يسلسل الله الشياطين في رمضان، ويطلق صناع دراما الشر »عفاريت» عادل امام، و»عشم ابليس» عمرو يوسف، خلال 30 ليلة من ليالي الجنة فيفسدوا علي الناس لياليهم. كم الرصاص والديناميت والتفجيرات والقتل والذبح والدماء في دراما الشهر الفضيل، يجعلك تشعر من »بروموهات» المسلسلات، انك ستعيش معارك الحرب العالمية الثالثة، لا ساعات السكينة والالفة وهدوء النفس والعقل التي تتطلع أن تعيشها في رمضان. واذا حدث وهدأت المعارك، بدأت مشاهد الرقص وتعاطي المخدرات، وكأن الدراما تأبي أن تتجاوز ثنائية البلطجي والغانية، وكأن معظم المشاهدين قد اصيبوا بمتلازمة الالتصاق بالشاشات، وبالتالي اصبح المصري رهين المحبسين :محبس التليفزيون ومحبس الموبايل. لا يستطيع منهما فكاكا رغم الاذي الذي يتسببان فيه للجميع، وهو ما يشبه متلازمة ستوكهولم (ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه، أوأن يظهر علامات الولاء له كأن يتعاطف المخطوف مع مختطفه، وهو ما يفعله التليفزيون تماما في رمضان حين يختطف المشاهدين ما بين الأذانين: المغرب والفجر. فيذهب العامل إلي مصنعه نصف صاحي، ويتجه الموظف إلي عمله نصف واع، والمصيبة الاكبر يعانيها الطلاب الذين يدخلون الامتحانات دون مراجعة فتكون النتيجة معروفة. وتنسب»متلازمة ستوكهولم» إلي حادث السطو علي أحد البنوك في ستوكهولم عام 1973 حين هاجم مجموعة من اللصوص البنك، واتخذوا بعضاً من الموظفين رهائن لمدة ستة أيام، خلال تلك الفترة بدأ الرهائن يرتبطون عاطفياً مع الجناة، وقاموا بالدفاع عنهم بعد إطلاق سراحهم، فقد اعتبروا ان معاملة الخاطفين اللطيفة لهم كانت نوعا من الرحمة، التليفزيون يفعل بنا مثل ما فعله لصوص ستوكهولم بمن اختطفوهم، فهم يحول الصائمين إلي رهائن تستمر فترة الاسر فيها 30 يوما، يكون فيه لطيفا بهم عبرالصورة البصرية الخاطفة للابصار التي تقدمها الشاشات في كل مسلسلاتها وبرامجها،لكنها تعطل العمل وتوقف مراكب العمال والموظفين السايرة في أمة تحتاج إلي كل ساعة عمل حتي تنهض من كبوتها، فضلا عن ضياع أثمن ايام العمر ايام رمضان، وبدلا من الاستزادة من روحانيات الشهر الفضيل وتزكية النفس، نقضيه لاهين عابثين فيما لا يجدي من الامور سواء علي المستوي الشخصي او القومي. الغريب ان نجد من يهاجمنا علي دعوة الناس إلي العلاج من متلازمة» رهين الشاشتين» وهو بذلك يؤكد متلازمة ستوكهولم حين يدافع عن المؤذي الذي وقع في أسره دون وعي. لسنا دراويش او رهبانا ونرفض ان ننسي نصيبنا من الدنيا، لكننا نؤمن بأن لكل مقام مقال، ولكل وقت ادان، وعندنا 11 شهرا يمكن أن نسري فيهاعن نفوسنا بما لا يغضب الله، اتركوا شهر القرآن للقرآن. وشهر الصيام والقيام للتبتل وتطهير النفس والروح والبدن، وجلاء الهموم والكروب.وثقوا أن »عشم ابليس» في رمضان، بعيد عن شنبه.