخصيا وعلي مدي أكثر من شهرين، استخدمت هذه الطريقة إلا في حالة هذا الحوار الجديد والذي نجريه مع شخصية اقتصادية كبيرة مثل الأستاذ الدكتور سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الأسبق.
إذ لجأت إلي أوراقي الخاصة والتي استعنت بها من الأرشيف لأجل الوقوف علي أبعاد هذه الشخصية وانجازاتها وحقيقة ماكان يتردد بشأنها وبشأن دورها في حياتنا الاقتصادية وما ارتبط بأسباب استقالته كوزير، وتأثير هذه الاستقالة بل وردود أفعالها.
وعندما أخذت في تقليب ما جاءني من قصاصات وأوراق مصدرها الأرشيف.. فوجئت بحقائق ومواقف وكلمات كتبها الدكتور سلطان في مقالات عديدة.. وقد بشر من خلالها بثورة الشباب واسبابها ودوافعها، مما زادني رغبة واحساسا بضرورة مقابلته شخصيا ومناقشته للوقوف علي هذه الآراء.
وعلي الفور اتصلت به تليفونيا.. ولما عرف مني سبب المقابلة بادرني بقوله: كفانا كلام.. عايزين عجلة التنمية تعود للدوران، ولما اخبرته بأنني في هذا الحوار سوف اتناول وجهات نظره في كيفية إعادة دوران عجلة التنمية باعتباره فقهيا وخبيرا اقتصاديا عربيا ودوليا رحب واتفقنا علي أن يكون اللقاء في منزله بمصر الجديدة.. وبالفعل تقابلنا وبعد كلمات ترحيب قليلة بدأت إجراءات سير هذا الحوار الذي نقلته هنا وبكل دقة.. وإليكم التفاصيل
سيادة الوزير عندما حدثتك تليفونيا لاجراء هذا الحوار أخبرتني.. كفاية كلام وعلينا أن نعمل.. لماذا؟!
إن الثورة الباهرة التي فجرها الشباب إنما هي حدث عظيم للغاية وقد أفلحوا فيما لم نفلح فيه نحن الكبار والشيوخ.
ولماذا؟!
لأننا كشيوخ قد اصابنا العجز!
نريد تفاصيل أكثر من ذلك؟
ألديك أنت هذه التفاصيل.
إنني قرأتها في عينيك.. فما هي؟!
إن هذه الثورة اعتبرها باهرة بالطريقة التي نفذت بها ثم انقاذها مصر من التدهور الذي كان جاريا خلال سنوات طويلة!
سيادة الوزير نعود لنسأل.. لماذا قررت ألا تتكلم في مقابل ان نعمل.. لماذا؟
لأننا الآن في مصر نعيش في أزمة.. ونرجو ألا تتطول المدة عن 5 سنوات وربما 3 سنوات وكل ذلك يتوقف علي ما سوف نفعله المهم نحن في أزمة وإن شاء الله سوف نعبرها بسلام.. ثم بعد ذلك أري ان مستقبل مصر باهر.
وما هي أهم ملامح هذه الأزمة؟!
مواصلا حديثه: أنا سوف أقول لك.. ان المستقبل في مصر بالفعل سيكون باهرا.. بما يمكننا من استعادة مكانتها بين الدول سواء عربيا أو أفريقيا أو دوليا.. وأن نحسن من مستوي المعيشة ومتانة الاقتصاد، بحيث نحتل المكانة المفترض ان تليق بها مصر بين الأمم.. وسوف اقول لك أولا كيف نصل إلي هذا الطموح؟ إنما أعود أقولك إننا في الفترة الحالية في أزمة.. وهذا شئ طبيعي وكثيرا ما يحدث ذلك بعد الثورات.. ودعني امثل لك ما حدث بالضبط.. لقد كنا في قمقم.. وجاءت الثورة التي أزاحت غطاء هذا القمقم.. وبالتالي ينتج عنه ثورة وحالة فوران ومطالب ورغبات، سواء من جانب الأفراد أو الجهات.. اضافة إلي ان هناك بعض الأطراف الأخري التي تركب هذه الموجة من أجل الحصول علي مكاسب وحتي لو لم تكن له مبررات! أضف إلي ذلك كثرة الكلام وظهور الفتاوي التي اصبحت لا أول لها ولا آخر، والتي لا هدف لها إلا ادعاء البطولات خلال الفترة الماضية.. وجزء ثالث مهم جدا وهو بلبلة الثورة المضادة! إنه يوجد بالفعل ثورة مضادة.
