بعد يوم واحد من الحادث الإرهابي الذي شهدته مدينة «أورلاندو» بولاية كاليفورنيا الأمريكية.. والذي راح ضحيته خمسون قتيلا ومثلهم من المصابين.. جاءت الضربة الثانية في باريس هذه المرة حيث تم نقل شرطي واحتجاز أسرته وما تبع ذلك من تدخل لقوات الأمن وقتل الارهابي الذي قام بالجريمة ومصرع الزوجة التي كانت رهينة مع طفل صغير نجا بمعجزة. والخطيرهنا أن هذا يجري في باريس التي تخضع مع باقي المدن الفرنسية لأقصي درجات التأمين ضد الارهاب مع استضافة مباريات بطولة الدول الاوروبية لكرة القدم، واعتقال العشرات من المشتبه بهم قبل بدء البطولة، وتكريس الجزء الأكبر من نشاط كل أجهزة الأمن لتأمين الموقف في هذه المناسبة. الانزعاج في دول الغرب ليس ناتجا عن حادث هنا وهناك.. ولكنه ناتج عن توقع حرب طويلة ضد هذا الوباء. خاصة مع عودة آلاف المقاتلين في صفوف داعش وأخواتها من جماعات الارهاب في سوريا والعراق إلي بلادهم الاصلية في اوروبا.. ثم مع الأخطر من ذلك.. وهو أن المواجهة مع هذا الارهاب كانت أسهل حين كانت تتم في جماعات منظمة «مثل القاعدة وغيرها».. المواجهة الآن تتم مع حالات فردية أو «ذئاب متوحدة» كما يطلقون عليها. أفراد بلا علاقات تنظيمية مع آخرين يمكن تتبعها، ولا مع شركاء يتبادلون معهم المعلومات أو يوزعون بينهم المهام. المهمة الآن أصعب بكثير. أنت أمام شاب ضل طريقه عن طبيعة الدين السمحة، وتشبع بالكراهية للجميع يمضي وحيدا «خاصة في بلد يتاح فيه السلاح للجميع» فيذهب إلي مطعم أو ملهي أو ناد، أو مدرسة، ويفتح النار علي الجميع.. معتقدا أن هذا هو «الجهاد» الذي أمر به الدين!! التصدي لهذا النوع من الارهاب هو الأصعب. أكذوبة دولة الخلافة الداعشية ستنهار. لكن البديل سيكون العودة إلي «القاعدة» و«الاخوان» وغيرهما من جماعات الارهاب، مع تطوير أساليب الارهاب والاعتماد علي «الذئاب المتوحدة» التي يصعب تتبعها. هذا يعني أن المعركة ستكون صعبة وطويلة. وأنها تحتاج إلي ادراك أن تجفيف منابع الارهاب الفكرية والاجتماعية والانسانية هو الأساس في هذه المعركة. وأن ما طرحنا هنا في مصر هو جوهر التصدي لهذا الوباء. فالارهاب ملة واحدة، وما قالت عنه أمريكا وبعض الغرب انه «ارهاب معتدل» مثل الاخوان، هو أصل البلاء!! وأن وقف التآمر لاشعال الفتنة الطائفية والمذهبية لتدمير العالم العربي أمر لابد منه اذا أراد الغرب والعالم كله أن يعيش في أمان. وأن رفع المظالم عن الشعوب وأولها شعب فلسطين ينزع الورقة الاساسية التي تستغل من جانب جماعات الارهاب. ثم يبقي الأهم.. تجديد الفكر الديني، واستعادة صحيح الاسلام من أيدي الخوارج والارهابيين، ليعود كما كان وكما سيظل للأبد.. رسالة لحرية الانسان وكرامته، ودعوة للمحبة والتسامح بين البشر.. «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» هكذا علمنا الاسلام، أمرنا الرحمن الرحيم.