علاقة العالم الكبير الراحل د. أحمد زويل بدار أخبار اليوم كانت علاقة استثنائية، لا تماثل علاقته بأية مؤسسة إعلامية أخري، رغم تشعب علاقاته بالاعلاميين داخل وخارج مصر، فإن «الأخبار» بالنسبة له استثناء، وإذا أراد أن يوجه رسالة إلي مصر كان يري في الأخبار منبرا صادقا، لذلك كان يحرص علي زيارة دار أخبار اليوم كلما جاء إلي مصر، ويسعي إلي الاستجابة إلي أية مبادرة تطلقها، ويقدم لها الدعم المعنوي ايمانا منه بصدق الدور التنويري الذي تلعبه الدار، وكان يحرص علي أن يخص رئيس تحرير الأخبار الكاتب الصحفي ياسر رزق بالجديد في مشاريعه العلمية، وكانت «أخبار اليوم» آخر صرح إعلامي يزوره قبل رحلة عودته إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية. لبي زويل دعوة منتدي «الأخبار» للحوار وحل عليه ضيفا كريما لكي يدلو بدلوه مع غيره من العلماء والمفكرين كما رحب بمؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي وحضر وشارك في مؤتمر أخبار اليوم للإبداع والثقافة. عالمنا الكبير الدكتور أحمد زويل صاحب نوبل أهدي «الأخبار» هديتين مكافأة لها علي دورها التنويري لمصر المستقبل.. الأولي هي تشريفه بحضور منتدي الأخبار للحوار.. والثانية هي الفريق من الضيوف الذين حرص علي اصطحابهم معه أثناء اجراء المنتدي والقريبين من قلوب المصريين.. السيد يسن المفكر السياسي الكبير ود.محمد المخزنجي الكاتب والاديب المعروف.. كان ذلك في 13/9/2014 بعد عودته لمصر بعد غياب لمدة 18 شهرا بسبب مرضه.. وبين الحديث عن أحوال الوطن الغالي، والدولة الحديثة التي نريد بناءها، عرج بنا الحوار الي العلم حيث قرن البيولوجي وأهم اكتشافاته فك الشفرة الجينية. وتطرق النقاش إلي نشأة الكون ونهايته، وفكرة الزمن التي قال عنها د. أحمد زويل أنها تستوقفه كثيرا وتمثل مساحة واسعة لديه من أوقات التأمل و التفكير. يبتسم د. زويل وهو يتحدث عن مصر، وتلمع عيناه وتومضان ببريق غريب وهو يسترسل في حديثه عن العلم وآخر الاكتشافات. أثري الحوار وجود عملاقين حاورا د. زويل مع اسرة تحرير « الاخبار» هما المفكر السياسي الكبير السيد يسن والأديب الكبير د. محمد المخزنجي في حضور بارز من المسئولين عن مدينة زويل العلمية، وفي مقدمتهم د.شريف صدقي رئيس المدينة و د. ياشار حسن حلمي المستشار العلمي للمدينة واللواء محمد عزازي المستشار الحكومي وشريف فؤاد المستشار الاعلامي. في البداية رحب رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم ورئيس تحرير جريدة الأخبار الكاتب الصحفي ياسر رزق بالعالم المصري الكبير د.أحمد زويل وبادر بسؤاله.. هل مصر علي الطريق الصحيح؟ وإن لم نكن كذلك فما هو الطريق الصحيح فما هو المفترض أن نفعله وما هو الإيقاع الذي يجب أن نسير عليه؟ قال زويل مصر فعلا علي الطريق الصحيح وأن حديثه دائما لوسائل الإعلام وفي الندوات والمؤتمرات يكون عن الأمل الكبير مؤكدا أن من يحاول أن يقلل من مكانة مصر علي في العالم لم يقرأ التاريخ جيدا ولم يطلع علي حضارة مصر القديمة وتأثيرها في العالم حولها والذي امتد إلي الوقت الذي نعيشه الآن مشيرا أنه تخرج من الجامعة عام 67 في الوقت الذي عانت مصر فيه من نكسة كبيرة ولكن مصر استطاعت تجاوز الأزمة وعبرت قناة السويس عام 73 وحققت نصر أكتوبر العظيم، واستطرد أنه يري وخاصة بعد لقائه مع الرئيس عبدالفتاح السيسي أن الإجابة علي أي سؤال معقد جدا تبدأ من تعلم كيفية صياغة هذا السؤال بوضوح، وإذا لم يسأل السؤال بوضوح فإنه بالضرورة لن تكون الإجابة واضحة، موضحا أنه رأي لأول مرة وضوحا في الرؤية تمثل في الأسئلة الأساسية لوضع مصر علي الطريق الصحيح مؤكدا أن الشعب المصري ليس أمامه أي اختيار أخر غير صناعة الأمل مستخدما جملة «أكون أو لا أكون» مضيفا أن مصر بدأت في إنشاء مشاريع كبري علي شاكلة محور قناة السويس الجديد وهناك أمل كبير أيضا في تغيير أوضاع كثيرة في ما يخص التعليم والصحة مشددا علي ضرورة أن يعمل كل المصريين بجد وتفان في أداء عملهم لتحقيق أهدافهم مع تغيير فسيولوجية المصريين وخاصة في ما يخص العلم والتعلم واكتساب مهارة العمل في فريق للخروج من الخندق الضيق الذي نمر به الآن. ووجه الكاتب السيد ياسين سؤاله للدكتور زويل هل تأثر العلم بهذه الثورة التي نعيشها في مجال الاتصالات؟ وأجاب زويل أنه كل عام يتم ترشيحي لجوائز علمية ولكن دائما يطرح سؤال هام هو هل ما قدمه هذا الشخص المرشح للجائزة يفيد العالم؟ مؤكدا أن التقدم العلمي يحتاج إلي الدقة والسرعة والتفكير الدائم في ما هو جديد واستطرد أن الأبحاث في مجالات الطب شهدت تطورا كبيرا حتي أن العلماء لا يفكرون في الوقت الحالي في اكتشاف دواء يقتل الفيروس الذي يهاجم جسم الإنسان موضحا أن الحديث في البحوث الدوائية هو الوصول إلي تركيبات تخترق الفيروس وتتغلغل داخل تركيبه الجيني وتحد من نشاطه وتقتل خليته وربما تصل إلي أن تفجره مشيرا إلي أنه عندما مر بأزمة صحية تم علاجه باستخدام أقراص يصل سعر القرص منها ل1000 دولار وهو عقار يحمل اسم «كارفوليزومي« وهو عقار يحافظ علي عدد البروتونات داخل الخلية ويساعد علي التخلص من الخلية المجهدة عن طريق الكلي مشيرا إلي أن مثل هذا العقار حقق أرباحا للشركة المنتجة له بلغت 40 مليار دولار. وقال المخزنجي إن د. زويل من أوائل من شخصوا ووصفوا علاقة العلم بالأدب كما أن له العديد من البحوث والاكتشافات التي لم تتوقف عند ما نعرفه بال «فيمتو ثانية» بل اخترع التليسكوب الإلكتروني فائق السرعة ورباعي الأبعاد لذلك نحب أن نعرف منه ما هو الجديد في العلوم؟ وأوضح زويل أن لدي البعض فكراً خاطئا عن أن العالم يجب ألا يتحدث إلا في تخصصه وألا يتطرق إلي علوم أخري كالأدب مثلا مشيرا إلي أن المناخ العلمي في الوسائل الإعلامية أصبح محدودا للغاية مشيرا إلي أنه عقد مؤتمرا منذ عدة أيام تحدث خلاله عن مصر وأهدافها وما تسعي لأن تحققه لتكون في وضع مختلف تماما عما سبق وطالب خلال المؤتمر الذي نقله نحو 35 قناة تليفزيونية الجميع بعدم إطلاق مسمي جامعة علي مدينة زويل لأن السبب في إطلاق اسم مدينة هو أن يكون لها إنتاج ولكنه فوجئ بأحد الإعلاميين يسأله عن جامعة زويل. وقال زويل: أنا أتمني أن نبدأ في صناعة خلايا الطاقة الشمسية في مصر ونسعي لأن نكون الأوائل في هذا المجال ونصدره أيضا إلي خارج مصر ..ومن الأهداف التي أضعها أمام عيني هو إنتاج أول تليسكوب في تاريخ مصر يدخلنا مجال الفضاء الخارجي ومن أهم ما يميز أي تليسكوب أن يكون حجم العدسة كلما رأيت الهدف أقرب وأنا أفكر في تطبيق فكرة يطلق عليها «المرآة المجزأة» وهي تقسيم هذه العدسة إلي شرائح ويتحكم في كل شريحة موتور ويتم التحكم في كل هذه الشرائح بدقة متناهية.. وأحب أن أقول للناس معلومة هامة وهي أن الشمس ستنطفئ بعد 4.5 بليون عام وذلك حسب معادلات وحسابات العلماء الذين أعلنوا أن هذه التفاعلات النووية التي تحدث في الشمس وتسبب هذا الغليان وهذه الطاقة ستنتهي في ذلك الوقت. رزق: هل توقف العلم عند معلومة أن سرعة الضوء هي أسرع شيء في الكون؟ زويل: هناك شيئان في الكون لو تغيرا ستحدث توابع خطيرة وأولهما أن تصبح سرعة الضوء علي كوكب الأرض مثلا مختلفة عنها في المريخ ومن المعروف علميا أن سرعة الضوء في الكون بشكل عام ثابتة أما الشيء الثاني فهو «ثوابت الحركة» وهذه الفكرة تشغل الكثير من العلماء لأنها تمكننا من حساب كيفية إطلاق صاروخ علي سبيل المثال.. أما عن قياس سرعة الضوء فكانت بداية معرفة العلم بها عندما وضعت ساعة داخل صاروخ وأخري مثلها علي الأرض وتم إطلاق الصاروخ وعندما قارن العلماء بين الساعتين وجدوا اختلافا تمكنوا عن طريقه حساب سرعة الضوء. ياسر رزق: ما هو أحدث شئ يمكن أن يسبب ضجة في هذا العالم يتم التفكير به الآن؟ زويل: علميا القرن الماضي كان قرن الطبيعة والكيمياء اما القرن الحالي فهو قرن البيولوجي والبحث في هذا المجال يعد ثورة علمية كبيرة جدا وفي هذا القرن المجالات متداخلة ولكن أهم الاكتشافات هي فك الشفرة الجينية حيث تم اكتشاف 3 ملايين حرف والتوصل الي تركيبة هذه الجينات وأنا أعتبر أن أهم ما يشغل العالم هوعلم فن التعديل في الجينات حيث يمكن ان يتم استخدام تعديل هذه الجينات واستنساخها لاستخدامها في الحروب بين الدول. هل نفهم من تفاؤلك بمستقبل البحث اننا نتوقع انطلاقة جديدة سنشهدها من مدينة زويل؟ زويل: عندي فريق عمل أو جيش صغير ونحن في مدينة زويل نحاول دائما إيجاد هذه الثقافة «ثقافة فريق العمل» والحمد لله حققنا نجاحا كبيرا في هذا وهناك أساتذة كبار يعملون معنا مثل د. مجدي العربي ود.عكاشة والعبرة ليست في زيادة الأعداد فنحن عددنا قليل ولكننا ننتج.