القاعدة في الطيران هي أن الطائرات تقلع وتهبط وتنقل الناس بين بلاد الإقلاع ومدن المقاصد.. الاستثناء هو أن تسقط الطائرة..أو تدمر.. أو تختطف، الطيران نوع من التطبيق لحرية البشر في الانتقال.. الاختطاف هو إعاقة لتلك الحرية أو استغلال لها.. اي ظاهرة استثنائية لا تنفي وجوبها.. وجوب الحرية. المختطفون، أيا ما كانوا، هم فريق استغل تلك الحرية، وقصد أن يفرض أجندته علي رحلة الطائرة.. فبدلاً من أن تتجه مثلاً إلي الشمال يقررون أن تسافر قسرا تحت التهديد وبالابتزاز إلي الجنوب.. وبدلاً من أن تسير في خطها المعتاد وفيه فائدة الناس.. فإنهم يسيرونها من أجل أغراضهم وتحقيق مصالحهم.. وبادعاء البطولة. المختطفون يدركون حتما وبالتأكيد أن عمليتهم لا بد أن تنتهي.. وأن الاختطاف لن يغلق شركات الطيران.. أو ينهي حالة الحرية.. ولن يمنع الناس من أن يركبوا الطائرات.. النظام سوف يستمر ولو تعرضت رحلة أو حالة لحادثة.. والحرية سوف تمضي في طريقها ولو انتهكتها الاستثناءات.. اللصوص لم ينهوا استخدام الناس للنقود.. والسارقون لم يمنعوا الناس من سكني الشقق.. وحوادث الطرق لم تؤد إلي إغلاق السكك وتدمير صناعة السيارات. المختطفون، في أي مجال، يعرفون أن هناك سيناريو من ثلاثة سوف يقع في نهاية عملية الاختطاف.. قد ينفد الوقود بينما هم يسبحون في الأجواء.. وتسقط الطائرة، وقد يستسلمون وقتا ما نتيجة للضغوط عليهم.. حتي لو صوروا أنفسهم علي أنهم أبطال.. وقد يتم إلقاء القبض عليهم.. وفي بعض حالات السيناريو الأخير تتم عمليات اقتحام الطائرات لإنهاء الموقف وإلقاء القبض علي الخاطفين.. ولو أدي هذا إلي وقوع ضحايا.. وبينما تتم الآن عمليات تحرير رهائن فإنني لا أعتقد أنه سوف يقع ضحايا من أي نوع.. علما بأن المختطف ليس ضحية. المختطفون في بعض الأحيان ينخدعون برد فعل بعض من اختطفوهم.. ركاب الطائرة يبدأون بالشعور بالهلع والفزع.. ولكنهم أيضا قد يصابون بما يعرف بإسم (متلازمة استوكهولم).. وهو مرض نفسي وضع تشخيص له بعد عملية اختطاف وقعت في عام 1973 في السويد.. إذ اختطف لصوص بنكا لمدة ستة أيام وخلال العملية وبعد انتهائها تعاطف الموظفون الضحايا معهم ودافعوا عنهم. في تفسير ذلك، يقول علم النفس: إن الضحية تكون تحت ضغط نفسي كبير وهائل. .وتبدأ دون أن تدري في صنع آلية للدفاع عن النفس.. من خلال الاطمئنان للجاني خاصة إذا أبدي الأخير أي حركة حنان ولو مؤقتة.. ويقوم الضحية بتضخيم هذا الحنان..لا سيما إذا تخيل أن عملية إنقاذه قد تؤدي إلي تأذيه. في الطائرة التي تختطف، يمكن أن يتعاطف الركاب مع الخاطفين، خصوصا إذا قام الخاطفون بعمليات نفسية لضمان تحييد الركاب.. في معرض معركتهم مع قائد الطائرة وأمنها وطاقمها.. قد تجد مختطفا يصرخ في مضيفة لأنها لم تقدم كوب ماء لراكب.. أو يضرب فرد أمن الطائرة ضخم الجثة علي مؤخرة رأسه.. أو يهين الكابتن المتأنق مايلبي إحساساً غامضاً لدي راكب في الدرجة الأرخص.. أو يكون هذا المسلح العنيف المدجج بالقنابل قد أبدي عونا لطفل.. أو عجوز.. هنا تنشأ (متلازمة استوكهولم).. ويبدأ الضحية في الاقتناع بأن الجاني يجب أن يتم التعاطف معه. ألق نظرة حولك علي كثير من الأمور.. وسوف تجد أن الرأي العام قد اختطف.. لصوص أقدموا علي الاستيلاء عليه.. بدلاً من أن يتوجه إلي هنا قرروا أن عليه أن يتوجه إلي هناك.. وحتي لو كان الرأي العام يدرك أن مصلحته وهدفه الأصيل في أن يتوجه إلي ما كان قد قرره من قبل حين اشتري تذكرة الطائرة.. فإنه من فرط الهلع والخوف. .وعلي سبيل التعاطف المرضي مع الجاني تجده يتوهم أنه لا ضير من أن يغير وجهة سفره. الحالة النفسية تنتهي غالباً لدي الضحايا بمجرد انتهاء عملية الاختطاف، لكن المضحك أن المختطفين.. لصوصا كانوا أو إرهابيين.. فإنهم يعتقدون أنهم أبطال.. ويظنون أن التعاطف المؤقت من الضحايا سيكون لهم عونا حين يحاكموا وأن هذا التعاطف سوف يكون مؤثراً علي إجراءات القانون.. وأنه ستتم مراعاة ذلك حين يتم تحرير الرهائن.. هؤلاء حالات نفسية.. ولكن حالاتهم لا تنتهي بمجرد إنهاء عملية الاختطاف. الموقع الالكتروني : www.abkamal.net البريد الالكتروني : [email protected]