لماذا يتخلي د. مصيلحي عن سلاحه الوحيد في معركة كسر العظم التي ينتهجها التجار، لماذا يخسر الجولة باكراً» ؟ لا يطيق د. علي مصيلحي وزير التموين سيرة التسعيرة الجبرية، وإذا سمع مطالبة بالتسعيرة الجبرية وكأن النار لسعته ينتفض رافضاً، وكأن التسعيرة الجبرية رجس من عمل الشيطان تتجنبه الحكومة في رمضان، يفسد عليها صيامها أو ينقض وضوءها!. أعلم أن وزير التموين يحمل علي عاتقه مهمة قاسية، الرضي العام عن أداء الحكومة ليس بالمهمة السهلة ولا الهينة، وبقراراته هو واجهة الحكومة الشعبية، وتوفير السلع الغذائية بأسعار اقتصادية للفئات الأقل دخلاً هم بالليل وبالنهار، وعليه ضبط الأسواق، ومواجهة الاحتكارات، ولجم التفلتات السعرية، مهمة ينوء بحملها مجلس الوزراء وهي الشغل الشاغل للرئيس. نعم السلع الغذائية متوافرة في الأسواق، وهذا جيد وحسن وتؤجر عليه الحكومة التي توفرت علي توفير متطلبات الحياة للسواد الأعظم، ولكن الأسعار نار تكوي المستهلكين، ليست في مكنة الفقير، ويعجز عن مجاراتها، والناس تعبت من الشكوي، والشكوي لغير الله مذلة. لماذا يرفض الوزير، اتساقاً مع رفض الحكومة، التفكير مجرد التفكير في التسعيرة الجبرية لسلع بعينها ولمدة زمنية محددة، لكبح جماح الأسعار، علماً بأن كل وعود التجار والمنتجين والموزعين بالحفاظ علي مستويات الأسعار بعد توحيد سعر الصرف، ذهبت أدراج الرياح، لا سوق هدأت ولا أسعار ثبتت، الزيادات السعرية في رمضان خرقت السقوف جميعاً. خشية الحكومة من السوق السوداء، واختفاء السلع في الأسواق بمجرد الشروع في التسعير الجبري، لا يذهب بها أبدا للتسليم لمشيئة التجار، الاحتكارات تتلاعب بالسوق، والكارتلات تضرب بشدة، والحكومة تطبطب علي التجار!. لماذا يتخلي الدكتور مصيلحي عن سلاحه الوحيد في معركة كسر العظم التي ينتهجها التجار، لماذا يخسر الجولة باكراً، لقد جرب رئيس الحكومة كافة الأساليب لجبر التجار علي الامتثال لظروف المواطن الصعبة، تفاهمات تنقض، واتفاقات تخرق، ووعود لا تسمن ولا تغني من جوع، وجرب كل وزراء التموين السابقين علي الدكتور مصيلحي أقسي درجات ضبط النفس مع كارتلات احتكارية عاتية تتاجر في القوت الضروري، ماذا تبقي في مكنة الحكومة لترفع المعاناة عن الفقراء ؟. مشكورة الحكومة والجيش والشرطة والجمعيات الخيرية في محاولاتهم الحثيثة لرفع العبء عن كاهل الفقراء، ولكن السوق توحشت، لم تبق سلعة علي حالها يوما بليلة، » اللي نبات فيه نصبح فيه »، ينامون علي الجوي، زيادات مطردة لا كابح لها، وكأن السوق خلت لهم، وكأن الحكومة سلمت لهم الشعب يسومونه سوء العذاب، التجار يبيعوا ويشتروا فينا في الفسطاط الكبير. أحس أن الدكتور مصيلحي عنده عقدة نفساوية من التسعيرة الجبرية، لدرجة لا يطيق سماعها، انت بتقول تسعيرة جبرية !!..، ورغم أن التسعيرة الجبرية قد تكون حلاً، آخر الدواء الكي، ودواء الأسعار كبح التجار، أقله بالتسعيرة الاسترشادية، وأخشي أنها قد تسبب للوزير صداعاً في رمضان.