أدلي الدكتور المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بتصريحات مهمة أمس.. قال إن الجهاز قدم ألف تقرير وكلها تشهد علي الفساد، إلي الجهات العليا والرقابة الإدارية والنيابة العامة والإدارية.. أكدت بعض هذه التقارير المفارقات الصارخة بين ما تتقاضاه القيادات بالوزارات والمصالح والبنوك، والعاملين.. ركز رئيس الجهاز علي 71 تقريراً خطيراً تنطق بالفساد البين، وقال إن أزمة الثقة بين المواطنين والحكومات السابقة سببه تخاطب الوزراء بلغات مختلفة ولا ينزلون إلي الشعب، ويقومون بتجميع الأزمات والأحداث.. وكشف أن نسبة الفقر في إحدي محافظات الصعيد ارتفع إلي 16٪!.. وأن الدين الداخلي والخارجي تجاوز حدود الأمان. بدأ الدكتور جودت الملط حديثه قائلاً: إن جهاز المحاسبات أرسل ألف تقرير رقابي خلال الفترة من يوليو 4002 وحتي يوليو 0102 وهي فترة حكومة الدكتور أحمد نظيف.. وقد أخذت هذه التقارير طريقها إلي مؤسسة الرئاسة ورئيسي مجلسي الشعب والوزراء، وهيئة الرقابة الإدارية، الوزراء والمحافظين ورؤساء الهيئات والشركات.. وكل هذه التقارير تكشف صور إهدار المال العام. وفي الوقت نفسه أكد رئيس الجهاز أن عدداً من الوزراء والمسئولين في هذا الوطن أعطوا فأوفوا، ولهم بصمات واضحة وأداء متميز في مواقعهم، ويدركون معني المسئولية وأمانة المنصب وشفافية القرار، وكان لديهم قدرة نادرة لتحقيق الإنجازات ويعملون لحساب الوطن.. إلا أن عدداً ليس بالقليل من الوزراء والمسئولين لا يأخذون الأمور الحياتية للناس بالجدية المطلوبة، ويتخذون قراراتهم اعتماداً علي تقارير مكتوبة دون معايشة الواقع، وغير قادرين علي التنبؤ بالمشكلات عاجزين عن مواجهة المواقف والأزمات والتصدي للمشكلات العامة.. وتركوا الأزمات تتفاقم برغم وجود مؤشرات كثيرة تنذر باقترابها.. بل إن بعض المسئولين ساهموا في صنع الأزمات. أزمة ثقة وقال الدكتور جودت: إن من مظاهر أزمة الثقة بين المواطنين والحكومة عدم وجود لغة واحدة للحكومة وغياب التنسيق والأداء الجماعي وضعف قنوات الاتصال بين الحكومة المركزية والإدارة المحلية، وضعف المراقبة والمتابعة، وكثرة التصريحات الوردية علي لسان بعض الوزراء والمحافظين، ولجوء بعض المسئولين إلي التعتيم الإعلامي، وإنكار حدوث الأزمة في بدايتها وعدم الاعتراف بوجود أي خلل، أو التقليل من شأن الشكوي، أو تمييعها علي أمل النسيان! وإحساس المواطنين بتجاهل الحكومة لهموم ومواجع وأنات المهمشين ومحدودي الدخل، وأن ما يتحقق من إنجازات لم ينعكس علي الحياة اليومية للأغلبية العظمي من المواطنين البسطاء والفقراء ومحدودي الدخل، بل والطبقة المتوسطة وطبقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ومركز معلومات مجلس الوزراء والتي قسمت الفقراء إلي 3 فئات »مدقع وأدني وأعلي«.. ومن ينتمون للخط الأدني أكثر من 61 مليون نسمة 6.21٪ من سكان الجمهورية وترتفع نسبة الفقر في محافظات الصعيد لتصل 16٪ في أسيوط و5.74٪ في سوهاج، و4.14٪ في بني سويف و93٪ في قنا. سلبيات المشروعات وقال الدكتور جودت الملط: إن ظاهرة الاحتكار وإغراق الأسواق بالسلع الأجنبية مجهولة المصدر، وانتشار تجارة الرصيف والسلع المغشوشة والمقلدة.. كل هذا أدي إلي ارتفاع الأسعار في السلع والخدمات ولم يعد أغلب المواطنين قادرين علي مواجهته. وتناول رئيس جهاز المحاسبات استمرار السلبيات التي شابت تنفيذ بعض المشروعات القومية وغالبية المشروعات الاستثمارية، بسبب سوء التخطيط بين الوزارات والشركات وعدم وجود دراسات جدوي اقتصادية صحيحة.. كل ذلك تسبب في إهدار المال العام ويستوجب المساءلة والعقاب، إضافة إلي الخروج السافر علي أحكام قانون المناقصات والمزايدات وعدم إرسال العقود إلي إدارة الفتوي والتشريع لمراجعتها بالمخالفة لقانون مجلس الدولة. التعدي علي الأراضي وتوقف الدكتور جودت أمام ظاهرة التعديات علي أراضي الدولة والخصخصة، قال: إن من مظاهر التعديات الاستيلاء علي مساحات من الأراضي بغير سند قانوني، والتعدي علي المصادر