"مستقبل وطن" يواصل لقاءاته التنظيمية استعدادًا لانتخابات مجلس النواب 2025    "المالية" تُعلن مد مهلة مبادرة ال50 مليار جنيه 6 أشهر    رئيس حكومة لبنان: أي سلاح خارج إطار الدولة خطر ولا يخدم أي قضية    روما يتشارك صدارة الدوري الإيطالي مع نابولي بالفوز على بارما    كييزا يتحدث عن طموحاته مع ليفربول    كشف ملابسات زعم شخص تعدي فرد شرطة عليه بالضرب وإحداث تلفيات بسيارته في الفيوم    الأرصاد تعلن درجات الحرارة المتوقعة غدا الخميس بالقاهرة والمحافظات    تحت شعار «السينما.. فنّ المكان».. ختام مؤتمر النقد السينمائي في الرياض 7 نوفمبر    موسى: أقترح منح الموظفين والطلاب إجازة الأحد بسبب احتفالية المتحف الكبير    متحدث الصحة يكشف عن موعد إطلاق المنصة الإلكترونية للسياحة الصحية    جامعة المنيا تختتم البرنامج التدريبي للمعايير المتمركزة حول المريض لتأهيل القطاع الصحي للانضمام لمنظومة التأمين الصحي الشامل    أكاديمية الفنون تقرر تأجيل افتتاح مهرجان الفضاءات غير التقليدية إلى الاثنين المقبل    مصابة فلسطينية تهدي رسالة شكر وباقة ورد لمصر والرئيس السيسي    فرنسا والمكسيك تصعدان لدور الثمانية بكأس العالم للناشئات تحت 17 سنة    اتخاذ الاجراءات القانونية ضد المتغيبين خلال حملة رقابية على منشآت صحية بالمنيا    وزير خارجية الصين: مستعدون لتعزيز التعاون مع الجزائر    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    اختتام دورة تدريبية بمركز بحوث الصحراء بمطروح حول الإدارة المستدامة للمياه والتربة بمشاركة دولية    وزير العمل: الدولة لا تتهاون في تطبيق الحد الأدنى للأجور وحماية الطرفين داخل منظومة العمل    مبادرة "تمكين".. لقاء تفاعلي يجمع طلاب مدرسة النور للمكفوفين وذوي الهمم بجامعة أسيوط    كيف أتخلص من التفكير الزائد قبل النوم؟.. أستاذ طب نفسي يُجيب    افتتاح قصر ثقافة الطفل بسوهاج    وزيرة الخارجية الفلسطينية: نحاول توجيه البوصلة الدولية حول ما دار في مؤتمر نيويورك    وزير خارجية إستونيا: بوتين يختبر الناتو ولا نتوقع اجتياح ليتوانيا    الإسكندرية تستعد ب22 شاشة عملاقة لنقل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    مجلس الزمالك.. لقد نفد رصيدكم!    الإمام الأكبر يخاطب المفكرين والقادة الدينيين فى مؤتمر السلام العالمى بروما    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    مؤتمر إقليمى لتفعيل مبادرة تمكين بجامعة العريش    سقوط نصاب الشهادات المزيفة في القاهرة بعد الإيقاع بعشرات الضحايا    رئيس الوزراء القطري: نحاول الضغط على حماس للإقرار بضرورة نزع سلاحها    باسل عادل: المتحف المصرى الكبير نقطة تحول حضارية فى مسار الوعى الوطنى    شاشات بميادين كفر الشيخ لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    عبد الحفيظ: تعاقد الأهلي مع محمد صلاح؟ فكرة بعيدة غير واقعية    خلال ساعات.. موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2025 في مصر وتأخير الساعة 60 دقيقة    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    ريال مدريد: رفض الطعون المقدمة بشأن دوري السوبر.. وسنطلب تعويضات من يويفا    بنك مصر يقدم مزايا وعروض مجانية خلال فعالية «اليوم العالمي للادخار»    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    الداخلية تكشف ملابسات فيديو التحرش بفتاة في الشرقية.. وضبط المتهم    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    حبس المتهم بقتل شاب بسبب معاكسة الفتيات ببنها في القليوبية    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية «الإنتوساي» ل3 سنوات (تفاصيل)    كونسيساو يُكرّس «عقدة» الإقصائيات أمام جيسوس    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش السوري في حرب تقرير المصير مع الجماعات
نشر في الأخبار يوم 15 - 05 - 2016

الجيش السورى يخوض حربا لتقرير المصير ما بين شعارات " حلب لن تموت " و" حلب تحترق" و"انقذوا حلب" تبرز حالة الالتباس الشديد التي غشيت الرأي العام العالمي تجاه حقيقة ما يدور في هذه المدينة العريقة التي تحولت مناطق واسعة من أحيائها لركام وخرائب صارت الشاهد علي حكايات الدم والنار التي تنسجها آلة حرب بشعة تمسك بالجانب الأعظم منها أياد أكثرها غريب وأقلها سوري تنفذ خطط تحالف كل شياطين الأرض لتقسيم البلاد عبر نشر الموت في ربوع الوطن السوري وتحويل أهله إلي لاجئين مشردين..