ولماذا ثورة مضادة؟ »سؤال للدكتور سلطان نفسه«
إن ما سوف اقوله لك ليس علي سبيل التخمين، ذلك لان من طبيعية الاشياء انه قبل حدوث الثورة كان هناك من يستفيدون من النظام الفاسد السابق، وبالتالي فإن ثورة الشباب الباهرة والتي قامت من أجل محاربة هذا الفساد والمطالبة بالعدالة.. وبالتالي هذه المطالب تتعارض مع الفاسدين من المنتمين للنظام السابق، فهل هؤلاء سوف يسكتون ويستسلمون.. لا طبعا.. هؤلاء الذين سوف يحاولون إثارة بلبلة وأحاديث كثيرة للتشويش ومحاولة إجهاض هذه الثورة.
حين نعود للحديث عن الأزمة التي ذكرتها، ونسأل عن ملامحها مرة أخري.. ماذا تقول؟!
الأسباب
هناك عدة جوانب لهذه الأزمة، وأولها هو تبخر الشرطة واختفاء رجالها!.. وبالتالي أحدث ذلك عدم استقرار أمني وهذه قضية مهمة جدا، ذلك لأن الأمن كان قد اختفي مع انه بدأ يعود مرة أخري ولكن لم يعد بالدرجة التي كان عليها من قبل.. وثانيا انخفاض الطاقات الانتاجية.. وترتب علي ذلك ارتفاع معدلات البطالة، ثم اضيف إليها المصريين الذين عادوا من ليبيا.. وهذا يهدد لا قدر الله إذا استمر الوضع علي هذه الحالة بحدوث أزمات في السلع وفي الخدمات وبالتالي يهدد المجتمع، أما رابعا: فهو الاستثمار وكنتيجة لهذه الثورة حدث نوعان من الأزمة.. أولا في الجانب الأجنبي ذلك لأنه من الطبيعي وفي الثورات يحدث نوع من عدم الطمأنينة لدي المستثمر الأجنبي أما علي المستوي المحلي، وأنا اعتقد ان هذا النوع من الاستثمار قد قل ايضا والأهم من ذلك.. العنصر النفسي.. وعدم الطمأنينة حيث اصبح هناك ما نسميه بنوع من التربص والانتقام من الناس.. واضافة إلي ما سبق من ملامح هذه الأزمة.. هناك ايضا الاحتقان الطائفي بين المسلمين والاقباط.. وعلي فكرة كنت قد كتبت ومنذ عامين مقالا بعنوان: »ناقوس إنذار من الفوضي المدمرة«!
ناقوس الانذار
دعنا نتوقف هنا لحظات ونسألك.. ما هي الدوافع التي جعلتك تدق ناقوس الانذار منذ عامين؟!
للأسباب التي ذكرتها حينذاك في المقال المشار إليه.
وما هي؟!
إنها 3 أسباب: الأولي هي استقرار الرئاسة واستمرارها! إذ أن الرئيس السابق كان قد بلغ من العمر عتيا.. والاعمار بيد الله والموت حق علينا.. ولكن إذا ما حدث أمر الله ورحل؟ فماذا سيحدث؟ ربما تكون هناك ترتيبات سرية.
وبعيدا عن هذا السبب.. ماذا كان عن احساسك الشخصي فيما يدور داخل مؤسسة الرئاسة سواء من حيث الاستمرار أو عدمه؟!
ليس مؤسسة الرئاسة فقط إن المناخ العام في الفترة الأخيرة.. كان يسوده نوع من الفساد الذي سببه الأول هو سيطرة رأس المال علي الحكم وهذا ما نسميه باختلاط رجال الأعمال بالسياسة مما يتسبب في افساد رجال الأعمال وافساد السياسة ايضا.. وانا من قبل ذلك.. ولعلك تعلم انني قد استقلت من منصب الوزارة، ليس لاسباب شخصية ولكن لاختلال السياسات التي كانت تطبق آنذاك.
إذن لقد كانت استقالة مسببة؟!
طبعا.. لقد قلت في اسبابها أنه لا توجد سياسة موحدة تنتهجها الحكومة وليس هناك مهندس للسياسة الاقتصادية.