المائية بغير وجه حق لري هذه المساحات والتعدي علي الأراضي المبيعة والمخصصة للاستصلاح والاستزراع في غير الغرض المخصص لها »منتجعات وفيللات وملاعب جولف ونوادي وفنادق وحمامات سباحة« بالمخالفة للقوانين وهو ما يمثل مساساً بهيبة الدولة وإغراء لشركات أخري للاعتداء علي القانون وهو ما يمثل ضرراً علي المال العام. أما عن الخصخصة فقد بلغت حصيلتها في الفترة من أول يوليو 4002 حتي 03 يونيو 9002 5 سنوات من فترة حكومة د. نظيف 25 مليار جنيه، حصلت وزارة المالية علي 3.91 مليار جنيه منها لتسديد عجز الموازنة بنسبة 73٪ والباقي لمواجهة الاختناقات المالية والمعاش المبكر، وتبين أن الحكومات المتعاقبة لم تستطع أن تمنع أو تتحكم في الآثار السلبية لبرنامج الخصخصة مثل مشكلة البطالة والتضخم والاحتكار. أزمات بالجملة وقال رئيس جهاز المحاسبات إن الحكومة السابقة مرت بأزمات وكوارث كثيرة مثالاً علي ذلك القمح والخبز، وحوادث الطرق »نزيف الأسفلت« والقطارات السقوط والانفصال والمصادمات والحريق وغرق العبارات والانهيار الصخري بهضبة المقطم الدويقة انفلونزا الطيور والخنازير، وانفلات أسعار المواد الغذائية وأنابيب البوتاجاز والسيول التي تعرضت لها مصر في يناير 0102 وأثرت علي شمال وجنوب سيناء وأسوان، وأزمة القمامة المزمنة وأزمة المقطورات.. وقد فشل بعض المسئولين في الحكومة السابقة تبرير الأزمات وتركوها تتفاقم برغم مؤشرات كثيرة كانت تنذر باقترابها من الانفجار. صور الفساد وأوضح الدكتور جودت الملط أن جهاز المحاسبات قدم تقارير مهمة لكل من يهمه الأمر حول احتكار حديد التسليح وبيع الأسمنت وأثره علي السوق المصري، وجراج رمسيس الذي تم بناؤه وأسباب هدمه، وجامعة النيل والمبيدات المسرطنة، وعقود الرعاية السياحية »نورت مصر« وبيع أرض مدينتي والسليمانية وبالم هيلز والمنطقة الاقتصادية شمال غرب خليج السويس ومدينة الإنتاج الإعلامي وأرض التحرير ايجوث وقرية توت آمون بأسوان وإيجار فندق شهرزاد »أبحوث« وبيع شركة عمر افندي واستيراد أقماح غير مطابقة للمواصفات وموافقة رئيس مجلس الوزراء علي هدم فندق ووتر بالاس بالأقصر »631 غرفة« وإنشاء مبني بديل يتكون من 08 غرفة! والمفارقات الصارخة بين مجموع ما يتقاضاه بعض القيادات والمسئولين بالوزارات والمصالح والهيئات والبنوك والشركات العامة وبين العاملين. تدهور الخدمات وتناول د. جودت رأي الجهاز المركزي للمحاسبات في قضايا التعليم والمواطن.. قال: هناك تراجع مختلف أنواع التعليم العام والفني والجامعي، لذلك خرجت الجامعات الحكومية من التصنيفات العالمية أو وضعها في مؤخرة التصنيفات رغم أن التعليم يمثل قضية أمن قومي. كما نبه الجهاز في تقاريره أزمة البحث العلمي والمعوقات التي يواجهها. وقد كشف الجهاز سوء الرعاية الصحية للمواطنين وسلبيات العلاج علي نفقة الدولة والتجاوزات والمفارقات الصارخة وضعف الرقابة الداخلية، وإساءة المسئولين للموارد المخصصة للعلاج للمواطنين غير القادرين.. كما تعرضت تقارير الجهاز إلي معاناة المواطنين مع قضايا النقل والإسكان والصرف الصحي والمناطق العشوائية. فجوة الموارد والاستخدامات وفي ختام حديثه قال الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات إن الجهاز رصد الفجوة بين الاستخدامات والموارد التي بلغت في عام 4002 / 5002 نحو 16 مليار جنيه ارتفعت إلي 421 مليار جنيه عام 9002 / 0102 يتم تمويلها بإصدار أذون وسندات خزانة علي الحكومة واقتراض وإصدار أوراق مالية أجنبية.. وفي الوقت نفسه بلغت مديونية وزارة المالية لصندوقي التأمين الاجتماعي للعاملين بالحكومة وقطاعي الأعمال العام والخاص نحو 121 مليار جنيه في 03 يونيو 0102 نتيجة توقف وزارة المالية عن تحمل الأعباء الملتزمة بها قانوناً عن العام المالي 9002 / 0102 وأعوام مالية سابقة.. وقد أدي ذلك إلي حرمان الصندوقين من عائد استثمار هذه الأموال وأثر ذلك علي حقوق المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات وإصدار صك علي الخزانة بقيمة المديونية.