بالذكاء الاصطناعي.. جامعة الجلالة تطلق برنامجًا فريدًا لإعداد الصيادلة (صور)    الغرف التجارية تكشف تفاصيل مبادرة خفض أسعار السلع    القسام: استهدفنا دبابة ميركافا جنوب حي الزيتون    "الأعلى تاريخيا".. مباراة مصر وإسبانيا تسجل رقما تاريخيا في الحضور الجماهيري بمونديال الشباب لليد    رسميًا.. الزمالك يعلن إنهاء أزمة مستحقات جوزيه جوميز    هيئة الدواء: ضبط أكثر من 5 آلاف مخالفة في صيدليات مصر    بعد ظهور سحب رعدية.. محافظ أسوان يوجه برفع درجة الاستعداد تحسبًا لسقوط أمطار    على أنغام "هتدلعني".. فيفي عبده ترقص على البحر والجمهور يعلق (صور وفيديو)    الثنائي الملكي يتألق.. حضور أنيق للأمير الحسين والأميرة رجوى    جرس إنذار والملابس لا تبرر.. أزهري يعلق على حادث طريق الواحات    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارتين على منطقة جزين جنوب لبنان    تأجيل الانتخابات على مقعد رئيس اتحاد شركات التأمين ل 24 أغسطس    الإدارية العليا تنظر غدا طعون نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    كليكس إيجيبت تكشف تفاصيل تطبيق "مصر قرآن كريم" بالتعاون مع الشركة المتحدة    راغب علامة بعد أزمة حفل الساحل: خلي المعجبات ينبسطوا وهنفضل نحضنهم ونبوسهم (فيديو)    آخرها «ما تراه ليس كما يبدو».. مسلسلات الحكايات المنفصلة تزين أحداث الدراما    ليفربول يبدأ حملة الدفاع عن سجله التاريخى فى المباريات الافتتاحية    لأول مرة بمجمع الإسماعيلية الطبي.. إجراء عملية "ويبل" بالمنظار الجراحي لسيدة مسنة    الأوقاف: تجارة الأعضاء جريمة شرعية وأخلاقية.. والتبرع جائز بشروط صارمة    «طاجن الصيادية بجزل السمك والبصل».. حضريه على سفرة يوم الجمعة (الطريقة والخطوات)    السيسي يصدق على قانون قواعد تصرف واضعى اليد فى أملاك الدولة    لقاء فكرى مع الفنان ميدو عادل وحوار عن حرفية الممثل ب"الأعلى للثقافة"    رئيس جامعة المنوفية يعلن إجراء عملية زراعة كبد ناجحة لطفل 7 سنوات    استشارية نفسية: تصرف الأهلي زعزع انتماء عبدالقادر.. ويجب حمايته من شوبير (خاص)    نهاية الجولة 13 والتوقف الدولي.. متى يقام السوبر المصري بعد إعلان رابطة الأندية؟    هل دفع مخالفة المرور يسقط الإثم الشرعي؟.. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبد المعز يحذر من السرعات الجنونية وحوادث الطرق: "المتهور يقتل نفسه والآخرين"    الإعلام المصرى قوى    النيل «ماجاشى»    تعاون بين "الأوقاف" وجامعة بنها لتعزيز الوعي الديني ومواجهة التطرف (صور)    وزير الخارجية يلتقي وزير الاستثمار والتجارة الخارجية    السودان بين تصعيد الميدان وحراك السياسة... مجلس الأمن يرفض السلطة الموازية والجيش يجدد العهد في العيد المئوي    دمشق تشيد بتقرير لجنة التحقيق الأممية حول أحداث الساحل وتتعهد بدمج توصياته في مسار العدالة والإصلاح    رسميا انطلاق نظام البكالوريا المصرية الجديد بعد تصديق السيسي على قانون التعليم - التفاصيل كاملة    القائمة الشعبية تبدأ تلقى طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    تأهل 4 لاعبات لنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عاما    خطة وزارة الاتصالات لتطوير بناء أبراج المحمول خلال النصف الثاني من 2025    رمضان عبد المعز: الإسلام جاء لرعاية مصالح الناس وحماية الأرواح    حكم مرور الطريق من أماكن غير مخصصة للمشاة؟