قصة الاستقالة
وكم قضيت من السنوات في هذا المنصب؟!
أنا دخلت أولا هيئة الاستثمار.. وقتها كان هناك احتقان شديد في مناخ الاستثمار.. حدث ذلك في أغسطس عام 4891 ثم عينت في 13 مارس 5891 وزيرا للاقتصاد والتجارة الخارجية في وزارة كمال حسن علي.. ثم استقالت الوزارة في سبتمبر من عام 5891 وتم تكليف الدكتور علي لطفي بتشكيل الوزارة، وظللت بها إلي ان اقيلت الوزارة في أواخر نوفمبر عام 6891.
وهل قدمت استقالتك قبل إقالة وزارة الدكتور علي لطفي؟!
قدمت استقالتي قبل اقالة الوزارة.. بالضبط يوم 2 نوفمبر عام 6891 ومسببة وارسلتها إلي رئيس الجمهورية وكنت من قبل قد قدمتها لرئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت د. علي لطفي.. ولكنهم طلبوا مني ان أسحبها حتي لا أكون سببا في إثارة المشاكل مع الوعد بأنه سيتم تعديل ما أراه.. ثم عدت مرة أخري في 2 نوفمبر وفي اجتماع برئاسة مبارك في ذلك الحين مع مجموعة مصغرة من الوزراء، قدمتها ايضا، وكنا نناقش قضايا التعليم ومشاكله حيث آثار مبارك انخفاض مستوي التعليم في مدارسنا عن المدارس الأوروبية والأجنبية، فرددت عليه ان ذلك سببه قلة الامكانيات وانخفاض ميزانيات التعليم.
ردود الأفعال
وهل كانت لديه ردود أفعال؟!
طبعا احتد بشدة.. وقال لي ماتيجي تقعد مكاني! عندئذ قلت له إنك صحيح رئيسنا ولكن من واجبنا كوزراء ان نقول لك الحقيقة وما نراه هو الصحيح، وأنت صاحب القرار و لما انتهي هذا الاجتماع أخرجت استقالتي القديمة وأرفقت بها خطابا أرسلته مع الاستقالة إلي الدكتور مصطفي الفقي وكان آنذاك سكرتير الرئيس للمعلومات وهو شاهد علي هذه الواقعة، عندئذ طلبني وأخبرني بأن مبارك منزعج جدا من الاستقالة.. فقلت له بأنني في أول مقابلة لي مع مبارك أخبرني بأن الوزير السابق للاقتصاد دوخه حتي قدم استقالته فما كان مني ان أبادر بهذه الاستقالة، ليس ذلك فقط بل طلب مني الدكتور الفقي الاستمرار في منصبي بناء علي توجيهات مبارك.
وهل هذه كانت أول مرة تلتقي فيها مع مبارك؟!
تقصد حين استقلت.. لأ.. تقابلنا كثيرا المهم انه تمت دعوتي لاجتماع مجلس الوزراء بعد هذه الواقعة.. فرأيتها فرصة كي اتقدم بالاستقالة مرة ثالثة!.. وعرفت في هذا الاجتماع أنه تم إقالة كل الوزارة!! وعايز أقولك ان مبارك انزعج جدا من هذه الاستقالة.. ولكن والحمد لله فقد دخلت الوزارة في أوضاع صعبة وكان هدفي الخدمة العامة وليس لي أي هدف آخر.
ولماذا انزعج مبارك في تصورك من استقالتك؟!
أزعجته لأن في ذهنه انه كان الآمر الناهي وهو المعطي والمانع ولا يجوز أن يهجره أحد.. وقد رأي انني بهذه الاستقالة قد هجرته وبالتالي خرجت عن القاموس!! وكان من نتيجة هذا الغضب انه لم يعرض علي أي منصب بعد خروجي من الوزارة أو وظيفة وبات ذلك كأنه نوع من العقاب، واكثر من ذلك كنت لا أود أن اعود إلي الجامعة للتدريس بها لولا المكالمة التي تلقيتها من الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق وكان صديقا لي من أيام الجامعة والذي أعادني إلي الجامعة مرة أخري.
هل نعتبر ان الأستاذ الدكتور سلطان أبوعلي كان هو أول وزير يقدم استقالته ولا يقال.. أم ماذا؟!