البداية
مثل كل المحافظات والمدن السورية الرئيسية عاشت حلب الحالة الاحتجاجية الأولي المطالبة بإصلاحات سياسية وإن جاء انخراط أقسام من أهلها -وكما هو حال العاصمة دمشق في هذه الاحتجاجات -متأخراً جداً عن باقي المدن فلم تسجل مظاهرات حاشدة ذات اعتبار في المدينة قبل نهاية 2012 وبدايات 2013 وكان قوامها الأساس ليس من المدينة نفسها وإنما في معظمه من أبناء الريف الذي تمددت في شعابه جماعات المسلحين وأبرزهم الإخوان المسلمون الذين رعوا باقي جماعات الخوارج والتكفيريين وتولوا عمليات التمويل والدعم بالسلاح الذي حصلوا عليه من دول اقليمية وعربية فتحت مخازنها وخزائنها علي مصراعيها أمام هذه الجماعات.. ومع تصاعد الحركات الاحتجاجية وظهور نشاط محلي معاكس من أهل المدينة المرتبطة عضوياً بمؤسسات الدولة المركزية والتي يعبر عنها فئات الصناع والتجار وهم بأعمالهم ومن يوظفونهم من الأهالي يمثلون الأكثرية في حلب.. حدث الصدام ما بين الطرفين.. طرف حمل السلاح من الدقيقة الأولي وكانت له أجندته الخاصة وخطط خارجية ينفذها بحذافيرها وطرف خرج بصدر عار لمواجهته دفاعاً عن الدولة السورية وعن وجوده ومصالحه، وهكذا سال الدم للمرة الأولي علي أرض الشهباء.. ضريبة غالية سددها من انتصروا للوطن ولوحدته في مواجهة من باعوه لقاء الرضاء التركي والدراهم العربية... ومن هؤلاء كانت وحدات ما عرف بالجيش السوري الحر وهي وحدات انتمت عضوياً ووجدانياً لتنظيم الإخوان المسلمين ومولت قطرياً وتركياً..
وقعت الواقعة وصارت أقساماً كبيرة من ريف حلب خاضعة بالكلية للتنظيمات والجماعات المسلحة ( أكثر من 15 تنظيماً ) تضم بين عناصرها ميليشيات إيديولجية تنتمي للفكر التكفيري ومرتزقة شيشان ويمنيين وليبيين ومصريين وتونسيين وأبخاز وترك وسعوديين.. دعاهم إلي ساحات الدم علي الأرض السورية قادة تنظيم الإخوان والجماعات السلفية، ومن مناطقهم انطلقت قذائف الهاون والجرار الغازية ومدافع جهنم لتدك أحياء حلب علي رؤوس أبنائها الذين رفضوهم وتدخل الجيش العربي السوري وأمامه هدفان لا ثالث هما : حماية حلب وناسها... وتحرير البلدات والضيعات التي وقع أهلها أسري لهذه الجماعات.. بكل ما تمارسه من أعمال قتل وسبي وانتهاك لحقوق الآدميين..
