أصبحت بسبب هذا العميل الذي في جيبك عاريا من كل خصوصياتك وربما تصبح عاريا جسديا ايضا سواء تماديت في غيك أو حتي كنت مستقيما في إحدي جولاته لتفقد اللجان الانتخابية في محافظته قال محافظ القليوبية المهندس محمد عبدالظاهر- كما نشرت الصحف- لأحد المواطنين الذين أشاروا إلي المال السياسي في الانتخابات خد منهم ولاتنتخبهم. أما عمنا عبدالقادر محمد علي فقد أشار في زاويته اليومية صباح النعناع أنه علي الناخب أن يقبض من كل مرشح علي استعداد للدفع ثم يمنح صوته لمن أعطاه أكثر. الاثنان الكاتب والمحافظ تهكما في إجاباتهما علي لعبة المال السياسي في الانتخابات، أما الصحفي المخضرم الزميل شريف رياض الذي قضي عمره المهني متابعا للمجالس النيابية فقد تناول القضية بجدية شديدة وطالب في أكثر من مقال له بضرورة أن تقوم اللجنة العليا للانتخابات بالمتابعة الفعلية للعملية الانتخابية ووأد عمليات المال السياسي بمجرد ظهورها، وكأن اللجنة لديها الامكانيات لتغطية المحروسة من أقصاها إلي أدناها تفعيلا لدورها الرقابي واذا افترضنا انها ستنتظر البلاغات فلن تأتيها الا من المرشحين ضد بعضهم البعض وطبعا اللهث وراء هذه البلاغات والبحث عن مصداقيتها تكون الانتخابات خلصت والنتائج ظهرت وانعقدت أولي جلسات البرلمان. إذن دعونا جميعا نتفق علي مباديء من المفترض أن تحكم العملية الانتخابية وعلي رأسها ألا يمد المرشح يده إلا بورقة تحمل برنامجه أو أن يقوم بشرحه في مؤتمرات عامة من أجل الناخب الأمي وفي المقابل ألا يمد الناخب يده ليقبض مقابلا لصوته سواء كان عينيا أو ماديا. واذا جئنا لطرفي المعادلة وهما المرشح والناخب فإننا ببساطة شديدة نطالب معظمهم بالمستحيل لأن فاقد الشيء لايعطيه. المرشح الذي قدم أوراقه للبرلمان ليس ملاكا أو نبيا مرسلا لنفترض أن جلّ همه أن يخدم بلده وأهل دائرته، والناخب في المجموع الذي سيذهب إلي صندوق الانتخابات ليس همه أيضا الاختيار الأصلح والأفلح إن صدق فيما يقدمه من وعود وفيمايعرضه من برامج. لوتخطينا الأهداف الأسمي التي يجب أن يسعي اليها المرشحون سنجد أن نسبة كبيرة منهم تسعي إلي المنفعة الذاتية وتحقيق مصالح شخصية فضلا عن المنافع المادية، طبعا لكل مجال استثناء ولكننا في النهاية نتحدث عن ظواهر امتدت علي مدي عقود، سواء في برلمانات قبل الثورة أو بعدها ولانحسب مثلا ممتاز نصار أو محمود القاضي أو علوي حافظ أو محمود زينهم بين هؤلاء، لقد كانوا استثناء بكل المقاييس، ورغم ذلك لم يستطيعوا تغيير واقع قائم أو منع ما هو ضد الشعب والبركة كانت في الأغلبية المنتسبة للحزب الحاكم. لا أتصور أن المال السياسي يمكن أن يؤثر في المحصلة النهائية لاتجاهات الناخبين والدليل الهزيمة المرة التي مني بها حزب النور في الجولة الأولي رغم كل عطاياه العينية، ودليل آخر النماذج التي سقناها من قبل للفوارس الذين جالوا وصالوا تحت قبة البرلمان طوال القرن الماضي ويكفي أن نائبا