أصبح ميدان التحرير الذي شهد أكبر تظاهرات الثورة المصرية مزارا عالميا، وذلك بعد سقوط النظام الذي فشل في وقف الثورة، رغم إقدامه علي قتل المئات واصابة الآلاف غير الاعتقالات الواسعة التي شنها ضد الثوار. خلال الأسبوع الماضي زار الميدان رئيس الوزراء البريطاني وعدد من الوزراء والمسئولين الأوروبيين والأمريكيين لكنني توقفت عند تصريح وزير الخارجية الألماني جيدو فيستر فيله الذي قال فيه: انه زار الميدان من قبل ولكن هذه المرة تختلف، وأضاف: ان أي شخص سيزور الميدان الآن ستسري في جسده رعشة من عظمة الثورة التي صنعها المصريون! هذا التصريح يدفعني إلي اقتراح استثمار ميدان التحرير كمعلم إنساني وحضاري وسياحي.. فميدان التحرير أصبح معلما إنسانيا بفعل هذه الثورة العظيمة، التي لم يشهد التاريخ الإنساني لها مثيلا، إذ أنها كانت ثورة ضد الظلم والفساد، والقهر والاستبداد، رفعت شعار التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، وفرضت إرادة الأمة عندما أصرت علي ان الشعب يريد تغيير النظام. وأثبتت ان كلمة الشعب أقوي من كلمة السلطان. وأصبح معلما حضاريا جسد أسلوب شعب عظيم استخدم أحدث وأرقي وسائل العصر، من اعلام جديد عبر الانترنت في مواجهة نظام مستبد جاهل استخدم هو أيضا أحدث أسلحة الفتك والقتل، ولما اعيته الحيلة في قمع الثورة، عاد بنا إلي أسلحة البداوة، مستخدما الخيول والجمال والسيوف والعصي والحجارة، لكنه هنا قد فشل فشلا ذريعا واثبت للعالم كله -وقد كان يتابعه علي الهواء مباشرة- انه نظام خارج التاريخ! كما أصبح الميدان معلما سياحيا سيزوره ضيوف مصر ليطأوا باقدامهم هذه البقعة التي كانت رمزا لثورة انطلقت في مختلف أنحاء مصر، التي شهد رسول الله »صلي الله عليه وسلم« لجنودها بانهم خير أجناد الأرض، ويشهد العالم اليوم لأبنائها بانهم خير ثوار الأرض! لقد رفع ميدان التحرير اسم مصر وشعبها عاليا، ولفت انظار العالم لهذه الثورة التي سيمتد أثرها الإنساني إلي بلدان كثيرة. وهنا فإنني أدعو أهل الاختصاص من فنانين، ومهندسين معماريين، وعلماء نفس، واجتماع، وتاريخ، وغيرهم من ذوي الاختصاص، إلي تشكيل اللجان التي يمكن لها وضع الدراسات الكفيلة بتحويل ميدان التحرير إلي معلم سياحي، يكون بمثابة متحف مفتوح يضم أسماء شهداء الثورة، والقوي والحركات والتيارات والشخصيات التي كان لها أثر فيها، اضافة إلي بعض شعارات الثورة وصورها.. كما أدعو إلي تحويل مقر الحزب الوطني المجاور للمتحف المصري -باعتباره مملوكا للشعب- أدعو إلي تحويله إلي متحف للثورة وشهدائها، وان يضم لوحاتها وشعاراتها وأغانيها وأناشيدها وصور أبطالها. بقيت أمنية أتمني تحقيقها في ميدان التحرير وهي انشاء بانوراما الثورة التي يمكن لها ان تجسد هذا العمل الإنساني المجيد، علي غرار بانوراما أكتوبر التي وثق بها جيشنا ملحمة العبور والنصر، أو علي غرار البانوراما التي اقيمت في مدينة اسطنبول لتجسيد معركة فتح القسطنطينية، والحمد لله لدينا صور الثورة وتضحيات الثوار الأبرار حية وناطقة. كلمة أخيرة: أقترح ان يبادر المجلس الأعلي للقوات المسلحة -ان وافق- علي هذا الاقتراح ان يصدر قرارا بتشكيل هيئة لتوثيق الثورة المصرية، وان يدعو المصريين في الداخل والخارج وجميع الجهات الراغبة في الاسهام في هذا العمل للاكتتاب فيه عن طريق حساب خاص ينشأ لهذا الغرض النبيل.