مرشحو "حماة الوطن" يلتقطون صورًا تذكارية أمام "ساحة الشعب" قبل مؤتمرهم الجماهيري    جبران: قانون العمل الجديد يعزز الاستثمار ويرسخ بيئة عمل مرنة وآمنة (صور)    دعم العلاقات العسكرية| وزير الدفاع يبحث التعاون مع رئيس الأركان الباكستانى    مصدر بالكهرباء: حل أزمة انقطاع التيار بالجيزة نهائيًا في هذا الموعد    عبد العاطى: ضرورة الضغط الدولى على إسرائيل لوقف استخدام سلاح التجويع    محاضرة فنية من فيريرا للاعبي الزمالك ..وتقسيمة فنية    علماء الأزهر يبحثون غموض حرائق برخيل| الفاعل مجهول    الأول على الثانوية الأزهرية: «بر الوالدين مفتاح التوفيق الحقيقي»    وصول جورج وسوف القاهرة لإحياء حفل ضخم بالعلمين الخميس| صور    الفائزون بانتخابات التجديد النصفى لنقابة الموسيقيين.. حلمى عبد الباقى ونادية مصطفى الأبرز    محمد عبد المنعم ل الساعة 6: مصر لم ولن تتخلى عن القضية الفلسطينية    خالد الجندي: المفتي يزن الفتوى بخمس مقاصد وثلاث مصالح لتحديد الحكم الصحيح    ما حدود تدخل الأهل في اختيار شريك الحياة؟.. أمين الفتوى يجيب    الداخلية تكشف ملابسات فيديو مشاجرة المطرية في القاهرة    وزير الثقافة: احتفالية كبرى بدار الأوبرا لتكريم الفائزين بجوائز الدولة    النائب إيهاب منصور يتقدم بسؤال عاجل للحكومة بشأن الانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه في الجيزة    بدء أوكازيون تخفيض أسعار السلع 4 أغسطس المقبل    مدرب سلة الأهلى الجديد يصل القاهرة بعد أسبوعين    ضخ المياه بعد انتهاء إصلاح كسر خط رئيسى فى المنصورة    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    رئيس الوزراء: مستعدون لوضع حوافز خارج الصندوق لتوطين صناعة السيارات الكهربائية    الأردن: الكارثة في غزة وصلت لوضع لا يمكن وصفه    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة مقدمة لتهجير شعبنا    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    ترامب: نعمل مع إسرائيل لمحاولة "تصحيح الأمور" في غزة    إم جي تطلق سيارتها IM5 سيدان الكهربائية رسميًا في الأسواق.. صور وتفاصيل    سفيرة الاتحاد الأوروبى: مصر ركيزة الاستقرار الإقليمى وندعم جهودها لوقف حرب غزة    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    "3 فرق يشاركون في دوري الأبطال".. خالد الغندور يزف خبرا سارا    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    النقابات العمالية تدشن لجنة الانتقال العادل لمواجهة التحول الرقمي    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    أمين الفتوى: الطهارة شرط أساسي لصحة الصلاة.. وهناك نجاسات مغلظة وأخرى مخففة ولكل منها أحكامه    وزير الصحة يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة وشركة روش مصر لتطوير رعاية مرضى التصلب المتعدد    ماء المخلل.. هل هو مفيد؟    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    تحرير (144) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    المياه أغرقت الشوارع.. كسر في خط مياه رئيسي بالدقهلية    أنغامي ترد على خطوة عمرو دياب.. وتؤكد: تامر حسني رقم 1 في الوطن العربي بلا منازع    جسور مصر لا تُقطع عن غزة    جامعة مصر للمعلوماتية تتعاون مع شركة اديبون لتدريب طلبة الهندسة بإسبانيا    الطب البيطري بسوهاج يتفقد مجزر البلينا للتأكد من سلامة وجودة اللحوم المذبوحة    مجمع إعلام القليوبية يطلق أولى فعاليات الحملة الإعلامية «صوتك فارق»    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    «أحط فلوسي في البنك