| أمين الفتوى يجيب    تفاصيل التسهيلات المقدمة خلال أعمال التنسيق بجامعة الإسماعيلية الأهلية    شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد أعلى من قيمته العادلة في مصر ب16 ألف جنيه    المشدد 3 سنوات لعاطل بتهمة حيازة سلاح في المنيا    كوريا الشمالية تحذر إسرائيل من احتلال غزة وتطالبها بالانسحاب فورا    وزارة الإسكان توافق على تشكيل مجلس أمناء مدينة أسوان الجديدة    رامي ربيعة يخطر منتخب مصر بموقفه من مباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    السجن المؤبد لأفراد تشكيل عصابى تخصص فى الاتجار بالمخدرات بالقناطر الخيرية    ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    ب22 مليون جنيه.. الداخلية تضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي    الداخلية تضبط عدة تشكيلات عصابية تخصصت في السرقات بالقاهرة    العراق تخصص 300 سيارة لمواجهة الحالات الطارئة خاصة الحرائق    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جابر عصفور: الوضع الثقافى في مصر أصبح «كارثى»
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 10 - 2010

«نقد ثقافة التخلف» عنوان كتاب جديد للدكتور جابر عصفور، مدير المركز القومى للترجمة، انتقد فيه الوضع الحالى للمجتمع المصرى، وثقافة التخلف التى تدعو للعودة إلى الوراء والارتكان على الماضى.
«المصرى اليوم» حاورت «عصفور» عن كتابه الأخير الصادر ضمن مشروع مكتبة الأسرة وضم عدداً من المقالات كان قد نشرها فى صحف متنوعة. ووصف «عصفور» الوضع الثقافى والسياسى الراهن بأنه كارثى، مطالبا بتشكيل حكومة ائتلافية وجبهة إنقاذ وطنى للخروج من المأزق، وإلا فإن مصر ستواجه مصير الدولة العثمانية عندما كانت تلقب ب«الرجل المريض».
■ كتبت مؤخرا كتابا يحمل عنوان «نقد ثقافة التخلف»، ما الذى عنيته بثقافة التخلف؟
- التخلف بشكل عام هو كل ما يسعى إلى دفع المجتمع للوراء، حيث لا يسمح له بالتقدم، وهذا يعنى نوعاً معيناً من الثقافة، هى ثقافة تقدس الماضى ولا تتطلع إلى المستقبل، وتبدو كأنها مستريبة من المستقبل، كل ثقافة ترفض الآخر وترفض حق الاختلاف ولا تسمح بالحرية والتعددية هى ثقافة تخلف، وهذه الثقافة لها جذور قديمة وليست ابنة اليوم، ولابد من فهم هذه الجذور حتى نواجه المظاهر المعاصرة لثقافة التخلف، وفى كتابى رصدت الجوانب المتعددة لثقافة التخلف فى المجتمع، وأكثرها خطورة وحاولت إعادتها إلى أصولها التاريخية، بما يعين العقل الذى يريد التقدم على مواجهة جوانب مظاهر هذه الثقافة.
■ هل ترى أن المجتمع المصرى يعانى من هذه الثقافة، وإلى أى حد انتشرت ثقافة التخلف؟
- المجتمع يعانى من هذه الثقافة لدرجة أنها أصبحت تشكل كارثة ثقافية، نحن فى كارثة التخلف الذى تفاقم، وأصبح الوضع بالغ الخطورة، وهذا لا يمكن مواجهته إلا بجبهة إنقاذ ثقافية تشارك فيها كل التيارات الثقافية المختلفة.. على الجميع تأجيل الخلافات والتصدى لهذا الخطر الداهم، فمصر فى خطر محدق ثقافيا وفكريا، وهذا يتطلب تكاتف كل التيارات، دون استبعاد لأحد، لأنه لا يستطيع طرف واحد أن يواجه هذا الخطر الداهم، وأن يقدم حلا جذريا للمشكلة، فالوضع هنا أشبه بالوضع السياسى، على مدار التاريخ المصرى عندما تصل الأوضاع السياسية إلى كارثة أو أزمة خانقة، فالحل هو تكوين ائتلاف وطنى، فنذكر مثلا تكوين جبهة بين الأحرار الدستوريين وحزب الوفد، تم على إثرها تشكيل حكومة ائتلافية أصبح سعد زغلول بموجبها رئيسا للبرلمان، وعدلى يكن رئيسا للوزراء، أننا أعتقد - سياسيا - نحتاج إلى حكومة ائتلافية وجبهة ائتلافية وجبهة إنقاذ ثقافى.