اعتقد ذلك.. بل لاحظت ان هناك بعد ذلك أقدم آخرون علي هذه الخطوة مثل الأخ فؤاد سلطان الذي أخبر مبارك بانه سوف يستقيل اعتراضا علي عدم تنفيذه سياسته- عندئذ وكما قال لي.. فإن مبارك رفض بشدة.. مؤكدا له علي انه لن يسمح بعد ذلك لأحد من الوزراء أن يستقيل! لأنه يقبل ولا يقبل الاستقالة!!.. وبالتالي لم يتقدم أحد من بعدي علي ما أذكر باستقالته حتي فترة طويلة.. وعلي فكرة إن لي مواقف معارضة كثيرة لأوضاع لم أكن أرضي عنها حتي عندما كنت في الجامعة، هذه الاعتراضات وصلت في بعض الأحيان إلي ساحة القضاء، وكنت وقتها رئيسا لقسم الاقتصاد بكلية التجارة.. وفي عام3891 وكان الدكتور مصطفي السعيد وزيرا للاقتصاد، قد عرض عليّ أن أتولي رئاسة مجلس ادارة بنك التنمية الصناعية فرفضت من أجل ان اتفرغ للجامعة، ولما اعيد تشكيل الوزارة أعاد علي عرضه السابق، إلا أن الدكتور كمال الجنزوري وكان وقتها وزيرا للتخطيط أخبرني بأنه سيتم فصل التخطيط عن الاستثمار وانه يقترح عليّ رئاسة هيئة الاستثمار، فأخبرته بما حدث بيني وبين الدكتور مصطفي السعيد، وطلبت ضرورة اتفاقهما علي المنصب المناسب لي، فاحتكموا لرئيس الوزراء في ذلك الوقت وهو كمال حسن علي الذي طلب مني أن أتولي هيئة الاستثمار: ولولا ذلك، لما كان لي أية علاقة لا بحزب ولا بأية أجهزة، ولم التق ذلك الحين بمبارك الذي طلب ان يلتقي بي من أجل عمل كشف هيئة!!
كشف هيئة
كشف هيئة.. كيف؟ ومتي؟!
حدث ذلك كما قلت قبل ان أتولي رئاسة هيئة الاستثمار وبالفعل قابلته مع الدكتور مصطفي السعيد الذي حدثني عن موعد لقاء مبارك.. وتمت المقابلة في قصر رأس التين بالاسكندرية، وكانت تلك هي أول مقابلة ويبدو انني قد نجحت في كشف الهيئة بدليل موافقته علي أن أتولي هذا المنصب.
وكم مرة قابلت مبارك غير هذه المرة؟
مرات كثيرة.. حيث صاحبته في مهام خارجية كثيرة من منطلق انني حين كنت رئيسا لهيئة الاستثمار كنت بمثابة وزير اقتصاد الظل، حيث كانت هناك مشاكل مع الدكتور مصطفي السعيد.
وهل كان الرئيس السابق يستريح لأفكارك؟
بالفعل كان يستريح لي ولأفكاري.. اضف إلي ذلك أنني تفهمت طريقة التعامل معه.. وكيفية نقل افكاري إليه بطريقة يستوعبها وذلك لطبيعة تكوينه.
يعرف كل شيء
وماذا تعني بذلك؟
أقولك.. ان مبارك كان يبدو أمامك أنه يعرف كل شئ.. وأنه كان يرفض أن يعلمه أحد، مع أنه ليس عيبا ان يتعلم الإنسان منا، وقد لاحظت ذلك جيدا من خلال كثرة التعامل معه، وهذا يعني مرة أخري انه كان دائما يريد ان يشعرك ولا يشعر أحدا أمامه انه لا يعلم!! وهناك واقعتان مشهورتان حضرتهما ودلتا علي ذلك بكل وضوح وحتي بعد ان توليت الوزارة بل ومنذ اليوم الاول وقبيل حلف اليمين.
وهل كان مبارك يؤمن بآراء من كانوا حوله؟!
في بداية حكمه ولسنوات طويلة بعد ذلك كان يرفض الاستعانة بالمستشارين لانه كان يعتبرهم مراكز قوي إلا أنه وبعد فترة اقتنع بوجود هؤلاء المستشارين خاصة في الجانب الاقتصادي، وربما تم ذلك بناء علي اقتراح شخصي من جانبي.
