سيناريو فيلم «دلتا فورس» صعب ان يتحقق فى الواقع على يد داعش واهم من يظن انه في مأمن من شرور الارهاب، وساذجة إلي درجة الهطل اي دولة تعتقد ان نيران التطرف لن تطولها، وسيأتيها رزقها رغدا مع استمراره عند جيرانها، فاينما كنتم يدرككم الارهاب ولو كنتم في بروج مشيدة، فلا عاصم اليوم من هذا الاثم، سواء اكانت دولة تقع في اقصي الاطراف الجنوبية للكون(استراليا مثلا) او بلدا لا تغرب الشمس فيه عند اطراف الكرة الارضية المتجمدة في الشمال (السويد مثلا). واذا كان عام 2014 بكل هدوئه النسبي قد ضرب فيه الارهاب 95 دولة، فكم سيكون عدد الدول التي اصابها هذا الوباء في 2015 بكل عنفوانه وقسوته وشراسة احداثه ودموية ايامه. يا كل دول المعمورة تعالوا إلي الاصطفاف في مواجهة هذا الابليس الاكبر ولا يجب التحجج بذرائع حقوق الانسان والحريات الشخصية، لان اشاعة الطمأنينة وتوفير الامان للبسطاء الابرياء يتواضع ويهون امامه اي شيء وكل شيء. سلام الشارع والمصنع والمدرسة والجامعة والغيطان يبدأ من سلام النفس الذي لا يستقيم ابدا قبل ان يعود مارد الارهاب إلي القمقم. روجت أمريكا في تقريرها الأخير عن الإرهاب في العالم لعام 2015 لفكرة تفوق تنظيم الدولة الإسلامية علي تنظيم القاعدة في تصدير الهجمات للغرب عبر ما وصفته «بالتكتيك الجديد» وهو استخدام أسلوب «الذئب الوحيد»، الذي لا يعتمد علي هجمات جماعية كما حدث في 11 سبتمبر وإنما علي فرد واحد ليس له صلة بأحد كي تصعب مهمة تتبعه عقب تنفيذ جرائمه. ولكن الحقيقة ان امريكا تتبني في كل تقاريرها عن الامن القومي فكرة هجمات الذئاب الوحيدة من قبل هجمات سبتمبر وبعد الهجمات الارهابية أصبحت هذه التهمة لصيقة بتنظيم القاعدة واي تهديد امني خارجي مستقبلي. ظهرت مجلة القاعدة في احد اعدادها تتحدث عن هذه الفكرة وما لبث ان اصبحت مطلبا قياديا من زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري الذي دعا لشن هجمات الذئاب الوحيدة علي امريكا عام 2013. ولم يكد يمضي عام واحد حتي تحول تكتيك القاعدة إلي تكتيك لداعش الذي استغل مواقع التواصل الاجتماعي في تجنيد ذئابه حول العالم. ولكن تشير الحوادث الارهابية إلي ان الذئاب الوحيدة في الاصل ليسوا مسلمين بل ان اول ظهور لهذا الوصف كان علي يد الارهابيين اليهود والمسيحيين في التسعينيات وانه لم يكن قط تكتيكا خاصا بالجماعات الاسلامية. ومع سيطرة امريكا علي الفضاء الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي وفضائح التجسس التي يكشف عنها بين الحين والاخر فان ذئاب داعش ليسوا وحيدين في الواقع ولكنهم تواصلوا في العالم الافتراضي علي الشبكات الاجتماعية وحصلوا علي التدريب والتجنيد عبر غرف الدردشة وموقعي «فيس بوك» و«تويتر» التي تخضع لرقابة اجهزة الامن الامريكية. ومع وقوع هجمات داعش التي طالت فرنسا مع دول عربية أخري رفعت امريكا ايضا من حالة التأهب القصوي كما فعلت دول العالم أجمع باعتبارها العدو الأول الذي سيستهدفه التنظيم نتيجة الحرب المزعومة التي تقودها امريكا في العراقوسوريا للخلاص من داعش. وابرزت الصحف الأمريكية دعوات المتحدث باسم داعش لتنفيذ هجمات مكثفة ضد «الأعداء». ونشر مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي تحذيرا من وقوع هجمات محتملة ضد قوات الأمن والعسكريين خلال نهاية الاسبوع الماضي في ذكري استقلال أمريكا. واصبح الحديث عن ان هناك تهديدا أكبر من هجمات 11 سبتمبر خاصة أن تقارير مراقبة مواقع داعش الالكترونية نشرت لائحة استهداف التنظيم ل 100 عسكري أمريكي من مجموعة تحمل اسم (قراصنة الدولة الإسلامية) والتي نشرت صورهم وعناوينهم، ودعت مناصريها بامريكا لاستهداف هؤلاء الأشخاص الذين شاركوا في عمليات ضد داعش في العراق. وتعزز وسائل الإعلام الامريكية نظرية التهديدات الداعشية منذ مارس الماضي بعد ان أعلنت السلطات الامريكية القبض علي «متعاطفين» مع داعش في نيويورك. وأن امريكا تخشي من عودة نحو 150 امريكيا انضموا لداعش في سوريا، وفقا للمركز القومي الأمريكي لمكافحة الإرهاب. ولم يتوقف الامر عند حدود الذئاب الوحيدة وسيناريوهات التهديدات المباشرة بل وصل الامر لتبني فكر افلام هوليوود عندما وضعت أمريكا سيناريو الفيلم الامريكي الاسرائيلي «دلتا فورس» باعتباره سيناريو حقيقيا تخطط داعش لتنفيذه وان التنظيم يعد بالفعل لتنفيذ هجوم نووي علي امريكا في ذكري 11 سبتمبر القادمة حيث تسعي داعش لامتلاك اسلحة نووية عبر شرائها من السوق السوداء. هذه السيناريوهات التي تستخدم للاستهلاك المحلي لفرض المزيد من القوانين للرقابة والتجسس علي الامريكيين ودول العالم دون الحديث عن قوانين حماية الحريات الشخصية وللاستهلاك الدولي من اجل تحقيق الأهداف الأمريكية في الشرق الأوسط، لم تعد خافية علي أحد والأنباء تتحدث يوميا عن الدعم اللوجيستي الامريكي لتنظيم داعش وتقاعسها عن قصف مواقعه واتساع نفوذ وقوة التنظيم رغم الحرب. ومع الاستنفار العربي والاوروبي الحقيقي من ارهاب داعش يبقي سؤال واحد علي الجميع ان يجيبوا عنه بصدق: هل مازلتم تصدقون حقا ان أمريكا تريد الخلاص من داعش؟