ووسط حرب مفتوحة متعددة الساحات خاضها الجيش العربي السوري علي امتداد خارطة الوطن وأمام عشرات الآلاف من المقاتلين الذين استقدموا من 80 بلداً وجري تسليحهم وتدريبهم في معسكرات تركيا وقطر علي يد خبراء من العسكريين الأمريكان مع مدد لا ينقطع من الخطط والمعلومات وخرائط التصوير الجوي لمواقع الجيش تولت الأقسام الخاصة في البنتاجون تزويد الجماعات بها.. تمكن المسلحون من السيطرة علي أقسام واسعة من ريف حلب الشمالي والجنوبي والشرقي حتي فرضوا ما يقترب من الحصار الكلي علي المدينة عاصمة المحافظة ونجحوا في السيطرة علي 3 من أحيائها..
النيران
وهكذا صارت حلب وهي المدينة الأقدم التي استمرت وبلا انقطاع في تاريخ البشرية موحدة ومأهولة بالسكان.. مقسمة تحد أقساماً منها خطوط تماس حربية ما بين الجيش.. والجماعات المسلحة، التي لقت وبعدها دعماً غير مشروط من امريكا وتركيا وحلفائهما في المنطقة، بزعم كونها جماعات معتدلة.. وفي المواجهات العسكرية التي دارت ما بين الجماعات التي ظهرت بعد انزواء ما يعرف بالجيش الحر وانخراط أفراده في هذه الجماعات، وبين الجيش العربي السوري، ما من سبيل لمنع سقوط ضحايا من المدنيين سواء بنيران صادرة من جانب الجماعات أو من الجيش الوطني نفسه والذي لا يملك رغم حرصه علي حماية أرواح مواطنيه أن يمنع سقوط بعضهم.. في الوقت الذي يرد فيه علي مصادر إطلاق القذائف الصاروخية والمدفعية التي تستهدف أحياء حلب التي احتفظت الدولة بسيادتها عليها..، وبالطبع هناك فارق جوهري بين نيران الغدر التي تطلقها الجماعات ونيران الجيش السوري، فالأولي تستهدف وبالأساس المدنيين، انتقاماً منهم علي رفضهم الانفصال عن الوطن ومؤازرة أشرار العالم، والثانية لا تستهدف أبداً مواطنيها وإنما تنطلق لإسكات وتحييد مصادر قتل المدنيين وتدمير مقومات حياتهم، ودفاعاً عن أرض طبيعي أن تستمسك بها الدولة وتريد الجماعات أن تفصلها.
نحو 3 سنوات وأكثر وريف حلب واقع تحت سيطرة من لا يعرفون الله ولا يقيمون اعتباراً لحياة البشر، ثلاث سنوات وأكثر ومدينة حلب تتعرض بصورة تكاد تكون يومية وعلي مدار الساعة لقذائف تطلقها هذه الجماعة أو تلك..فما الجديد ؟؟ أخيراً تجبرت جبهة النصرة ( فرع تنظيم القاعدة بسوريا ) المصنفة بالجماعة الإرهابية وانضوي تحت لواءها عدد من الجماعات الأخري التي تعتبرها امريكا جماعات معتدلة تمدها بالسلاح وأعلنت بأنها قبلت بالهدنة.. باب خلفي للقتال ووجهوا قذائفهم بوتيرة جنونية غير مسبوقة إلي مدينة حلب سعياً لانتزاع أقسام جديدة منها وفصلها بالكلية عن الوطن.. واستعباد أهلها..
حلب لماذا الآن؟
بعد العملية العسكرية الناجحة التي نفذها الجيش العربي السوري بغطاء جوي مشترك مع سلاح الطيران الروسي لتحرير تدمر وطرد تنظيم داعش منها.. والتقدم الذي حققه الجيش علي أكثر من محور من محاور القتال بالاتجاهين الشمالي الشرقي والجنوبي.. صار واضحاً أن الهدف الأهم للدولة السورية هو تحرير حلب وريفها وإعادة المحافظة ذات الأهمية الاستراتيجية عسكرياً واقتصادياً لحضن الوطن، صارهذا الهدف قريباً ولم تعد هناك من انشغالات أهم أمام مؤسسات الدولة السورية.