شخصية مبارك
ما رأيك الشخصي في الرئيس السابق من واقع تعاملاتك المتعددة معه؟!
لقد كان من عادته وتعاملاته مع المسئولين حوله تطبيق سياسة فرق تسد! وهذا يعني أنه كان كثيرا ما يتعمد أن يستعين بأحد الاشخاص من أصحاب فكر معين.. ثم يأتي بآخر ويحمل عكس أفكار الآخر!! حيث تسود الخلافات بين الاثنين، عندئذ يتخذ القرار المطلوب، كذلك كان كثيرا ما يميل إلي الآخذ بإجماع الآراء.. وهذه مسألة صعبة خاصة في المجال الاقتصادي.. حيث توجد وجهات نظر متعددة ومختلفة.
وماذا أيضا عن شخصية الرئيس السابق؟!
أقولك.. كان ينظر نظرة وطنية في بداية حكمه وكان كثيرا ما يتحدث عن انضمامه لمحدودي الدخل.. وكان ذلك حقيقة مع ذلك لم تكن له رؤية ويريد ان تسير الأمور من حوله بلا مشاكل.. اضاف إلي انه لم يكن يحب التغيير من منطلق انه كان مثل أي شخصية لديه عقيدة سوء التقدير المهني.. بمعني انه كان مقاتلا متخصصا في قاذفات القنابل.. وهذا النوع من المقاتلين يكون بجواره بالطائرة ملاحون.. وعندما يكون الهدف في مرمي الطائرة وأسلحتها جاهزة يبدأ في الضغط علي زر هذه الأسلحة من أجل الانطلاق!
وماذا كان يعني ذلك.. علي الأقل بالنسبة لك؟!
معناه أنه لم يكن لديه المبادرة في اتخاذ القرارات كما أنه لم يكن يريد أن يخاطر.. ولكنه عندما يكون رئيسا كان لابد أن كل ذلك يتغير.. وكنا دائما ما نسمعه يتحدث عن الاستقرار.. والذي كان من وجهة نظري الجمود وليس الاستقرار، لأن السياسة السليمة هي التي دائما ما تتغير حسب الزمان والمكان ومقتضيات الأحداث التي حولنا.. وكثيرا ما كنا نلاحظ ذلك وبوضوح حتي في السياسات الاقتصادية وهناك أمثلة كثيرة علي ذلك.
نعود ونسأل.. عن شعورك حين قال لك.. تعال اقعد مكاني؟! ماذا أحسست في لحظتها؟!
في حينها رأيت أن من يلتزم بالحكمة اليابانية التي تقول انت لا تسمع ولا تري ولا تتكلم فعليك أن تضمن بأنك سوف تستمر وزيرا لفترة أطول!
المزيد من التفاصيل
حدثتنا من قبل عن أنك كنت قد قرعت الأجراس إنذارا لما حدث.. نريد منك الاستكمال والمزيد من التفاصيل؟
شوف.. لقد اشرت إلي أن هناك 3 عناصر أو ملامح أو أخطار أهمها أولا: وفق ما ذكرته من قبل أنه كان قد كبر في السن وليس له نائب.. وما ينتظرنا من أحداث غامضة في حالة رحيله.. أما الثاني: فهو التحذير من ثورة الجياع نظرا لغياب العدالة الاجتماعية وثالثا: الفتنة الطائفية التي هي غريبة علي مصر ولكنها لا تعالج علاجا حقيقيا!
سيادة الوزير.. وهل تري هذه الأسباب التي تحدثت عنها منذ عامين.. كانت مما عجل بسقوط النظام السابق؟! أم أن هناك أخري؟!
أسباب الانهيار
لا.. انهيار النظام حدث نتيجة لنجاح ثورة الشباب وخلال هذه الثورة كما لاحظنا جميعا انه لم يكن هناك احتقان طائفي، هذا الاحتقان الذي كان يثيره من آن لآخر رموز النظام السابق، وما قيل عن أسباب تفجير كنيسة القديسين بالاسكندرية معروف لنا الآن.
وهنا لابد أن أعيد عليك السؤال وأقول.. ما الذي عجل بانهيار النظام السابق؟!
