اعتراف ديڤيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا، بأن بلاده مسئولة عن الكثير من مشاكل العالم والعديد من الجرائم البشعة، كانت لحظة صدق اغضبت بعض البريطانيين. بريطانيا مسئولة »علي سبيل المثال« عن رسم الحدود بين الدول الافريقية ودول الشرق الاوسط متجاهلة عن عمد، النزاعات القومية والانقسامات العرقية، مما خلق بؤرا ساخنة.. وفجر الحروب بين هذه الدول إلي اليوم. ولاننسي انها مسئولة عن وعد بلفور الذي منح وطنا لليهود علي الاراضي الفلسطينية. قبل ايام خرج إلي النور فصل مظلم من تاريخ بريطانيا الاستعماري، فأمام المحكمة العليا البريطانية تنظر قضية 4 من المنتمين لحركة الماوماو في كينيا.. الذين يطالبون الحكومة البريطانية بتقديم اعتذار وتعويض لضحايا ثورة »الماو ماو« التي قامت لطرد المحتل البريطاني..استمرت الثورة من 2591 حتي 3691 ، تاريخ استقلال كينيا، تعرض خلالها الثوار لابشع عمليات التعذيب علي يد الجنود البريطانيين.. ثم إخصاء الرجال واغتصاب النساء بوحشية.. واقتياد 061 ألفا إلي معسكرات للتعذيب بحجة انتمائهم لحركة الماو ماو من بينهم حسين أويانجو أوباما، جد الرئيس الأمريكي أوباما، وقد سجن عامين. تراوح عدد قتلي الماوماو بين 21 الفا طبقا للسلطات البريطانية و52 الفا وفقا لما ذكره المؤرخون، تم اعدام 0901وبقي علي قيد الحياة 0041 من ثوار الماوماو.. لقد دمرت حياتهم وعانوا من اثار التعذيب حتي اليوم. استمرت المعركة القضائية طوال 8 سنوات ماضية.. بسبب تعنت وخداع وزارة الخارجية البريطانية.. وإصرارها علي عدم وجود وثائق لديها عن تلك الحقبة، الا ان المحكمة العليا أجبرتها علي الكشف عن الوثائق التي تروي بالتفصيل أعمال وجرائم الحكومة الاستعمارية فرضخت الخارجية واخرجت الوثائق.. تم العثور علي 71 ألف صفحة.. لها صلة بالحقبة الاستعمارية لبريطانيا.. الوثائق تحتوي علي معلومات حساسة حول سلوك وتصرفات المسئولين البريطانيين في كينيا.. وتفاصيل التعذيب البشع الذي لاقاه رجال الماوماو علي يد الجنود المحتلين.. فقد استخدم السفاحون البريطانيون عمليات الضرب حتي يفقد المتهم وعيه بل يفقد حياته، في أحيان كثيرة.. التعليق من القدمين وغمر الوجه بالمياه الباردة حتي يعجز المتهم عن التنفس.. السحل بالسيارة حتي يتفتت جسد المتهم قطعة قطعة. ترفض الحكومة البريطانية الاعتراف بمسئوليتها عن الجرائم وتعويض الضحايا.. فهي تخشي أن يفتح ذلك الباب لمطالب مشابهة من مستعمرات أخري.. ومع ذلك فقد اعترفت ان بعض الكينيين عذبوا أو قتلوا خلال ثورة الماوماو إلا ان الحكومة الحالية تري انها ليست مسئولة عن ذلك. اعتذر توني بلير رئيس الوزراء الاسبق عن بعض جرائم بلاده في حق الشعوب الأخري.. منها دور بريطانيا القذر في العبودية. وأعتذر جوردن براون رئيس وزراء بريطانيا السابق عن ارسال الحكومة البريطانية لمائة الف طفل بريطاني ابيض لتعمير مستعمراتها في استراليا بالجنس الابيض. فهل يعتذر كاميرون عن تعذيب ثوار الماوماو رغم المحاولة المستميتة للتغطية علي واحدة من اكثر الأحداث دموية في تاريخ بريطانيا الاسود؟ اتمني ذلك. أولادي الذين أيقظوا فيّ الحياة من جديد، رجال الثورة الرائعة، أتمني أن تتيحوا للحكومة فرصة للعمل.. وتتركوا العدالة تأخذ مجراها فالأمور لا تتغير بين يوم وليلة.. فهذا الاستعجال قد يضر بالعدالة التي تطالبون بها والتي كانت من أسباب قيامكم بالثورة. اولادي ثقوا بالمجلس العسكري وبحكومة شرف.. واتركوا لهم الوقت.. ارجوكم.. من أجل بلدنا. المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. أرجو أن يكون صدرك أكثر اتساعاً لأبنائك الثوار الذين حميتهم، وأنجحت ثورتهم..