صورة دونها المقالات والقصائد وكل التعبيرات، بفصاحة جمعت رموز المرحلة ببلاغة فاقت في لقطة.. كل معاني الكلمات من طبائعي المكنونة الانغماس أحيانا في جدال مع النفس، أسائلها وترد، أحايلها فتستجيب. حوار صامت.. مونولوج قد يصل لحد سكون صاخب، رغم هدوء يبدو من الظاهر بينما الأخذ والرد والجدال جواي دائر.. هكذا أتخذ قرارات في حياتي أو اقطع برأي في مسألة تخصني أحاور نفسي ولو كنت بين جموع.. ربما جزء من تكوين ذاتي يعني بعضا من غرس أمي : حاولي أن تضعي نفسك في موضع الآخر.. أو قد تكوني بعضا من « جوزائيتنا » فنحن بني جوزاء غالبا ما نلجأ لدي الاختلاف في الرأي والرؤية، أن نلجا بالغريزة لهذا الركن الذاتي.. تداول الأمر بداخلنا إلي أن نستقر ونركن لرأي وموقف وبقناعة ذاتية نقطع في الأمر... الثورة في 25 يناير مازلنا أسري الخلاف : أثورة أم مؤامرة، ليس من يجارينا في البقاء أسري أمور مختلف عليها في فعل ماض لا هو بحاضر ولا له علاقة بمستقبل.. الدنيا تتحرك وتجري ونحن في إسار النظر للوراء والاختلاف واحتدام الجدال، والذي يطيل النظر للوراء وهو يسير في طريق الحياة (يتكعبل ) ويتأخر وبعد فترة يتخلف.. بعيد الشر عن نسل الفراعنة أبدا بجينات في الوقت المناسب تتحدي التخلف... زدنا وعدنا وكررنا ونعيد القول : ما كانت الشريحة الشبابية التي كانت طليعة الدعوة للتظاهرة الاحتجاجية أن تتوقع، ولا من كانوا في الخارج يدبرون لتغيير الاوضاع في المنطقة توقعوا أن تتحول تلك الدعوة المفتوحة علي الفيس بوك للتظاهرة يوم 25 يناير أن تتحول إلي انطلاقة ثورة شعبية عارمة ممتدة بين انحاء مصر. وهذه وقائع ثابتة... ما عاد أحد ليجادل في أن خروج عشرات الملايين من المصريين إلي شوارع مدن مصرفي 25 يناير 2011، ذلك اليوم التاريخي المشهود والأيام التالية، الا وكان تعبيرا تلقائيا لما ضجت به الصدور تحت أثقال حمولة صبر طويل وانطلق مدويا.. كل من له حس سياسي استشعر قبلها بأن انفجارا ما سيقع وأن هذا الشعب ما عاد يحتمل ! وهذا ما حدث، فما أن تلقي الاشارة إلا ولبت الجموع هادرة والثورة التي هبت كانت بحق مختلفة عن كل ما سبق من ثورات علي مر تاريخ الانسانية.. ربما هي طبيعة هذا العصر وإمكانياته في الاتصال، جعلت منها هذه الثورة الجامعة الشاملة، فأهم وأقيم خصائصها أنها ما كانت ثورة طبقية وكراهية بالمعني التقليدي للثورات : طبقة ضد طبقة أعلنوا تصفية حسابات، بل ثورة 25 يناير التي لم تتعد أياما معدودة كانت هبة قومية لأمة بكل طوائفها.. نخبها وعوامها وسائر فئاتها من عليا ودنيا، جميعهم خرجوا معا بلا قيادة، انما المطلب محدد واضح : إسقاط نظام جثم بكل بلايا البقاء الدائم للسلطة : فساد وبلادة وجمود و.. صدق من قال السلطة الدائمة مفسدة ولو نزلت ملائكة إلي الأرض ودامت لهم السلطة لفسدوا و... ولأنها علي غير المعهود من ثورات التاريخ.. لا بدأت بعنف ولا بدماء.. لا محاكمات ثورية ولا صورية ولا مشانق بل سلمية سلمية.. من هنا بهر بها العالم في أيامها ! مع ذلك لا مفر من أن نتذكر ونعيد ونكرر بأن ما كان للثورة الشعبية تلك أن تحقق مطلبها في التغيير بالنحو السلمي دون حماية المؤسسة العسكرية.. فعندما وجد الجيش أنه في موضع المفصل القاطع والاختيار : ما بين حماية الثورة أو انكسارها، فقد اختار أن يكون بجانب الشعب لا السلطة ولا النظام.. ولا غرابة ولا انتقاص من قدر الثورة بل هو الأقرب لطبيعة الأمور.. فمن يرجع لتاريخ مصر منذ القدماء يتأكد أن العسكرية المصرية متجذرة ومتأصلة في هذه الأمة جيشها جزء منها وهي