لأول مرة وبعد خمس سنوات علي أحداث الصراعات والحرب الاهلية الدموية في الشقيقة سوريا.. نستقبل اخباراً مبشرة عن توقف اطلاق النار بين قوات نظام الاسد والجماعات المسلحة الرافضة لنظام حكمه الاستبدادي. لم يقتصر القتال علي هذين الطرفين ولكنه شمل ايضا الجماعات المسلحة المتطرفة نفسها.. بعضها ضد البعض . ماحدث أدي الي تخريب وتدمير مدن وقري هذه الدولة العربية الجميلة التي كانت ملء السمع والبصر.. راح ضحية هذا الصراع الدموي المجنون مايقرب من 250 ألف سوري من الاطفال والنساء والرجال. يضاف الي ذلك تشريد الملايين الذين فقدوا كل مقومات الحياة وهربوا الي الدول المجاورة وإلي كل دول العالم هربا من الموت الذي يطاردهم. لاجدال ان توصل المجتمع الدولي الي هذا الوقف لاطلاق النار ما كان يمكن ان يتم دون توافق وتنسيق بين القوتين العظميين.. الولاياتالمتحدةالامريكية وروسيا. من المؤكد ان الدافع وراء انهاء هذه المحنة حتي ولو بصفة مؤقتة هو تجنب الصدام المباشر بينهما بعد تورطهما في القتال تحت غطاء محاربة التنظيمات الارهابية وابرزها تنظيم داعش. السؤال المثار بعد تفعيل وقف اطلاق النار باستثناء بعض الحوادث الفردية.. هل سترضي الاطراف الاقليمية التي سيطرت عليها الاطماع والبحث عن مراكز نفوذ. الي جانب نزعة تصفية الحسابات بانهاء هذه المأساة الانسانية؟ هل سترضي بإن يكون وقف اطلاق النار خطوة نحو التوصل الي ايجاد حل سلمي يضمن للدولة السورية وحدة اراضيها والعيش التوافقي بين ابنائها علي اساس المساواة والمشاركة في ادارة شئونها؟!. ليس خافيا ان ايرانوتركيا والمملكة السعودية ومن ورائهم الولاياتالمتحدة وروسيا وان اختلفت الاسباب والاهداف.. هي اطراف اساسية في هذا الصراع الدموي المدمر. كل العالم يعلم ويدرك ما يقدمونه من تمويل ودعم بالسلاح والمأوي للتنظيمات والجماعات المتمردة والي النظام الحاكم. لم يعد خافيا ان معظم هذه التنظيمات وقياداتها تحولوا الي استخدام هذا الصراع.. سبوبة للاسترزاق. الجميع سواء كانت التنظيمات المسلحة ومن ورائها مؤيدوها من الدول أو النظام الحاكم يشاركون فيما يجري دون ان يضعوا في حسابهم مصالح ومقدرات الشعب السوري وحالة الضياع التي يواجهها. ان ما يحسب للدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو اصرارها وتمسكها بالدعوة الي ان تقرير مستقبل الدولة السورية لابد ان يكون نتاج ارادة الشعب السوري. ُيستثني من هذا التوجه القومي تلك الحقبة السوداء التي حكمت فيها جماعة الارهاب الاخواني.. مصر. ثورة 30 يونيو اكدت ان شعب سوريا ومن خلال اي تسوية سلمية هو صاحب الحق في اختيار نظامه السياسي. علي المجتمع الدولي اذا كان جادا في المساعدة علي تحقيق هذا الهدف وحتي يتجنب العالم حربا عالمية.. عليه العمل علي ان يرفع جميع الاطراف أيديهم العابثة عن سوريا. انهم مطالبون بان يتحولوا الي عناصر خير تعمل علي جمع شمل الشعب السوري الممزق في وطن يقوم علي الحق والمساواة. من المؤكد ان العالم كله قد شاهد وتابع الدور الاجرامي المريب الذي قام ويقوم به نظام اوردغان الحاكم في تركيا. كان واضحا وجليا انه يعمل علي تأجيج الصراع في سوريا لصالح اطماعه التوسعية التي يشهد عليها التاريخ عندما اقتطع منطقة «الاسكندرونة» السورية وضمها الي اراضيه. انه لم يتورع في سبيل تعظيم هذه الاطماع عن السعي الي توريط المملكة العربية الشقيقة في ان تكون طرفا مباشرا في الحرب الاهلية التي دمرت سوريا بعد ان كان دورها يقتصر علي التمويل بالمال والسلاح. كل الشواهد والدلائل تؤكد هذا الدور التآمري لاوردغان الحاقد ضد امن واستقرار الدولة السورية تمثل في توفير سبل التدريب والتسليح والمأوي للتنظيمات الارهابية واستخدامها للحصول علي البترول العربي لإرساء دعائم دولته اقتصادياً. ان شعب مصر جمعه بالشعب السوري الشقيق علي مدي التاريخ القديم والحديث اقوي الروابط الاخوية. في هذا الاطار فإنه يتطلع الي ان تكلل بالنجاح عملية عبور هذا الشعب لمحنته وان يستعيد كيانه من جديد علي اسس تضمن الامن والاستقرار والقدرة علي التصدي للاطماع والتآمر. في هذا الشأن نقول لجميع الاطراف السورية في الصراع.. اتقوا الله وكفي سفكا للدماء وعودوا الي كلمة سواء بعيدا عن دعاوي السوء التي لاتريد خيرا ولا سلاما لأمتنا.