اقيمت ندوة بمقر الهيئة المصرية العامة للكتاب حول كتاب "نقد ثقافة التخلف" للناقد د. جابر عصفور حضرها لفيف من الكتاب منهم د. هالة فؤاد ود. جابر عصفور و المترجم طلعت الشايب ، وأدار الندوة د.السيد ياسين حيث بدأ حديثه عن أن د. عصفور عميق الاطلاع علي ثقافة النقد القديم وكذلك متابع دقيق للنظريات النقدية الحديثة وفي مقدمة الكتاب يتحدث عن أهمية النقد الثقافي وتحليل العقل للكتاب نفسه وطريق الكشف عن كل ما يحتاج إلي كشف وأهم فكرة يقدمها في المقدمة هي تطوير العقل النقدي خصوصاً للقارئ الشاب.. كما أن هناك إشكاليات تحتاج للتأمل تدعو لإعادة التفكير في مفهوم التقدم. واضاف ياسين انه يتحدث عن التخلف السياسي وغياب الديمقراطية في العالم العربي مما يولد العنف ، وان ثقافة التخلف تقوم علي أساس الحفاظ علي الوضع الراهن وقد فند عصفور مفردات ثقافة التخلف، وهذا هو حال المجتمع العربي ككل ، ثانيا التعصب للقديم وعدم الإيمان بالجديد ، ثالثا الدولة التسلطية التي تقوم علي احتكار السلطة والقوة والثروة لصالح النخبة أو العائلة الحاكمة ، ويتحدث د. جابر أيضا في كتابه عن الخطاب المعرفي وكيف أن هذا الخطاب يتعرض للرقابة من ناحية والعقاب من ناحية أخري وأشار إلي أهمية دراسة المسكوت عنه في الخطاب فنحن في حاجة لنظرة استراتيجية فالعالم الآن يتحدث عن 2020 ونحن ليس لدينا هذه الرؤية وفي حاجة إلي رسم خرائط معرفية جديدة ، والقضاء علي التفكير الخرافي وأشكال التعصب الديني ويدعو إلي نشر التسامح وثقافة الحوار وأهمية الإعلام الذي أصبح عبارة عن ضوضاء وصخب وحوارات عقيمة كما نحتاج لترسيخ قواعد مجتمع المعلومات وليس هناك مجتمع معلومات بدون شفافية وديمقراطية فنحن في حاجة إلي إرادة سياسية لمقاومة ثقافة التخلف. اما المترجم طلعت الشايب فأشار الي ان نقد ثقافة التخلف هي حرب ثقافية بين ثقافة التقدم وثقافة التخلف وترجع أهمية الكتاب لتوقيته حيث يدق ناقوس الخطر وكاتبه الذي يحسن التعبير عن المجتمع فهو ناقد ومثقف يعيد التواصل التفاعلي ، ولو لم يكتب هذا الكتاب لكان مشاركا في ثقافة التخلف ولكنه كمثقف عضوي لا يعتبر نفسه بعيدا عن مجتمعه العربي ، فهو ناقد مسئول يشعر بالمسئولية ويتفاعل مع المجتمع ويبحث عن حلول لقضايا ثقافة التخلف، والكتاب في مجمله يحمل خطابا ثقافيا جديدا ويرسم خطا جديدا للمجتمع يؤدي لتسريع عجلة التقدم ويفتش فيه عن الثقافة التي أفرزت هذا الواقع المتردي ، والثقافة إذن قد تكون ثقافة عقلانية، وإبداع، وتسامح وقد تكون ثقافة اتباع وإرهاب وقمع ومصادرة اي أن الثقافة إما ثقافة تقدم أو ثقافة تخلف وهي في الحالتين قوة فثقافة التقدم هي قوة في المعرفة وثقافة التخلف هي قوة في هدم المجتمع ، ويشرح عصفور في كتابه كيف تنشأ ثقافة التخلف وتتحول من كونها نتيجة للوضع المتردي إلي أداة للاستمرار فيه وهي حصانة ضد التغيير وعيش في الماضي وعدم اعتراف بالآخر أو المختلف. وأضاف الشايب : ثقافة التخلف هي ثقافة الاتباع الفكري والتعصب وهي ثقافة الرضا بما هو كائن والخوف من التغيير وقمع الرأي والخوف من الحكومة والسلطة والدولة وهي احتكار السلطة عن طريق اختراق المجتمع المدني ، والحل يبدأ بمواجهة الواقع وتعرية ثغراته وإعادة النظر في