أولا: انتشار الفساد بكثرة وغياب العدالة.. وهما قد تسببا في أن الشباب يشعر بالاحباط وألا مستقبل لهم! حتي وصل بهم الأمر أنهم كانوا جميعا أو معظمهم ينتظرون اليوم الذي يهجرون فيه البلد.. اضافة إلي ذلك نجاحهم في استخدام التكنولوجيا التي مكنتهم من التجمع علي قلب شاب واحد رغم وجود القمع والتخويف.
وهل كنت تتوقع أن يبادر مبارك بالتنحي؟!
قبل ثورة الشباب لم يكن أحد يتوقع ذلك، بل لم يكن يدور في ذهن أحد أن هذا النظام سوف يسقط، رغم ما كنا نسمعه بين الحين والحين من تردي الأوضاع وسيطرة لجنة السياسات وسطوة ابن الرئيس ومن كانوا حوله، تم استئثارهم بجميع المزايا والموارد الموجودة.. وكذلك حرم الرئيس السابق واستئثارها هي الأخري بالعمل الاجتماعي، مما تسبب في حرمان عدد كبير من الجمعيات الأهلية في القري والنجوع.
سوزان ثابت
بمناسبة الحديث عن سوزان ثابت.. هل قابلتها؟!
طبعا وأنا وزير!
وماذا عن انطباعك؟
في هذه الفترة كان مبارك عنده حساسية شديدة جدا تجاه السيدات أو اتجاه أي زوجة مسئول يصبح لها كيان مستقل، وربما ده راجع لتجربته مع السيدة جيهان السادات وما كان يتردد عن تدخلها في أمور كثيرة.. لذلك كان حساسا تجاه زوجته ولذلك تراه في هذه الفترة كان يقاوم بشدة ان يكون لسيدة موقع متميز أو تتحمل مسئولية بعينها، ولكن ما حدث بعد ذلك تغير كثيرا، وربما ذلك يشير إلي عنصر مهم جدا وهو ما كان يتصف به الرئيس السابق من صفة التطرف في المواقف والآراء، فمن اعتراض شديد علي المرأة.. إلي موافقة غير مسبوقة لأدوارها فيما بعد والاستسلام لها وهذا ينتج من وجهة نظري من طول البقاء في الحكم الذي يساهم في انتشار الفساد.
إجراءات التنحي
وبعد ثورة الشباب.. هل توقعت أن الرئيس السابق سوف يتنحي؟!
لقد تحدثت في هذا الأمر بل وطالبت أن يتنحي.. والذي أجبره علي الإسراع بالتنحي هو الموقف المشرف لجيش مصر.. والذي جنبنا مزيدا من الضحايا والاقتتال وإراقة الدماء، لقد كنا قبل التنحي كثيرا ما نتساءل حتي في المناقشات الخاصة أو العامة ما العمل؟ وكنا نقول ليس لها من دون الله كاشفة وهذا يعني اننا كنا جميعا عاجزين أمام الاجراءات القمعية والأمن ولذلك اقولك لم أكن أتوقع هذا التنحي وربما غيري كثير، ومن يقل غير ذلك فهو غير صادق!
ولماذا تنحي مبارك؟
لأنه اصبح بدون خيارات.. والله أعلم ماذا دار داخل مؤسسة الرئاسة.. لكن الثابت ان موقف الجيش خاصة وزير الدفاع المشير طنطاوي، هو الذي أقنعه بأنه لاجدوي من الاستمرار ولعل ذلك قد تجسد في ظاهرتين الاولي حدثت يوم الاربعاء 9 فبراير عندما نزل السيد المشير طنطاوي إلي ماسبيرو وميدان التحرير محييا الشباب.. والثاني.. انه تم عقد المجلس الأعلي للقوات المسلحة بدون رئاسة مبارك.
وهل لو اطمأن الرئيس السابق للأجهزة التي حوله من أنها سوف تحميه من ثورة الشباب.. كان سوف لا يتنحي؟!
ماذا تقصد ممن كانوا حوله؟
الجيش والشرطة.. وبقية الأجهزة؟
عندما ننظر إلي طبيعة الأمور في الثورات نجد الشباب والطلبة والعمال يقومون بالمظاهرات والاعتراضات وكانت تلك كبروفة أو تجهيزا للتغيير والثورة ضد النظام القائم ثم يحسم الجيش هذا الأمر كله.
في ميدان التحرير
وهل شاركت في الثورة؟
لا..
