أي مستقبل ينتظر الحزب الوطني في المرحلة المقبلة.. وبعد ان اصبح الحزب في حكم الميت اكلينيكيا .؟ سؤال كبير يشغل الشارع السياسي في مصر.. فالحريق الذي اتي علي مقر الامانة المركزية للحزب يوم 82 يناير الماضي، كان »احراقا رمزيا« للحزب وتعبير عن موقف في الشارع رافض لسياسات الحزب وفساد الكثير من قياداته.. لكن من الظلم ايضا تصوير كل اعضاء الحزب علي انهم من المنتفعين واصحاب المصالح. والآن وبعد ان تغير المشهد السياسي.. ونجحت »ثورة الشباب« في فرض معطياتها علي الواقع السياسي كله.. وانفصل الحزب الوطني عن الدولة.. وخرجت معظم وجوهه من المشهد.. وطالت المحاكمات عددا من ابرز قياداته المتهمين بالفساد.. ماهو المستقبل الذي ينتظر الحزب.. هل سيستطيع البقاء بعد تصحيح المسار.. ام ان الحزب احترق سياسيا.. مثلما احترقت مقاره؟! وفي البداية يؤكد د. بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان ان ماحدث هو انفتاح لعهد جديد يفتح افاقا جديدة لمشاركة الشباب في الحياة السياسية خاصة مع التراجع الشديد لدور الحزب الوطني الديمقراطي وانعدام ثقة الشارع فيه، مشيرا الي ان السؤال الذي طرح نفسه خلال فترة التظاهرات هو اين شباب الحزب الوطني مما يحدث واكد ان الايام القادمة لن تكون الحياة السياسية مجرد احزاب ضعيفة او حزب وطني يستمد قوته من ضعفه الاخرين ولكن ستكون بين الشباب وصوته وقدرته علي اتخاذ قرارات تتماشي مع طموحاته في تحقيق حياة ديمقراطية سليمة. بناء خاطيء ويقول د. ماجد الشربيني عضو هيئة مكتب الحزب الوطني، امين العضوية، انه من الصعب استباق الاحداث فيما يتعلق بمستقبل الحزب.. فالجميع بانتظار البيان رقم 4 من القوات المسلحة الذي سيتضمن الكثير من الاجابات علي الاسئلة المنارة حاليا حول مستقبل المؤسسات السياسية في المرحلة المقبلة، فاذا ماتم وقف العمل بالدستور وحل البرلمان بمجلسيه والدعوة لانشاء جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد سوف يتم حل الحزب كغيره من الاحزاب.. اما اذا قرر المجلس الاعلي للقوات المسلحة الحفاظ علي حرية عمل الاحزاب ومشاركتها في الساحة السياسية، فسيكون هناك مجال آخر للعمل. ويضيف د.ماجد الشربيني ان الحزب الوطني منذ تأسيسه عام 8791 كان يعاني من مشكلة رئيسية، وهي ان بناءه الهرمي كان يقوم من اعلي الي اسفل. ومشكلة هذا البناء انه يتم بقرار فوقي، وبالتالي يرتبط الحزب بمن انشأه.. اما الآن فقد تغير الوضع، وصار الحزب غير مرتبط بالدولة.. ونحن امام نوعين من الاعضاء بالحزب.. الاعضاء الذين انتموا الي الحزب من اجل التقرب من اشخاص او الالتصاق بالسلطة للحصول علي مزايا شخصية، فهؤلاء لن يكون لهم وجود بالحزب بعد ابتعاده عن الدولة.. اما الاعضاء الذين أمنوا بافكار ومباديء الحزب، واعتقد أنهم اقلية، ولم ينضموا من اجل الحصول علي مصالح خاصة، فهؤلاء يمكنهم اذا ماتم تصحيح مسار الحزب وتغليب المصلحة العامة وادراك متغيرات الواقع السياسي والاحتكاك بالشارع، ان يعيدوا بناء هذا الكيان مرة أخري وفق اسس ومناهج مختلفة. ويؤكد الشربيني أنه اذا مابقي الحزب الوطني في الفترة المقبلة فلابد من احداث تغيير جوهري في بنية الحزب، وحتي في اسمه وشعاره واللون الذي يستخدمه حتي يمكن الاطلال علي الشارع بشكل مختلف يتوافق مع التغيير الذي شهدته مصر. ويقول امين العضوية بالحزب ان من سيبقي في الحزب الوطني في الفترة المقبلة سيحظي بمصداقية اكبر، لانه ساعتها سيؤكد ان ارتباطه بالحزب ليس ارتباط مصلحة وانما عن اقتناع