تحقيق هذا الهدف الذي من شأنه أن يقلب الطاولة علي الرعاة الإقليميين والدوليين للجماعات المسلحة، سيغير من قواعد عملية التفاوض التي يدعمون أطرافها من معارضي الرياض في جنيف، غير أنه أنه يعزل هذه الجماعات ويحرمها المدد المفتوح من تركيا وإيرادات صادراتها التي تنهبها من الثروات السورية لتذهب إلي دولة الإخوان الأردوغانية، هو ما يفسر لماذا لجأت النصرة والجماعات المتحالفة معها للتصعيد في حلب خلال الأسابيع الأخيرة.. ولماذ ظهرت الآن بحوزة الجماعات نوعيات جديدة من الأسلحة شديدة التقدم سواء مضادات الدروع أو مضادات الطائرات الأرضية والمحمولة.. والأهم هو ما يفسر أسباب الحملة الإعلامية الشرسة في وسائل الإعلام الغربي والإقليمي التي تستهدف شيطنة الجيش العربي السوري اليوم...
ووفق كل المعطيات والتقارير الصادرة عن مجريات العمليات الدائرة في حلب حتي تلك المنسوبة لوسائل إعلام غربية لم تثبت خلال الأسابيع الأخيرة ولو حالة واحدة استهدف يها الجيش السوري المدنيين هناك، وحتي مشفي حلب ومخيم اللاجئين في ريفها الذي امتلأت الدنيا ضجيجاً بعد قصفهما في محاولة تحميل الجيش السوري مسئولية القصف، ثبت يقينا وبما بثته الوسائل الإعلامية للجماعات نفسها أن وراء قصفهما جيش النصرة وأحرار الشام، كما ثبت أن كلا من التنظيمين وجيش الفتح استهدفوا وبغير تمييز الأحياء الحلبية الواقعة تحت سيادة الدولة بآلاف من قذائف الهاون والجرار الغازية ومدافع جهنم، وأمام النيران المصبوبة علي أهل حلب لم يملك الجيش سوي الرد علي مصادرها.. هذه بالضبط هي الحقيقة..
ماذا بعد؟
في ظل هدنة ما هي بهدنة أعلنتها روسيا وامريكا في حلب تستنثي منها العمليات ضد النصرة وداعش تتواصل يومياً أعمال القصف العشوائي التي تنفذها جماعات المسلحين علي الآمنين بحلب.. الرئيس السوري من جانبه ولديه معطيات وطنية أهم وأشمل أعلن وبوضوح أن معركة حلب قادمة وأنه لا سبيل فيها إلا النصر وتحرير المحافظة الشمالية وإلي نهاية الحدود عند الجنوب التركي، حماية للمدنيين واستعادة للسيادة الوطنية علي الأرض من جهة، ولقطع الطريق أمام الإمدادات التركية والغربية للجماعات التي تسلك الدروب الحدودية عبر حلب من جهة أخري.. وإذا ما تمكن الجيش العربي السوري وحلفاءه من عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني ولواء القدس الفلسطيني وقوامه من فلسطينيي منظمة التحرير المقيمين بسوريا من إنجاز هذه المهمة.. يُغلق الباب أمام مشروعات دويلات الكرد والتركمان في الشمال ويصبح الطريق مفتوحاً أمام مواجهة الحسم مع داعش في مناطق الشمال الشرقي... نهاية لا يريدها أعداء سوريا الذين وضعوا كل حساباتهم علي تقسيم هذا البلد العربي وعملوا علي ألا تقوم قائمة أبداً لجيشه، ولهذا فإن معركة حلب ليست أبداً سهلة أو بسيطة، وإنما هي معركة المصير لوجود سوريا كما عرفتها الدنيا منذ فجر التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.