■ طالبت فى كتابك وفى أكثر من تصريح صحفى بجبهة إنقاذ ثقافى، ما الذى تم فى هذا؟
- دورى هو أن أقول ما يحدث، وتنفيذ الموضوع مهمة كل الأطراف، طبعا الطرف الذى يحتكر السلطة سيعارض، وواجبنا هو أن نقنعه بالحسنى فإذا اقتنع كان بها، وإذا لم يقتنع فسيكون هذا مما يعجل المسيرة نحو الكارثة، أنا فى اعتقادى أن الأزمة موجودة فى مصر ولن يحلها الحزب الوطنى، لأن المسألة أصبحت أكبر من طاقة حزب معين مهما كان هذا الحزب، فالمشكلة ليست مشكلة سلطات، فمثلا فى مسألة الاحتقان الطائفى ما الذى استطاع الحزب الوطنى عمله، لا شىء، ولن ينجح وحده فى حلها، لأن الحل لن يأتى بشكل فردى، لا بد من وجود جبهة إنقاذ على كل المستويات، وبما أنى معنى بالشأن الثقافى فأنا أقول إنه لا يمكن إنقاذ الثقافة وإعادة عافيتها لممارسة دورها الرائد من جديد وإعادتها إلى وضعها القديم.
■ كلامك معناه أن الثقافة ليست فى حالة جيدة؟
- الثقافة المصرية فى أسوأ أوضاعها، وهنا لا أعنى المنتج الإبداعى الأدبى لأن هذا متميز جدا، لكن ما أعنيه هو الوعى المجتمعى، ما يتعلق بالتعليم والإعلام والفكر الدينى السائد والعقليات والعادات الاجتماعية، الثقافة هنا بالمعنى الشمولى وليس بالمعنى الضيق الذى ينحصر فى الإبداع والفنون، وهى مهمة وزارة الثقافة، هذه الثقافة المجتمعية هى شىء معقد مركب يسهم فيه طرفان أساسيان، الأول هو الدولة ممثلة فى 4 وزارات هى «التعليم والإعلام والثقافة والأوقاف» والمجلس القومى للشباب، والثانى هو المجتمع المدنى بأحزابه وجمعياته.
■ ما السبب فى هذا الوضع الكارثى؟
- هناك أسباب متعددة جدا، سياسية واجتماعية واقتصادية، وحتى جغرافية، خاصة ببناء المدينة وعشوائياتها، حزمة من السلبيات تراكمت وأدت إلى هذا الوضع، فى الستينيات كانت هناك ديكتاتورية ناصرية واعتقالات، لكن كان هناك حلما قوميا يشد الناس ويدفعهم للمستقبل، الآن ليس هناك حلم قومى، حتى الأحلام القومية الكبيرة وأدناها، فمثلا الانتصار الهائل الذى تم تحقيقه فى أكتوبر، الذى حقق حلما عزيزا للشعب المصرى سرقت وسلبت روحه، الجنود والضباط المسلمون والمسيحيون الذين صنعوا المعجزة، الضابط المسيحى الذى اخترع فكرة خراطيم المياه لإذابة السد الترابى، والمسلم الذى اصطاد عشرات الدبابات بصاروخ على كتفه، أضعنا هذه النماذج وسرقنا معجزتها، وفقدنا روح أكتوبر، مصر الآن مثل الرجل المريض، الذى لابد أن يعالج بكونسلتو، الوضع الثقافى كارثى، وليس هناك دليل على ذلك أكثر من تنابز شخصيتين بارزتين جدا، عندما يقف واحد فى وزن وثقافة محمد سليم العوا، وواحد فى وزن وثقافة بيشوى، ويقولان مثل هذا الكلام، فهذا يعنى أنه حتى الصفوة عندها خلل، فما بال الأطراف الأخرى غير المتعلمة.. المسألة خطيرة وليست سهلة.
