كشف د.جابر عصفور وزير الثقافة المستقيل ل»الأخبار« الأسباب الحقيقية لاستقالته، وقال إنه ليست صحية كما أعلن، ولكنها مسببة، مشيرا إلي أنه عندما وافق علي الوزارة كان يعتقد أنه ذاهب للمشاركة في حكومة انقاذ وطني أو حكومة ائتلافية، فإذا به يجد نفسه أمام حكومة للحزب الوطني، يسيطر عليها عقول لم تستوعب درس 52 يناير، وما جري في الشارع من بعده.. وقال إنه لن يعود إلي المركز القومي للترجمة، بل سيذهب اليوم إلي جامعة القاهرة ليمضي بقية عمره كأستاذ بها. وأكد في حديثه للأخبار أن أسباب استقالته لا تتعلق بطلبات لوزارة الثقافة، ولكن تتعلق بالشأن العام، مشيرا إلي أنه لم يستقل بسبب إرهاب بعض المثقفين، أو تهديد البعض تسيير مظاهرات ضده، ولكنه انصاع في قرار الاستقالة لصوت ضميره بعد أن وجد أن طلباته في الوزارة كانت أشبه بصرخة في الوادي لم يستجب لها أحد. وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته »الأخبار«: في البداية سألت »الأخبار« د.جابر عصفور عن أسباب استقالته من وزارة الثقافة بعد أقل من تسعة أيام علي حلفه اليمين؟ د.جابر: الأسباب المعلنة أنها أسباب صحية. الأخبار: وماذا عن الأسباب الحقيقية للاستقالة. د.جابر: ليس من الضروري أن اعلنها، لقد استقلت وانتهي الأمر. ولكن من حق الرأي العام أن يعرف الحقيقة؟ ببساطة شديدة، وبدون التجريح في أحد، استقلت لأنني عندما وافقت علي المنصب الوزاري كنت أتصور أنني ذاهب لكي أساهم في بناء وطني في هذه المرحلة الحرجة، وعندما بدأت أشارك اكتشفت انني فعليا لن استطيع أن أساهم في شيء بسبب سيطرة العقليات القديمة التي لم تستطع استيعاب درس 52 يناير، علي صناعة القرار، لذلك قررت أن استقيل من هذا ليس مكاني، ولا دوري. بمزيد من التوضيح، وقد احتدت لهجته الذي استشعرته أن هذه الحكومة لا تريد الاستجابة لأي إصلاح، ولم تستوعب، لا الدرس، ولا المهمة المنوطة بها في هذه المرحلة الحرجة في عمر الوطن. الأخبار: هل استقلت لأسباب طالبت بها تتعلق بوزارة الثقافة فقط أم بأشياء أخري؟ د.جابر: بالطبع تتعلق بالشأن العام، وليس وزارة الثقافة فقط، فأنا مرتبط ببلدي.. واذا عدت لآخر مقالة منشورة لي قبل أن تعرض علي الوزارة واقبلها، وكانت بعنوان »وماذا عن المستقبل«، ستجد أنني تنبأت بكل ما حدث واما زال يحدث علي الساحة المصرية حتي يومنا هذا.. كان لدي احساس أن كل ما جري سيحدث.. ومن هنا كانت لي طلبات وملاحظات لم يؤخذ بها، ولم يلتفتوا إليها وكانت أشبه بصرخة في الوادي، لم يستجب لها أحد. الأخبار: البعض برر استقالتك بأنك في البداية والنهاية مفكر وناقد كبير، تعرضت لضغوط وإرهاب من البعض؟ د.جابر: عندما قبلت الوزارة تعرضت للشتائم والسباب من البعض، ومنهم أصدقاء ولكن لم أكن اهتم بالشتائم، لم اهتم إلا بما يمليه علي ضميري.. فأنا أولا وأخيرا كنت من هؤلاء الذين لايخافون الاتهامات أو ترهبهم الأصوات العالية.. لا أنصاع إلا لما يمليه علي ضميري فقط. وضميري كان وراء القرار بالاستقالة. هل استقبت المظاهرة التي كانت ستخرج من المجلس الأعلي للثقافة تندد بقبولك الوزارة وقلت بيدي لا بيد عمر؟ د.جابر عصفور: كما قلت لك واعيد التأكيد لا ترهبني ضغوط المظاهرات، ولا الاتهامات فأنا بوصفي مواطنا في هذا البلد، تتوافق أفعالي مع أقوالي، لا أفعل إلا ما يميله علي ضميري. نعود إلي الاستقالة، هل كتبت في طلب اعفائك أنها لأسباب صحية، أم ماذا؟ د.جابر عصفور: لم تكن استقالة لأسباب صحية، ولكنها كانت استقالة مسببة، ولأنني بحب بلدي كتبت ما اعتبرته صوتا لواحد وطني ما أتمناه، لبلدي، وما أرجو أن يحدث ويتخذ للبلد في هذه المرحلة. الأخبار: هل يمكن أن يعرف الرأي العام تحديدا ماذا ذكرت في الاستقالة المسببة وملاحظاتك؟ د.جابر عصفور: لا استطيع، ليس خوفا من شيء، ولكن احتراما لمن دعوني للمشاركة في هذه الوزارة، وهذه المرحلة الحرجة، فليس من اللياقة أن اعلنها علي الرأي العام. وسكت وزير الثقافة السابق لبرهة، ولكن بدأت نبرة صوته تعلو من جديد. وعاد يضيف: كنت اتخيل انني ذاهب لكي اشارك في حكومة انقاذ وطني، أو حكومة ائتلافية، ولكن للأسف الشديد وجدتني أمام وزارة حزب وطني، فيتحكم فيها الأصوات المتحجرة من الحزب الذي تسبب في افساد الحياة السياسية في مصر فقررت ان ارحل عن الوزارة. الأخبار: هل عدت لمنصبك السابق علي اختيارك للوزارة في المركز القومي للترجمة؟ د.جابر عصفور: لم يحدث فأنا من اليوم استاذ في جامعة القاهرة، بيتي الأول، أما المركز القومي للترجمة، فقد تولي مسئوليته د.فيصل يونس وكان هذا القرار أحد القرارات القليلة التي اصدرتها عندما توليت الوزارة. الأخبار: البعض يقول إن قرار استقالتك من الحكومة في هذا الوقت والظرف يعد بمثابة إلقاء الزيت علي النار؟ الدكتور جابر عصفور: يا أخي العزيز هناك أركان لابد أن تقول فيها كلمتك وتمضي مخلصا للجميع، بمن فيهم الرئيس حسني مبارك الذي اثق فيه كل الثقة.