ولا لأ؟».. الفوائد تشعل الجدل بين حلال وحرام والأزهر يحسم    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    بمشاركة وزير السياحة.. البابا تواضروس يفتتح معرض لوجوس للمؤسسات الخدمية والثقافية    ريال مدريد يعلن انتقال لاعبه إلى خيتافي    بايرن ميونخ يجدد عقد لاعب الفريق لمدة موسم    بالصور.. اندلاع حريق بمخلفات الأشجار على طريق البراجيل    تدريبات خاصة ل"فتوح والجفالي" بفرمان من مدرب الزمالك    موسوي: إسرائيل كشفت عن وجهها الوحشي بانتهاكها كافة الأعراف الدولية    انطلاق تصوير فيلم «ريد فلاج» بطولة أحمد حاتم    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    عيار 21 الآن بالمصنعية.. أسعار الذهب تنخفض 320 جنيهًا اليوم بالصاغة (السبيكة بكام؟)    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    5 أبراج «معاهم مفاتيح النجاح».. موهوبون تُفتح لهم الأبواب ويصعدون بثبات نحو القمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبة القرضاوي: المشهد والمنصة
نشر في الأخبار يوم 20 - 02 - 2011

الجمعة 18 فبراير. الجمعة الأولي بعد رحيل مبارك. الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي يصلي بالملايين في ميدان التحرير الذي تعطر بروح الشهيد حسن البنا. الوصف ليس من عندي. لكن ذكرته بعض الفضائيات الإسلامية عند وصف ما جري وقالت إنها أعظم صلاة جمعة في التاريخ منذ أن دخل الإسلام مصر. والقرضاوي وصف الزحام بزحمة الرحمة. ورغم عدم وجود عداد عند مداخل الميدان لنعرف عدد من حضروا. إلا أن الفضائيات قالت مليونين. والقرضاوي قال أنهم ثلاثة ملايين. وبعد الصلاة تجاوزت بعض الفضائيات المتعاطفة لتقول أنهم أربعة ملايين. صلوا صلاة الظهر والعصر. وقال القرضاوي للمصلين أنه يمكن الصلاة أمام الإمام. ومن لم يجد مكاناً يجوز له السجود علي ظهر أخيه.
وقبل الصلاة بساعات وصل القرضاوي ليجد في انتظاره صحفاً قومية كانت ترفض ذكر اسمه لتصوره لحظة الوصول لمصر. وعرضت الصلاة وياللعجب العجاب علي القناة الأولي والفضائية المصرية علي الهواء مباشرة. وتجاوزت الأربع ساعات. لأنه جمع بين ثلاث صلوات. الجمعة والعصر والغائب للشهداء. وصلاة الجمعة التقليدية والتي كانت تعرض كل يوم جمعة جري عرضها من مسجد القوات المسلحة علي القناة الثانية.
لحظة وصول المتظاهرين قامت قوات الجيش في ميدان التحرير بتوزيع الأعلام عليهم. وعندما اتصل بي إعلامي من الإعلام الذي كان حكومياً ويريدون أن يصبح الآن أهلياً. وطلب مني أن أعلق علي مشهد النصر في ميدان التحرير. وقلت له: إنني أختلف في التوصيف. فالمحاذير أكثر من الأفراح. قال لي هذا رأيك وليس رأينا وأغلق الخط. وهذا معناه أن الأمس مستمر في اليوم. وقد يمتد تأثيره إلي الغد وبعد الغد وربما الزمن الآتي.
أنا من الناس الذين لا يرضون بسهولة ولست من هواة الجري وراء نصف الكوب الملآن. فربما كان التحذير والنذير عند التحديق في نصف الكوب الفارغ أجدي وأهم لهذا الوطن. خطبة القرضاوي جيدة كنص يقال في مثل هذه الظروف. ربما كان فيه ما يشعر به المصريون جميعاً. وهو موقف عقلاني أقرب للعقل والعلم منه إلي الغيبيات. يكفي أنه خطب عموم المصريين. وذكر الأقباط. وتحدث عن المعتقلين. وطلب الرفق بالقوات المسلحة وعدم الاستعجال. لكن الأخطر أن القرضاوي حاول أن يبدو وكأنه يتحدث باسم المصريين. مع أنه لم يفوضه الشعب المصري ليعلن مطالبه. ويحددها. ويصلي بجماهيره في ميدان التحرير. نظرت للمنصة وتساءلت: أين شباب التحرير؟ جاءني الرد أن وائل غنيم حاول الصعود للمنصة ومنعوه. فالتف بعلم مصر وذاب بين الجماهير.
