علي مدار الأيام الماضية كانت الانتخابات الهولندية الهم الأكبر لكل سياسيي أوروبا، ومع تزامن إجراء الانتخابات وانعقاد البرلمان الأوروبي الأربعاء الماضي، كانت انتخابات أمستردام حاضرة بقوة في ستراسبورج. وفي الطائرة التي كنا علي متنها من العاصمة البلجيكية بروكسل إلي مدينة ستراسبورج الفرنسية، قبل يوم من الانتخابات، كانت فيدريكا موجريني الممثلة العليا للشؤون الخارجية وللسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، تجلس علي بعد أمتار، وخلال نقاشاتها مع مساعديها بدت موجريني قلقة من نتائج التصويت الذي لم يكن مؤثرا فقط مستقبل الهولنديين ولكنها كانت مصيرية لأوروبا كلها، لأن جميع استطلاعات الرأي كانت تشير لتقدم الحزب اليميني المتطرف »الحرية» بزعامة خيرت فيلدرز، والذي يعد أكبر أعداء الإسلام والمهاجرين في أوروبا، كما أنه لا يخفي آراءه المضادة للإتحاد الأوروبي، كما كان مسئولو الاتحاد يفكرون في مستقبل المنظمة التي ستخرج منها بريطانيا خلال عامين وتواجه بعواصف من الخلافات بين حكومات بعض أعضائها، بالإضافة لزيادة النبرات الشعبوية المضادة للاتحاد منذ الوصول إلي بروكسل في زيارة لمقر الاتحاد الأوروبي كان الجميع يتساءل حول المستقبل، بعد الضربتين اللتين تعرض لهما الاتحاد بتصويت البريطانيين لصالح »البريكست» وانتخاب الأمريكيين دونالد ترامب صاحب التصريحات المعادية للاتحاد الأوروبي، وسط خوف من تنامي الشعبوية في أوروبا، بينما قلل عضوا البرلمان الأوروبي الفرنسية ناتالي جريسبك والإسباني خافيير نارت خلال حديثهما للأخبار من احتمالات تمكن اليمين المتطرف من تشكيل الحكومة في هولندا. مع بدء ظهور النتائج الأولية وتقدم الحزب الليبرالي بزعامة رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، التقينا في أروقة البرلمان الأوروبي العضو الهولندي فيم فان ديكامب الذي لم يخف سعادته بالنتائج. ناخبو هولندا أيضا لم يسيروا وفق استطلاعات الرأي التي كانت تضع حزب الحرية اليميني المتطرف في الصدارة ولكنه حل في المركز الثاني، بعشرين مقعدا من البرلمان المكون من 150 مقعدا، بينما حصد حزب رئيس الوزراء 33 مقعدا.