■ كلامك يجرنا إلى قضية الفتنة الطائفية، كيف ترى هذا الملف؟
- ليست هناك فتنة طائفية، بل حمق يمارسه بعض الكبار وأطراف تعصبت نتيجة لعوامل معروفة ويمكن رصدها، لكن هذا لن يؤدى إلى فتنة طائفية لأنه لحسن الحظ جذور الدولة المدنية أقوى بكثير مما يتوهم أعداء مصر، هذه الجذور تتمثل فى أن مصر هى الدولة العربية الوحيدة التى بدأت إنشاء الدولة المدنية منذ قرنين، بها أقدم تعليم، فى سنة 1873 افتتحت أول مدرسة للبنات فى مصر، وفى عام 1973 افتتحت أول مدرسة للبنات فى قطر، الفرق 100 سنة من الاستنارة، هذا الميراث هو الذى يحمى مصر من الموت، وليس من الكارثة التى حدثت.
■ لكن هذه الاستنارة اختفت من الشارع؟
- صحيح، لكن حتى فى الشارع - وأنا من مواليد المحلة الكبرى، ومن أسرة فقيرة، ومازلت أذهب إلى المحلة - أعلم أنه يوجد متطرفون، لكن هناك ناساً يعيشون على التسامح الذى تربى عليه الشعب المصرى، هذا التسامح لم يختف، لكنه اختل، الجسد لم يمت بعد، لكن أصابته فيروسات، يسهل التخلص منها لسببين، الأول أنها لم تغز الجسد كله، والثانى أنها تواجه بفيروسات مضادة تحاربها، ولابد من تقوية هذه الفيروسات المضادة، والقيام بثورة جذرية فى ثقافة الشعب.
■ وكيف يتم ذلك؟
- بجبهتين، الأولى إرادة سياسية حاسمة، تؤمن بضرورة وجود الدولة المدنية الحديثة بكل شروطها ومواصفاتها، فيكون هناك قرار سيادى حاسم وصارم بإنشاء دولة مدنية حديثة بما يعنيه ذلك من الفصل بين السلطات والاحتكام للدستور، واحترام القانون والديمقراطية وتداول السلطة، وحق المواطنة الذى لا يميز بين أحد على أى أساس، سواء كان ثروة أو ديناً أو عرقاً، إذا تحققت هذه الدولة من خلال قرار سيادى، وأنشئت مجموعة ثقافية تضم وزارات التعليم والإعلام والثقافة والأوقاف و«القومى للشباب»، على غرار المجموعة الاقتصادية، حتى لا ينسف إمام المسجد ما يبينه التعليم، وتعاون المجتمع المدنى وهو الجبهة الثانية يمكن الخروج من الكارثة، فالمجتمع المدنى أهم شىء فى تاريخ مصر فهو الذى أسس الجامعات والمستشفيات، ولابد أن ينهض مرة أخرى وتكون للأحزاب برامج ثقافية لتوعية الناس بالمستقبل، لو عمل الجناحان سيتغير الوضع فى مصر.
■ هل يعنى هذا أن القضية متعلقة بالديمقراطية التى يطالب بها الكثيرون الآن؟
- أنا ضد اختزال المشكلة الصعبة فى بُعد واحد، هى مشكلة معقدة، نحتاج أولا لقرار سياسى بأن مصر دولة مدنية حديثة، قائمة على مبدأ تداول السلطة فى الحكم والنخب السياسية، فلا يعقل أن يظل رؤساء الأحزاب فى مناصبهم دون تغيير، هذا يعطى إحساساً بالخمول.