أكتب هذا الكلام مع أنني أعرف القرضاوي. قرأت له في الزمن القديم كتابه المهم عن مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام؟ وهو الكتاب الذي لم يعد طباعته أبداً. تشككت في الحكاية. لن أتهم الرجل فله في نفسي مكانة بأنه جاء ليخطف الثورة ويقدمها علي طبق من الفضة لجماعة الإخوان. دهشت وتساءلت: لماذا يخصص يوم الجمعة لمثل هذه المظاهرات الأسبوعية؟ قيل لي لأنه يوم الأجازة. ومن السهل أن يتقاطر علي الميدان الملايين. وهم لا يحبون أن يكون ذلك في أحد أيام الأسبوع حتي لا يعطل مصالح الناس.
كانت هذه مشاعري الأولي. لكني عندما فكرت في الأمر وحاولت أن أصل إلي أعماقه بدلاً من التعامل مع قشوره الخارجية اكتشفت أن الخطيب رجل ينتمي إلي الماضي ويتكلم كلام الماضي. وهو خطاب ربما لم يصل لكل هؤلاء الشباب الذين ملأوا ميدان التحرير. طلب مني البعض أن أفرق تماماً بين المنصة والمشهد. بين الخطيب والملايين. ورغم عوامل التهدئة فالجدل بين المنصة والمشهد قد يؤكد لنا في الأسابيع القادمة إن الثورة ربما خطفت أو سرقت أو نشلت أو تم الاستيلاء عليها.
ما رأيته بأم عيني كان أدق من مخاوف المتخوفين. وأنا كنت منهم. كان الشبان في الميدان يرفعون الأعلام وليست المصاحف. مع أن المصحف أعظم كتاب علي وجه الأرض. ورددوا شعارات أن الشعب يريد إسقاط الحكومة. ولم يقولوا أن الإسلام هو الحل. مع أن الإسلام ختام الأديان. سنة الله المطهرة. لم أجد الطواقي فوق الرءوس ولا الحجاب والنقاب ترتديه النساء. بل إن لحظة انصراف الشيخ القرضاوي مرت دون أن يشعر بها أحد. ثم إن صلاة الجمعة يقبل عليها البعض باعتبارها طقساً اجتماعياً علاوة علي البعد الديني الكامن فيها.
فما هي الحكاية بالضبط؟ من ناحية أن هناك محاولات لسرقة الثورة فهذا مؤكد. وأقول من حق الجميع أن يحاولوا بم فيهم الإخوان المسلمين. فمن ينفي أي اتجاه ومن يحاول منعه يقف علي تخوم الفاشية والنازية. وأيضاً فليس كل من دخل ميدان التحرير متظاهراً وصاحب قضية. ولديه الوعي الكامل الذي يمكنه من إدراك كل ما حوله. لذلك فإن هذه اللحظة المصرية كلها معرضة للاختطاف. ربما نصحو لكي لا نجدها وكأنها لم تكن.
إن كان لا بد من التظاهر يوم الجمعة. لماذا لم يكن الخطيب أحد شباب التحرير؟ أو خطيب محترف من سنهم؟ بدلاً من خطباء آخرين؟ لماذا لم يخطب فيهم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب؟ مشكلة ما جري في الحادي عشر من يناير أنه مبتدأ جملة ما زلنا ننتظر خبرها. فإن كان رأس النظام قد رحل فإن النظام نفسه ما زال يراوح مكانه. يحاول أن يستبدل ملابسه وأن يغير ألسنته وأن ينطق بكلام جديد ينطلي علي الناس ويفرغ فائض الغضب عندهم من محتواه.
لقد نجت مصر مؤقتاً من الوقوع في هذا الفخ. ولم يتمكنوا من سرقة الثورة. تري ماذا سيفعل المثقفون الذين كانوا قد بدأوا في رحلة التحول لكي "يتأخونوا" أي يصيروا إخواناً. وقد لاحظت علي بعض الإخوة المثقفين المنحدرين من أصول يسارية ربما شيوعية. بدايات تسلل مفردات الإخوان لألسنتهم. قلت لنفسي:
- اللهم احمي مصر من المثقف المتحول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.