جزء منه.. هذا ما يقوله تاريخ مصر وقد لا يكون ذلك في البلاد الاخري. والمؤامرة ايضا... لأننا نعيش عصر الفضاء المفتوح، فما عادت تبقي أسرار مدفونة ولا أمور تبقي مطوية علي طول... ألغاز وانحلت تباعا وتكشفت معلومات عجب، وأقاويل موحية حينا وهامسة احيانا، وما كان يتردد من اتهامات في البدء علي استحياء ارتفعت نبرته بعدما اتضحت في الأمور أمور، وتحولت إلي أسماء محددة وصور تلقط وتشي بل وخرجت مخططات من بيوتها عبر الأطلنطي لتنشر علي العالم تفاصيل تملأ ملفات.. ما عاد من أمر يخفي. أدوات العصر ما عادت تتيح من وسائل « استغفال « للشعوب.. انكشف الغطاء تباعا عن مشاهد شبه مكتملة واستطعنا أن نفرز بين ما هو ثورة نابعة من قلب الشعب، وبين المؤامرة الخارجية والعوامل الدخيلة... فلما أخذت جزيئات أحداث متناثرة تتجمع، ووقائع مبتورة تتكامل وصور مرئية تؤكد، واتهامات وبراهين شتي بعضها يدخل نطاق العمالة وأشياء من هذا القبيل وأمور جارحة وقبيحة.. كان لزاما أن تفرض المسؤولية المهنية أن يكون متابعا يقظا يرصد علي متسع بقدر ما يستطيع.. ! هنا تكون مهمة الاعلام ودوره في منظومة المعرفة، وأعني بهذا الاعلام المكتوب الذي يسجل ويبقي للمؤرخين.. الصحافة هي التي عليها البحث والمراجعة وأن تلتقط ما هو ثابت من وقائع أحداث أو موثق كمعلومات... الدور المتآمر بمنظماته وبأسمائه وأدواره وخبرائه ومنظريه والتعاليم كلها صارت منشورة معروفة وبتفاصيلها شبه مكتملة ! وقائع التآمر متوافرة : تواريخ. صور. خرائط. مقاطع افلام فيديو بالكلمة والصورة تتحدث في مضمون ما نقول عنه بالعربي : ركوب الثورات.. فما بقي شيء قيد الكتمان، وما يتوافر من وقائع منشورة ومتاحة علي المشاع، وما يتسرب ويخرج من خزائن ويتسرب من مسؤولين سابقين متاحة علي مرأي من العالم وتملأ ملفات... إنما وللأسف.. من يداومون في مصر الاطلاع علي عالم الفضاء المفتوح، هم قليلون جدا بالمقارنة بالمدونين والمعلقين والنمامين وناشري الشائعات... فلا يعيب المرء أن يجهل أمورا إنما يعيبه ألا يحاول التقصي والمعرفة، بل يرفض وينفي ويتحاشي او ينكر مالا يعرف بل ولا يريد أن يعرف من الأساس ! بعدما أصبح الكبير والصغير يدرك أن إدارة أوباما من دعمت الاخوان وساعدتهم سياسيا وماديا علي ركوب موجة الثورة في 25 يناير.. ثم حكم البلاد هذا الذي لم يحتمله الشعب لأكثر من عام واحد، فقلبهم بين يوم وضحاه، وهذا إعجاز زلزال ثورة 30 يونيو 2013 الذي فاق بعدة درجات زلزال 25 يناير 2011 ! لنوقف عن اندفاع العواطف الهوجاء والآراء المطلقة، عندما تتعلق الأمور بتاريخ أمة بل معايش شعب، فليفسح المجال أمام العقل.. من هنا وجب أن يحاول أي من لا يزال يجادل ولو بين نفسه ان كانت ثورة او مؤامرة فليتعايش مع الواقعة.. وواقعها إنها جمعت بين الاثنين معا إنما علينا جميعا ألا ننسي أن المؤامرة لاتزال في أنفاس تتردد أي انها ما تزال قيد المحاولة ! الأمن مثل رغيف الخبز.. لا غني عنهما ! احتفالية العيد السنوي لبوليس مصر التي شهدناها علي الشاشة اثارت مشاعر متداخلة من عوامل الألم والأمل، الحزن والفخر معا لما تحقق من أمان.. من منا نسي ما حدث منذ تلك التجربة المريرة، يوم اختفي رجال البوليس من الحياة اليومية.. لكم تندفع نافورة من ذكريات تجارب حية لا أعادها الله علينا من ايام ! هل تذكرون أول صدمة يوم عرفنا فيه بنبأ نزع ملابس مندوبة احدي شبكات الفضائيات العالمية في ميدان التحرير من غوغاء مندسين ويدعون الثورية.. يومها تأكدنا بأن نوعية اخري من خارج شباب 25 يناير قد حطوا