مثل البدري فرغلي كان يذهب إلي بيته ليرتاح قبل انتهاء التصويت بساعات وهو ضامن أصوات شعب دائرته بورسعيد. التعويل علي دور المال السياسي في توجيه الناخبين ما هو في رأيي إلا حجة البليد وأعود بذاكرتي إلي انتخابات عام 71 أو 72 عندما اكتسح الشاب عبدالحميد حسن خريج طب القاهرة اسماء لها تاريخ نيابي في دائرة السيدة زينب لمجرد أن بطاقة الدعاية الانتخابية له حملت صورته مع الرئيس جمال عبدالناصر الذي استقبله عام 1968 باعتباره ضمن اعضاء اتحاد طلاب جامعة القاهرة التي قادت مظاهرات الطلبة احتجاجا علي أحكام القضية المعروفة بالطيران أعقاب نكسة 1967. وما كان لمحمود عباس العقاد أن ينجح في البرلمان وهو العملاق الذي لايملك مالا من أجل انفاقه علي أهدافه السياسية وبسبب موقفه تحت القبة وقوله أن الامة علي استعداد لسحق أكبر رأس في البلاد للحفاظ علي الدستور قدم للمحاكمة بتهمة العيب في الذات الملكية وحكم عليه بالسجن. واذا اتفق معي البعض علي أن الناخب المصري علي وعي وادراك منذ أن عرفت مصرالحياة النيابية والي يومنا هذا والدليل ما سقناه من أمثلة لشخصيات حفرت اسماءها بأحرف من نورفي تاريخ العمل النيابي في البلاد دون أن يكون للمال السياسي أي دور فيما حققوه، اذن فإن المشكلة تكمن في عدم ظهور شخصيات سياسية بما تحمله الكلمة من معان قادرة منذ بداية مرحلة الشباب علي استقطاب عقول وقلوب مواطنيها سواء علي مستوي الدائرة التي تنتمي اليها أو علي مستوي الوطن كله. حدث فراغ في عمليات التأهيل السياسي والتي كانت الجامعات باتحادات طلابها مفرخة لها وقبلها اتحادات الطلاب في المرحلة الثانوية. تضييق الخناق علي هذه الاتحادات أدي بها إلي النكوص والتقهقر عن دورها في الترجمة السياسية وتنشئة كوادر تتبوأ دورها في المسارات السياسية المختلفة. في نفس الوقت كان لسياسة الحزب الواحد طوال الحقبة الناصرية واحزاب الديكور خلال الحقبتين الساداتية والمباركية أكبر الأثر في عزوف الشباب عن الممارسة السياسية وكان الكثيرون منهم صيدا سهلا لأفخاخ التطرف والتشدد الديني. لم تتح الفرصة لظهور كوادر ترنو اليها الأنظار وتصعد بها أصوات الناخبين إلي البرلمان، فكما تم إخصاء البلاد طوال 30 عاما من حكم مبارك ولم تتح الفرصة لقيادات شابة في أن تتولي مقاليد الأمور، اعتمدت الدولة علي العواجيز وقيادات شاخت في مواقعها فكان ما آل اليه حالنا ونخشي أن يؤول اليه مصيرنا. إذن ما هو المطلوب.. لانراهن علي الناخب المصري فعزوفه هو موقف وعدم اكتراثه موقف أيضا، لابد أن نكون علي يقين من وعيه وقدرته علي الفرق بين الغث والسمين.. واذا كان هؤلاء الشباب المفعم بالرغبة في التغيير وليس هناك سقف لطموحه فإننا مطالبون باحتواء هؤلاء كما احتوتهم منظمة الشباب في عهد عبدالناصر- والقياس مع الفارق بالطبع- ولكن اذا كان لدينا من الكبار من سيعمل بإخلاص ويأخذ بأيدي هؤلاء من أجل مستقبلم وإعدادهم سنجد أضعاف ما نريد