بمباديء الحزب وافكاره.. كما ان الفترة المقبلة تتضمن تحديا كبيرا هو تجاوز الصورة الذهنية السيئة جدا عن الحزب حاليا في الشارع.. وهذه امور تحتاج الي جهد، والي نوعية مختلفة من الاعضاء الذين يؤمنون بنبل الافكار التي كانت تتضمنها برامج ومباديء الحزب بغض النظر عن الانحراف الكبير الذي شاب الممارسات داخل الحزب ومن بعض قياداته.. واعتقد ان الايام القادمة ستكشف عن قدرة هذا الحزب علي البقاء، والتكيف مع المتغيرات الجديدة. من جانبه يقول د. محمد حسن الحفناوي امين المهنيين بالحزب الوطني ان الحزب دفع فاتورة باهظة لتصرفات كانت قاتلة لاي حزب سياسي، اهمها عدم التواجد وسط الجماهير ما أدي الي حالة تدهور وعدم قبول من جانب الشارع للحزب وقياداته. ويضيف الحفناوي ان ارتباط الحزب بالسلطة والاخطاء التي تم ارتكابها، وسبق التحذير منها ادت الي ان يترنح الحزب تحت ضغط ثورة الشباب.. لكن في المقابل هناك قواعد شريفة داخل الحزب، تؤمن عن حق بمبادئه وافكاره ، ومن الظلم اتهام جميع اعضاء الحزب بالفساد او الانحراف. وحول تصوره لمستقبل الحزب في المرحلة القادمة يقول د. محمد حسن الحفناوي »نحتاج الي ان تحدث الارض ونستخرج البذور الشيطانية لننقي الارض منها، وحتي يخرج النبت في المستقبل صالحا وصحيا، وحتي يمكن التوافق مع منجزات ثورة الشباب التي حققت تغييرات عظيمة عجزنا عن تحقيقها من قبل. حل الحزب أما د. عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وعضو امانة السياسات بالحزب الوطني سابقا أكدت انها استقالت من الحزب الوطني منذ اليوم الذي شهد دخول الجمال والخيول علي المتظاهرين اعتراضا علي هذا السلوك، وقالت انها لا تقبل الانضمام الي حزب يلجأ الي العنف والعشوائية في ادارة الازمات خاصة اذا كانوا هؤلاء المتظاهرين من الشباب ابنائنا، مضيفة انها لم تعلن هذه الاستقالة عبر الاعلام لانها رفضت المتاجر معها وحتي لا توصف بانها قفزت من المركب أثناء لحظات الغرق كما فعل الكثيرون واشارت الي انها لم تكن في حاجة الي اعلان الاستقالة، مثلما لم تكن في حاجة الي اعلان الاستقالة مثلما لم تكن في حاجة للاعلان عن انضمامها من البداية. وقالت المهدي انه يتحتم الآن علي هيئة مكتب الحزب الوطني انتخاب رئيس الحزب وامين عام له خاصة بعد غياب من كانا يشغلان المنصبين مشيرة الي انه اذا فشلت هيئة المكتب في ذلك فالافضل ان يحل الحزب تماما لأنه اصبح حزبا »سيء السمعة«. وأوضحت ان ازمة الحزب الوطني الحقيقية انه قام علي جثة حزب مصر فحدثت هرولة من اعضائه من اجل الانضمام الي الحزب الوطني بعد قرار الرئيس السادات برئاسة الحزب وبالتالي اصبح حزب السلطة، واوضحت ان الفساد في حزب السلطة دائما يفسد الاحزاب الاخري . اعادة الحياة وأكد د. عمرو هاشم ربيع الخبير في الشئون الحزبية ان الاحزاب السياسية في مصر تواجه تحديا كبيرا خلال المرحلة المقبلة خاصة انها كانت تشكو طوال السنوات الماضية من القيود والمصاعب في حركتها مشيرا الي انه كانت هناك قيودا من الداخل منها تزوير الانتخابات والقيود علي انشاء الاحزاب وقانون الطواريء والتمويل بالاضافة الي القيود الخارجية التي تم رفعها حاليا. وشدد ربيع علي ان الكرة الآن في ملعب الاحزاب السياسية التي ينبغي عليها اعادة حساباتها والاستسقط خلال الاسابيع، او الاشهر القادمة وذلك من خلال ديمقراطية اتخاذ القرارات والاعلان عن برامج تعبر عن الشارع. وأكد انه لايتصور ان يتم حل الحزب الوطني مشيرا انه من غير المقبول ان يتم حل هذا الحزب .