وتداخلوا علي الموقع واحتلوا الميدان... كانت « جرسة » وتناقلها العالم وجاءت بعلامات تدل علي أن شيئا آخر قد طرأ، والحادثة كانت كما اشارة صادمة لإدراكنا أن لونا آخر من بشع أمعاء المدينة، وأشياء أخري قبيحة قد خرجت من شقوق النفوس ولونا من الشرور تعرفه الانسانية كلها وانتشر في غيبة حراس الأمن... مثل تلك العينات من بشر لا تهجع وتستكين بغير سيف القانون مشرعا فوق أعناقها لو أقدمت وتعدت علي جموع بدون سيف العقاب المشرع لا حياة لمجتمع.. ربما لم ندرك قدر حيوية وجود اليوليس الا عندما اختفي، فظهر ذلك اللون من وجه آخر لبعض البشر..ألا تذكروا اياما كدنا لا نخرج من بيوتنا ؟؟؟ شيء آخر : البوليس في الدنيا كلها لابد ويكون ذا هيبة، فهو من يمثل الدولة في الشارع وفي الاماكن العامة ولابد ويتحلي بخشونة في حدود، أو في ظروف بعينها، فما من بوليس ناعم ولا خادم للشعب ودعونا من الشعارات الكدابة.. مهمة كل بوليس في الدنيا أن يكون في خدمة القانون والقانون فقط.. فلا أحد فوق القانون بما في ذلك البوليس نفسه.. رجل البوليس مواطن أيضا عندما يخطيء يطبق عليه القانون.. إنما الحذر كل الحذر من التعميم فلا يصح ولا يجوز أن تؤخذ أي فئة في المجتمع بجريرة بعض منها، وحملة كراهية عمياء كلا وألف كلا من يفعل تأكد أنه اما موتور أو في نفسه مرض ! تواجد الامن قويا ليس مجرد ركيزة استقرار لأي مجتمع، بل الأمن مثله مثل رغيف الخبز لا غني عن أيهما لكل مجتمع ! مؤتمر المجلس المصري للشئون الخارجية الثلاثاء : انعقد هذا الأسبوع المؤتمر السنوي لهذا المجلس المصري الموقر الذي تأسس منذ خمسة عشر عاما، ويجمع أكبر خلاصة من نخب مصرية وعقول في مجتمع مدني واحد.. ولا تنتظروا أن أسوق هنا ما جاء في مؤتمر استغرق نحو تسع ساعات تخللها ساعة واحدة في تناول الغداء.. فقد كان هذا العام هو الأطول لهذا المجلس حيث اختصر هذا العام ليوم واحد بطوله، فبدأ من العاشرة صباحا بافتتاح وزير الخارجية سامح شكري ووزير الثقافة حلمي النمنم، ثم أعقب ذلك جلسات شارك التحدث والعرض أمامها نحو عشرين شخصية، غير رؤوس الجلسات واليوم قد خصص للإرهاب في مصر بتحدياته من مختلف الوجهات... أتوقف هنا عند اقتراحين محددين : أحدهما اقتراح إقامة « مرصد » لتحولات الارهاب في مصر لدراسة الإرهاب محليا بمنهج علمي يتابع تحولاته، بمراحل تطوره وما يطرأ عليه أولا بأول.. مثل هذا المرصد العلمي متواجد في عدة دول ووظيفته لا تتعارض مع مختلف الدراسات القائمة... الاقتراح الآخر من أحد اعضاء المجلس لم ألتقط اسمه للأسف وان كان عسكريا من الرتبة التي سبقت الاسم ويقترح أن تخصص وزارة قائمة فقط علي الرعاية لكل ما يتصل بأسر شهداء الارهاب ممن يتساقطون من يوم لآخر فيكون هذا العرفان سندا للأيتام وللأرامل علي طريق الحياة إلي أن يشتد عودهم ويتهيأوا للحياة بسواعدهم... من هذا المنبر أتطلع بأمل أن يصل الاقتراح إلي الأب القوي بحنانه المفعم بالانسانية الرئيس عبد الفتاح السيسي... لقطة تلخص المرحلة : الرضيع ابن الشهيد في حضن الرئيس.. لماحية صحيفتنا الاخبار استشعرت اللقطة البليغة فأفسحت لها مكانة لا مكانا لصورة تخطف القلوب للرضيع ابن الشهيد في حضن الرئيس وتحت جناحه بكل هذا الحنان الغامر وتجمع في دمعة معلقة بأقصي العين فالتقطتها الكاميرا... صورة دونها المقالات والقصائد وكل التعبيرات، بفصاحة جمعت رموز المرحلة ببلاغة فاقت في لقطة كل معاني الكلمات : الإرهاب وما يفعل. الرئيس الذي يحنو ويحمي والمستقبل بين ذراعيه.. أي معان في لقطة خطفت القلب !