أكد عدد من الكتاب والمثقفين أن «الدولة التسلطية التى تقوم على احتكار السلطة والقوة والثروة لصالح النخبة أو العائلة الحاكمة تولد ثقافة التخلف، وأنه لا يمكن تحقيق تقدم فى ظل وجود دولة (متسلطة تحتكر السلطة وتخترق المجتمع المدنى)». وقال الدكتور جابر عصفور، رئيس المركز القومى للترجمة: «إن نقد ثقافة التخلف ليس عنوان كتاب وإنما عنوان مشروع أخذته على عاتقى لأننا نسير بخطى سريعة على طريق التخلف». مشيرا إلى أن الكتاب ينقسم إلى جزءين، الأول الجذور الضاربة فى الماضى، والثانى إذا عدنا إلى هذا الماضى الذى نتشدق دائما به سنكتشف أنه غير زاهِ وإن هذا الماضى متخيل، وما يسمى باللحظات المضيئة التى تحقق فيها العدل نسبياً فى التاريخ الإسلامى ضئيلة جداً، فعصور الظلم أكثر من عصور العدل. وأضاف، فى أولى ندوات الموسم الثقافى الصيفى لهيئة الكتاب، أمس الأول، أن المجتمع يسوده الآن الخطاب الدينى «المتشدد»، منبها إلى أن هناك عوامل كثيرة تجعل الفكر «المتخلف» يعود للسطوة مرة أخرى. وتابع: «لكى نكشف عن ثقافة التخلف لابد أن نحللها ونفككها»، واصفاً النظام السياسى فى العالم العربى بأنه كان نظاماً متسلطاً ومما ساعد على ذلك تحالف الرئيس الراحل أنور السادات مع الإخوان وإخراجهم من السجون، وظهور ما يسمى بالدولة الدينية فى إيران. وقال: «النظام السياسى ارتكب خطأ كبيراً لا يغتفر عندما تحالف السادات مع الإخوان، وكان على الرئيس مبارك أن يقوم بمصالحة وطنية، وكان لابد أن ينشأ لجنة جديدة لوضع الدستور»، مؤكداً أن غياب الدولة التسلطية هو أساس التقدم. وقال الدكتور السيد يس، المفكر، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فى الندوة التى عقدت لمناقشة كتاب «نقد ثقافة التخلف» لجابر عصفور، إن «عصفور يؤكد أهمية تطوير العقل النقدى على أساس أن ذلك مفتاح تطوير التعليم المصرى، فالتعليم الآن يصنع عقلاً اتباعياً وليس نقدياً، ويعد ذلك جزءاً أساسياً من سلبيات المعرفة». وأضاف يس أن «ثقافة التخلف تقوم على أساس الحفاظ على الوضع الراهن»، مشيراً إلى أن «عصفور فند مفردات ثقافة التخلف وهى الانكفاء على ماضٍ متخيل لا أساس له فى الواقع، إضافة إلى التعصب للقديم وعدم الإيمان بالجديد، واحتكار الدولة للسلطة والقوة والثروة لصالح النخبة أو العائلة الحاكمة». وتابع: «إن عصفور أكد فى كتابه أن الحلول الجزئية لم تعد تجدى، ودعا إلى نشر التسامح وثقافة الحوار، متهماً الاعلام بأنه (أصبح عبارة عن ضوضاء وصخب وحوارات عقيمة)». وقال: «ليس هناك مجتمع معلومات دون شفافية وديمقراطية ، ومقاومة التخلف تحتاج إلى إرادة سياسية». وقال الدكتور طلعت الشايب، إن كتاب «نقد ثقافة التخلف» هو حرب ثقافية بين ثقافة التقدم وثقافة التخلف، مشيراً إلى أن الكتاب يدق ناقوس الخطر ويرسم خطا ًجديداً للمجتمع يؤدى لتسريع عجلة التقدم ويفتش فيه عن الثقافة التى أفرزت هذا الواقع المتردى. وقال الشايب إن «ثقافة التخلف هى ثقافة الاتباع الفكرى والتعصب وهى ثقافة الرضا بما هو كائن والخوف من التغيير وقمع الرأى والخوف من الحكومة والسلطة والدولة، وهى احتكار السلطة عن طريق اختراق المجتمع المدنى»، مشيراً إلى أن «الحل يبدأ بمواجهة الواقع وتعرية ثغراته وإعادة النظر فى كل شىء»، مطالباً بتدريس الكتاب فى المدارس والجامعات.