■ وكيف تقنع السلطة باتخاذ هذا القرار؟
- نجبرها على التغيير، من خلال الضغط الشعبى والجماهيرى، المثقفون قوة يمكن أن يضغطوا، وكلامى نوع من الضغط، وإذا لم نفلح نلجأ لوسائل تحول التأثير غير المنظور للكلام إلى أشياء فى الواقع، علينا أن نتعلم من الإخوان المسلمين وكيف ينزلون للناس وقت الأزمة. على مؤسسات المجتمع المدنى أن تتواجد مع الناس وتطالب بحكومة مدنية، عبدالرحمن الأبنودى له قصيدة قديمة تصلح للوقت الحالى، يقول فيها «إذا مش نازلين للناس فبلاش»، وهذا الشعار يجب رفعه الآن، لازم ننزل للناس وننقذهم بكل الطرق الممكنة والوسائل المتاحة لاسترداد عقولهم، الناس الآن فى وضع أخطر من الدروشة، فمثلا يخرج داعية جاهل ويسبب كوارث كثيرة، واحد من أصحاب اللحى هؤلاء أفتى بتدمير التماثيل وسرقتها ولولا بعض العقلاء الذين أقنعوه بالتراجع عن فتواه لكانت كارثة دمرت تراث مصر.
■ قلت فى كتابك إن غياب الديمقراطية يولّد العنف؟
- أكيد.
■ هل ترى أن الاعتصامات والمظاهرات الحالية نوع من هذا العنف؟
- هى مظاهر للعنف، نظرية المادية الجدلية تقول إن التغيرات الكمية تؤدى إلى تغيرات كيفية، بمعنى أن هذه المظاهرات ستتحول فى المستقبل إلى عنف، فهى مؤشر إلى ما هو أخطر، ولذلك أقول لا تتركوا الأمور تصل إلى درجة اليأس حتى لا تكون استجابة الناس عنيفة ومدمرة، يجب أن نفتح أمام الناس طريقا للأمل، وإلا فسيكون رد الفعل عنيفا جدا، ما الذى ننتظره من المواطن العادى عندما يسمع أن هناك فيلا تباع بأرقام فلكية، وأن ممثلة تحصل على 12 مليون دولار فى مسلسل، وهو كل مشكلته قوت يومه فى وقت أصبح فيه سعر كيلو الطماطم 10 جنيهات واللحمة 80 جنيهات، ما المطلوب من موظف لديه أسرة و3 أطفال، و3 أمثال راتبه لا تكفى قوت يومه، فى البداية سيتظاهر ويعتصم، ثم سينفجر، نحن فى وضع كارثى، وإذا لم ننتبه فالطوفان قادم، لم يعد من المسموح السكوت، والعاقل هو من ينصح نفسه والدولة ومن حوله، إذا نظرنا إلى المجتمع المصرى من القاع فالصورة المقبلة مخيفة إلى أبعد الحدود.
■ أنت تطالب بجبهة الإنقاذ وحذرت من الكارثة، لكن لا أحد يسمع، ولا شىء يتغير؟
- ماذا أستطيع أن أفعل، أنا لسان حالى الآن كما يقول بطل مسرحية صلاح عبدالصبور «مسافر»: «ماذا أفعل.. لا أملك سوى كلماتى.. وأنا أعزل.. وهو بيده خنجر»، كل ما يستطيع المثقف فعله هو الكلام وعدم الصمت لأن الصمت مشاركة فى الجريمة، عليه أن يتكلم ويقول، وهذا أضعف الإيمان ويبدو أنه ليس أمامنا سوى أضعف الإيمان.
■ هل هذا يأس؟
- ليس يأسا، أنا مسؤول فى الدولة وأقول هذا، وكلامى قد يرضى البعض ويغضب المسؤولين فى الدولة.
■ وصفت مصر بأنها مثل «الرجل المريض»، وهذه الصفة كانت تطلق على الدولة العثمانية قبل انهيارها، فهل تتوقع لمصر نفس المستقبل؟
- نعم، نفس المستقبل، ماذا جرى للتعليم المصرى، فى فترة من الفترات أخرج هذا التعليم مصطفى مشرفة باشا عالم الذرة الهائل حجماً وقيمة، وحتى الستينيات كان التعليم يخرج علماء مثل أحمد زويل وإدوارد سعيد، كان متماسكا، ما الذى جرى له وجعله ينحدر هذا الانحدار بشكل متسارع والنتيجة واضحة، فمصر خرجت من مقياس أهم 500 جامعة فى العالم، حتى على مستوى التعليم الخاص، الذى يعتبر الأهم فى الولايات المتحدة، حيث إن أهم جامعات الولايات المتحدة جامعات خاصة، أما فى مصر فالجامعات الخاصة أشبه بالمدارس الثانوى بلا نظام أو قواعد، وتتميز بعشوائية شديدة.