من أعداد لمجلس النواب ولن تكون هناك حيرة في الاختيار أو عزوفا عنه أو أي تأثير للمال السياسي . انفضوا التراب عن المخلصين وحرروهم من القيود وابدأوا بالمدارس ومراكز الشباب والجامعات ليقدموا اجيالا اكثر وعيا سواء كانوا مرشحين أو ناخبين. عميل في جيبك كل شيء علي تليفونك الذكي في ايدي شركات السوق السوداء وهي شركات علي قدها تهدف الي ابتزاز الاشخاص أو الحصول علي مقابل من أعدائك لمعرفة كل شيء عنك ناهيك عن أجهزة المخابرات التي إن كنت تمثل لها أهمية فلديها الكثير من الأجهزة التي تجعلك تحت حصارها ولاتستطيع الافلات منها أبدا. هي مجرد رسالة تأتي اليك علي الهاتف أيا كان فحواها فبمجرد قراءتها أصبحت مراقبا منهم انتهي أمرك.. أصبح كل ماعلي تليفونك من أرقام أو رسائل أو واتس آب أو محادثات علي الشات كلها انتقلت في لحظة الي جهاز الحاسوب الخاص بالشخص الذي يراقب أو شركة السوق السوداء التي دفع لها أحدهم لرقابتك أو انتقتك هي بعناية لابتزارك. صورك، ملفاتك حتي لو قمت بإلغاء أي منهما، أينما ذهبت واذا فتحت الكاميرا يشاهدون ماتشاهده ويصورون ماتصوره. تدخل علي الانترنت للشراء يعرف ماذا اشتريت وكم دفعت، ماذا قرأت وتصفحت، علي أي كافيه جلست ومع مِن من الاصدقاء أو المعارف أو الذين ستعقد معهم الصفقات. أصبحت بسبب هذا العميل الذي في جيبك عاريا من كل خصوصياتك والتي لن تتحمل أن يعرفها غيرك أو غيركما أو غيركم في اطار مجموعة وربما تصبح عاريا جسديا ايضا سواء تماديت في غيك أو حتي كنت مستقيما بعد أن اصبح للتليفون الذكي أو التليفون الجاسوس - كما يطلقون عليه - شركات تقدم خدماتها لمن يدفع وطبعا دون تصريح أو ترخيص ولكنها موجودة وسبق ان قبضوا علي البعض في دولة خارج مصر بعد أن اكتشف عدد من جامعي هذه التليفونات انهم مراقبون من قبل جهات لاعلم لهم بها فلجأوا الي الشرطة للشكوي. هذا التقرير الذي رأيته علي شاشة احدي الفضائيات جعلني أفكر كثيرا في أن استغني عن تليفوني الذكي الذي حتي لو أغلقته فسأظل مراقبا لمن أراد أن يراقبني والغريب انك لاتستطيع فصل البطارية عنه فهي جزء منه ولايمكن فتحه اساسا. ولكن لم يعد لي غني عنه في عملي علاوة علي أنني في عمر لايسمح لي بمهاترات من أي نوع ولكن من المؤكد أن هناك من الواتسات أو الشات مع أصدقاء لا يهمني أبداً أن يطلع أحد عليه. وجدت نفسي اتساءل إذا كان البني آدم استطاع في هذا العصر أن يعرف كل شيء عن اخيه وأمه وأبيه وصاحبته فماذا عن خالقهم الذي يعلم السر وأخفي، وإذا كان كل منا بالعميل الذي في جيبه يمكن أن يجد كتاباً له منشوراً في الدنيا فلماذا يستكثر الملحدون أن هناك آخرة وأننا سنجد كتابنا منشوراً فيها؟ كيالي والنابلسي الأول هو الاستاذ الدكتور محمد منصور كيالي والثاني فضيلة الشيخ محمد راتب النابلسي، الاثنان من أبناء سوريا الشقيقة وهما يطلان علينا من الفضائيات أو من خلال اليوتيوب، د.