ولا حتي أحد من الأولاد أو الاحفاد؟
تعني بذلك النزول إلي ميدان التحرير؟!.. أقولك إنني نزلت إلي ميدان التحرير يوم الاربعاء 9 فبراير.. وذلك من أجل استطلاع حقيقة الأمور في ظل ما كان يذيعه الاعلام الرسمي في ذلك الوقت من انهم شوية عيال! وحزب الله والمندسين والقوي الخارجية لذلك ذهبت إلي هناك لمعرفة المزيد من التفاصيل.. وكان ذلك بمصاحبة ابنتي.. عندئذ اكتشفت الحقيقة.. لا الذقون ولا حزب الله.. انهم شباب من مختلف الفئات
مطالب الشباب
وهل أحسست وقتها بأنهم سوف ينجحون فيما يدعون إليه؟ ويطالبون به؟
نعم شعرت بذلك.. وما رأيته اثلج صدري، رأيت الفتيات والشباب ينظفون الميدان ويتولون توزيع الاكياس لجمع القمامة، لقد كانت ترتيبات خاصة عندئذ سألت عن قائد هذه الثورة.. فأخبرني الشباب بأنه ليس لهم قيادة.. وبالتالي كانت هذه الخطوة من اسباب نجاحهم!
كم مرة ذهبت إلي ميدان التحرير؟
مرة واحدة.
وما هو الانطباع الذي خرجت به في هذه المرة؟
كنت في غاية السرور لما يقومون به وصمودهم ضد البلطجة وضد العنف.
نريد منك خريطة طريقك للخروج من الأزمة التي حدثتنا عنها سابقا.؟
سؤالك السابق سوف يعيدنا للحديث عما بدأناه من قبل.. ودعني أجمل لك ما طلبته للخروج من هذه الأزمة.. أولا: ضرورة عودة الأمن وتحقيق الأمان كاملا.. هذه خطوة لها أولوية أولي ولابد ان تتكاتف كل الجهود لتوفير ذلك، أما ثاني عناصر هذه الخريطة. ضرورة التخلص فورا من الوقفات الاحتجاجية التي اسفرت عن انخفاض معدل النمو وهذا الهدف لن يتم تحقيقه بالشعارات وبدعوة الناس إلي العودة للعمل بالكلام فقط أو بالقوانين بل لابد من ان ننظر إلي جذور المشكلة من أجل علاج السبب وليس العرض، والسبب الرئيسي هو غياب العدالة وسيادة الظلم! خاصة في المصالح الحكومية وشركات القطاع العام والهيئات الاقتصادية، ويتمثل ذلك بشدة في اختلال الأجور وعدم توازنها وملاءمتها لطبيعة العمل وغلاء المعيشة، ويدخل ضمن هذه المنظومة الفاسدة الاستعانة بابناء المحاسيب والوسايط وأصحاب السلطة وخلافه! طيب ماذا نفعل؟ الحكومة أعلنت انها تقوم بدراسات لعلاج هذا الخلل.. وهذا كلام خرج منذ سنوات عديدة.. واستمرار الحكومة في الاعلان عن قيامها بالدراسات ليس سليما.. لماذا؟! لأن الاقتصاد اصبح ينزف.
وهل ليس لدينا دراسات يمكن الاستعانة بها في البحث عن الحلول المطلوبة؟
مصر كلها دراسات.. وعلي حد قول الدكتور محمد حلمي مراد.. مشاكلنا معروفة وحلولها معروفة ولكن ينقصنا إدارة التنفيذ.
وماذا ايضا عن تفاصيل خريطة طريق الخروج من هذه الأزمة؟
لقد عقدنا عدة ندوات كان آخرها منذ أيام.. وناقشنا خلالها هذه القضية وتوصلنا إلي المصلحة القومية تتطلب سرعة العمل علي العودة بالانتاج إلي مستواه الطبيعي، كما اوصت هذه الندوة بالاضافة لما قلته لك منذ لحظات ضرورة التصدي وبفعالية للمستفيدين من النظام السابق، ومنع استعادة مصالحهم الضارة بمصالح المجتمع، مع ضرورة التأكيد أن الاستمرار في تطبيق الاصلاح السياسي المقبول ضروري لايجاد الظروف الايجابية المشجعة للاستثمار والانتاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.