■ ما السبب فى هذا؟
- سياسات خاطئة ووزراء غير أكفاء، ليسوا أصحاب رؤى، الوزير لابد أن تكون لديه رؤية يناقشها مع الناس علانية، لو تحدثت مع وزير التعليم العالى الحالى لن تجد لديه رؤية حقيقية واضحة، أما الإعلام فهو ضعيف، ومازال يعانى مشاكل فى الحريات، فهو متذبذب، هل نعطى الحرية أم نأخذها، المشكلة ليست مسألة إمكانيات مادية، لكن الكارثة أنه لا يوجد تخطيط ولا رؤى.
■ تتحدث عن الإرادة السياسية ودورها فى الحل، وأنت التقيت الرئيس حسنى مبارك مؤخرا، فهل نقلت له مخاوفك؟
- قلت له مخاوفى وهو لحسن الحظ رجل سمح جدا يتقبل الاختلاف بصدر رحب، كنت منفعلا وهو احترم انفعالى وسألنى بعد عرض مظاهر الوضع «ما العمل؟» فاقترحت ما اقترحته الآن وما سوف أكتبه وما كتبته من قبل ووافقنى على ما ذهبت إليه.
■ إذا كان الرئيس موافقا فهذا يعنى أن الإرادة السياسية التى تحدثت عنها موجودة، إذا فما المشكلة؟
- حينما يوافق رئيس الجمهورية لا يمكن أن أطلب أكثر من ذلك، وهذا يعنى أن الإرادة السياسية متوفرة، لكن عندما تخرج هذه الإرادة السياسية تمر عبر فلاتر، آمل أن تكون هذه الفلاتر على نفس درجة الوعى والإدراك لما يحدث.
■ تكلمت عن تداول السلطة وعن الدولة المدنية، فهل قلت للرئيس ذلك؟
- أعتقد أن هذا المعنى وصله أيضا، هناك آداب للحديث مع الرؤساء، وأنا شعرت أن المعنى وصله، وأعتقد أنه سيرشح نفسه فى الانتخابات المقبلة، لكن برنامجه سيكون مختلفا جدا هذه المرة، لأن الظروف مختلفة.
■ حدثت مشكلة مؤخرا بين المثقفين ووزير الثقافة بسبب تعريف المثقف، والوزير كان يرى أن المثقف هو عضو المجلس الأعلى للثقافة، فما تعليقك على هذا التعريف؟
- أنا أعرف وزير الثقافة جيدا، وأعتقد أنه لم يكن يقصد هذا المعنى، وأستطيع أن أفهم ما الذى كان يقصده من هذه الجملة، ومؤتمر المثقفين كما قال الوزير مفتوح أمام جميع التيارات، ولن يُمنع أحد من المشاركة فيه.
■ وزارة الثقافة هى من بين الأماكن التى تحتاج أيضا إلى تداول سلطة؟
- مفيش كلام، أنا منذ 10 سنين قلت لنفسى إننى سأخرج من الوظيفة بعد إنشاء المركز القومى للترجمة وتحقيق حلمى فى ترجمة الكتب لتثقيف الناس، وأعتقد أن وزير الثقافة يريد ترك مقعده لكن أمامه هرمان ينبغى الانتهاء منهما أولا، هما متحف الحضارة والمتحف الكبير، هناك مشاريع يجب إنجازها.
■ علاقتك بفاروق حسنى جلبت لك الكثير من النقد، ووصفك علاء الأسوانى بأنك «حامل أختام فاروق حسنى»؟
- لكل شخص رأيه، وأنا لا أعترض على هذا، وأحترم حق الاختلاف، وهذا الوصف هو نكتة بالنسبة لى، لأن الوزير ليست لديه أختام لأحملها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.