كيالي الاستاذ بجامعة حلب يمزج في حديثه بين العلم والدين في اسلوب هو السهل الممتنع، يخاطب به كل مشاهديه مهماكان مستواهم العلمي أو التعليمي ببساطة متناهية يقدم لهم الآية القرآنية ويمزجها بحديث العلم وآخرما توصلت اليه الابحاث طبية كانت أم هندسية أو زراعية أو غيرها من المجالات، والثاني يبث فيك ما يجب أن يستوعبه وجدان المسلم أو بالأحري وجدان الانسان ليصل إلي مرحلة الرضا علي خالقه ورضا خالقه عليه. وتعالوا نستعرض بعض مما تناوله د.منصور كيالي في برامجه التليفزيونية. عن السرطان آفة العصر والذي وصفه وكأنه صار وباء قال: الله سبحانه جعل لنا الليل لباسا ومع حلول الظلام الدامس مع العشاء مباشرة تبدأ الغدة الصنوبرية ومكانها فوق الأذن والتي ترتبط بالعصب البصري وجميع شرايين الجسم في مد الجسد مجانا بمادة الميلاتونين التي تمنع الأكسدة التي إن حدثت تعطي الفرصة لتكون الخلايا السرطانية. الميلاتونين لايبدأ عمله الا في الظلام الدامس والي ما قبل الفجر بساعتين ولكن تعال لننظر إلي حالنا وكيف جعلنا ليلنا كنهارنا وأصبحنا لانعطي الفرصة لهذه المادة كي تبدأ عملها في الوقت المحد لها وفي الظروف التي يجب أن نهيأها لها لتعمل. وضرب الاستاذ الكبير مثالا لتجربة تمت علي مربي الدواجن في مزارع صناعية وأخري طبيعية حيث ثبت ان الأخيرة لايوجد بين عمالها حالة سرطان واحدة لأنهم يبدأون عملهم مع صلاة الفجر وينتهي مع العشاء علي عكس المزارع الصناعية التي يوقظ عمالها الدواجن ليلا لإطعامها من أجل مزيد من التسمين حيث ثبت إصابة ثلاثين بالمائة من عينة البحث بالسرطان. ويسوق د.كيالي تجربة علمية أخري تم اجراؤها في كلية التقنية بجامعة حلب عندما استرعي انتباه أحد الباحثين الحديث الشريف بأن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة حيث اثبتت التجربة أن الصفوف المتراصة التي اشار اليها القرآن في موضعين فقط هماالقتال والصلاة تزداد فيها طاقة الفرد 27 ضعفا عن طاقته إذا كان بمفرده. براءة حواء وينتقل بنا إلي دحض الاسرائيليات التي اقتحمت كثيرا من كتب التراث ونسبت سبب خروج سيدنا آدم من الجنة إلي حواء مؤكدا ان الله سبحانه وتعالي كان خطابه كله لآدم حتي انه أنذره إن أطاع ابليس سيخرجان من الجنة فتشقي ولم يقل له فتشقيا، حتي ابليس نفسه خاطب آدم وقال له هل أدلك ولم يقل هل أدلكما. فتلقي آدم من ربه كلمات ولو كانت مسئولية حواء لتلقت معه هذه الكلمات ليتوب الله عليهما ولكنه وجهها لآدم باعتباره المسئول الوحيد عن الخروج من الجنة.. وابتسم الرجل وهو يقول في نهاية حديثه: المشكلة أننا نقرأ القرآن ونقرأ كلام الله لآدم واختصاص الشيطان بغوايته وبعد أن ننتهي من القراءة ننظربحسرة إلي حواء ونتهمها أنها أخرجت أبينا من الجنة وبالتبعية خرجنا معه. أما فضيلة الشيخ محمد راتب النابلسي فخطابه الهاديء الرصين لاتتسع هذه السطور للحديث عنه والاشارة إلي عظاته البليغة ولنا وقفة معه في يوميات أخري بمشيئة الله.