كل شيء مما يعني أن يكون وعي التغيير وعيا خلاقا بدلا من أن يكون مجرد شعارات فالتغيير يصنعه الناس القادرون علي التغيير الذي ينقلنا إلي ثقافة الحرية، ويؤكد الكاتب أن مواجهتها ليست مستحيلة ويجب خلق ثقافة مستقبلية تدفع للأمام ابتداءً من السياسة وانتهاءً بوضع بنية قوية ينهض عليها المجتمع. اما د. هالة فؤاد فقد اضافات ملاحظات علي الكتاب كما طرحت بعض التساؤلات وقالت : بالنسبة للمنهج فالذات التنويرية التي تم صياغة الكتاب من خلالها تتميز بالعقل المرن والانفتاح والمؤلف يكتب بهاجس المراجعة وبمراحل منهجية تراكمية ويمتزج داخل د.جابر الناقد الادبي بالتكوين الفلسفي العميق وهو يتمتع ببصيرة فلسفية تجعلنا إزاء جدارية كبري وعن طببيعة الشعار الذي اتخذه الكاتب "الفهم يمتلك المفهوم " فما معناه وأضافت : في المقدمة تحدث عن ترك النقد الادبي ولكن كان الناقد الادبي يطل علينا في كل صفحة. اما فيما يتعلق بالنهضة الأوروبية قالت د. هالة: أنا قلقة تجاه تصورنا للنهضة الأوروبية فلم تكن في شكل صاعد وكان هناك عوائق بداخلها فكثير من الحروب والدم وأتساءل: لماذا لم ننضج سياسيا؟ هل لاننا لم نعش حروباً أهلية عنيفة؟ .. وأكملت : من المسائل الجميلة في الكتاب أنه أشار لمسالة الترجمة في مناهضة التخلف، وعن منطقة التراث أرجو توضيح إشكالية العقل المعتزلي وكيف دمر المعتزلة أنفسهم قبل الآخرين ، والاعلان بشكل واضح عن التعددية في مفهوم التراث الاسلامي ، كما تحدثت عن السلاطين والملوك وان اغلب الناس الذين حذروا منهم كانوا متورطين بشكل ما في السلطة، وعن المرأة والخطاب التنويري من عصر النهضة وحتي الآن يتحدث عن المرأة الموضوعة أم المرأة الذات واشعر انه يتحدث عن المرأة الموضوعة والمخيلة من جانبه، ومسألة النقاب والحجاب والاصوليين أتصور أن المسالة صراع علي الهيمنة. وعقب د. جابر عصفور نقد ثقافة التخلف ليس عنوان كتاب وإنما عنوان مشروع أخذته علي عاتقي لاننا نسير بخطي سريعة علي طريق التخلف والكتاب ينقسم إلي جزءين الأول الجذور الضاربة في الماضي ، والثاني إذا عدنا إلي هذا الماضي الذي نتشدق دائما به فسنكتشف انه غير زاه وان هذا الماضي متخيل وما يسمي باللحظات المضيئة التي تحقق فيها العدل نسبيا في التاريخ الاسلامي ضئيلة جدا فعصور الظلم أكثر من عصور العدل ، وأشار إلي مشكلة الاتباع وكيف يتكون وأكد أن الصراع بين العقل والنقل ضروري ، وأضاف د.جابر بعد أن انتهيت من بعض العناصر القديمة توقفت عند العصر الحديث وحتي في العصور القديمة كان تهناك قلة تشكك في مبدأ الإجماع، والنظام السياسي يحقق نوع من الإجماع ومن يريد الخروج عليه ملعون ومحكوم عليه بالإعدام ، وكيف إذن نتحدث عن الديمقراطية. وعن المعتزلة قال د. جابر: كان هؤلاء المعتزلة هم أصحاب العقل الذين خانوا أنفسهم فرفضوا الحوار مع الآخرين فمن يقبل أهلا به ومن يرفض ليس أمامه إلا الإعدام والتعذيب ونتيجة لذلك خرج خصوم المعتزلة من السجن فقد اخرجوا الحنابلة وتحالفوا معهم مثلما فعل السادات عندما اخرج الإخوان المسلمين من السجن وهنا بطشت السلطة بطشا شديدا وأطلق الحنابلة علي أنفسهم أهل السنة والإتباع ،ولدينا الآن من المسلمين المتسلطين يقولون إنهم الفرقة الناجية من النار.