لمح جلالة الملك رمسيس الثاني روكا الحرامي مقبلا نحوه وبصحبته الشيخ غريب، فأمر الحراس بوضع روكا في قفص الاتهام ، وجلس جلالته علي مقعده خلف المنصة الملكية ، وظهر من خلفه لافتة مكتوباً عليها »مصر تنهض من غفوتها« وصاح قائلا: حان وقت الحساب ، سأحاكمك أيها اللص. لن اسمح للصوص بأن يواصلوا نهب مال شعبي ومملكتي بعد اليوم . تقدم الشيخ غريب نحو المنصة وقدم نفسه للملك : البشلاوي عباس البشلاوي .. حاضر عن المتهم . قال الملك لروكا : انت متهم بسرقة مال الشعب . رد روكا: حاشا لله يا عم رمسيس. أول هام انا ما حرقتش القسم. ما نهبتش البنك . ما ضربتش نار علي شباب ميدان التحرير .. ده ابني هيثم معسكر معاهم في الميدان هو وأمه وجدته وخواته وكل صحابه . تاني هام انا ولا فخر حرامي . مكتوب في بطاقتي »المهنة حرامي«. ما فيش احلي من الصراحة ، واللي بيزمر ما بيخبيش ضوافره. قال الشيخ : قصدك دقنه يا معلم ! قال روكا : بس انا مش حرامي بمزاجي لا مؤاخذة، لكن عشان مش لاقي شغل ، ولا سبوبة اجيب منها قوت عيالي . من ساعة ما فتحت عيني علي الدنيا والحكومة قاعدة ترُش فرص عمل بالهبل . رشت في تلاتين سنة ييجي سبعين مليون فرصة .. وبرضه مش لاقي شغل . انا حرامي شريف . ما فيش مني خوف عشان واضح وصريح . سأله الملك : إذن من الذي نهب مصر؟ أجاب روكا : بلدنا فيها صنفين حرامية لا مؤاخذة . أولهم الحرامي الأرزقي اللي علي باب الله. بيكسب لقمته بعرق جبينه . بيكد ويشقي وآخر النهار هو ورزقه . ممكن يقع في إيد المباحث . واذا نفد ممكن يرجع لعياله ايد ورا وايد قدام. وممكن - إذا ربك اراد- يضرب ضربة حلوة تجيب معاها مصاريف جمعتين بالكتير .. ويرجع بعدها يقف علي باب الله ويقول : ارزقني. قال الملك : إذن أنت تعترف بأنك لص. رد روكا: ما تظلمنيش يا عم رمسيس . انا يادوبك تلميذ صغنون في مدرسة الصنف التاني من الحرامية .. مدرسة ليها ميت ناظر وكلهم معلمين كبار . معلم اسمه الباشا .. مالهوش دوسيه ولا صور في الداخلية ، لكن له مكتب أخر أبهة ، وجيش مطيباتية ، وعساكر بيحرسوه ، وبهوات بيمشوا وراه زي ضله ، وبيقعد قدام رئيس الوزارة ويحط رِجل علي رِجل وصور معاليه يوماتي في الجرايد والتليفزيون . قال الشيخ : والراديو يا معلم ! قال روكا : بيغرف من خير المحروسة بجاروف ويعبي في كرشه ، بياكل لقمة ويرمي ألف والناس مش لاقية لقمة ، والامضا بتاعته بترمي مليار وزيادة في جيب صاحب القسمة والنصيب . قال الشيخ : بيفيد ويستفيد . قال روكا : لما يموت الحرامي الشريف اللي زيي يقولوا كلب وراح . ما يمشيش في جنازته إلا ولاد الكار . يا دوبك تلاتين من صبيانه وحبايبه . والشيخ ينكسف يطلب له الرحمة . انما الحرامي الباشا بيمشي في جنازته أمة لا إله إلا الله . أعضاء مجلس الشعب والمحافظ والوزرا ورئيس الوزرا . جنازته بتطلع من عمر مكرم وحواليه ورد ونياشين . والجرانين تكتب عن طهارته وجماله وحلاوته . قال الشيخ : ويعملوا له تمثال ! قال روكا والدموع تنساب علي وجنتيه : أنا حرامي غصب عني يا عم رمسيس . عمري ما فكرت اسرق النيل ولا الهرم . مش انا اللي قسِّمت القطاع العام علي صحابي وحبايبي . ولا بعت اراضي الدولة للحبايب والمحاسيب بملاليم . مش انا اللي لعبت لعبتي وخليت سعر كيلو اللحمة يوصل تمانين جنيه . ولا احتكرت الحديد والاسمنت . مش أنا يا عم رمسيس اللي خليت الغلابة يناموا من غير عشا ، ويفطروا ميه مسلوقة .. وساعة الغدا يغمسّوا العيش بالهوا . قال الشيخ : ويموتوا من قلة الدوا . شرع روكا في مواصلة حديثه دفاعا عن نفسه من تهمة نهب مصر ، فأشار جلالته بكفه قائلا: كفي ! بعد لحظات من الصمت قال جلالته : استمعت المحكمة الي دفاع روكا الحرامي الذي اشار فيه الي وجود نوعين من اللصوص علي أرض مصر ، الأول يسرق رغيفا ، والثاني ينهب وطناً ولكنني احذر من ان هناك نوعا ثالثا من اللصوص اخطر من كل هؤلاء .. انهم اللصوص الذين يحاولون الآن سرقة ثورة ميدان التحرير من احفادي الشباب . ثم تلا جلالته قرار المحكمة : نحن رمسيس الثاني ملك مصر ، أصدرنا حكمنا ببراءة روكا الحرامي لأنه ليس اللص الذي تبحث عنه مصر، ونأمر حفيدنا المحترم المستشار عبدالمجيد محمود بأن يمضي قدما في جهوده التي تستهدف كشف الفساد واللصوص الذين نهبوا ثروات المملكة وأثروا علي حساب الشعب . هتف الشيخ غريب : يحيا العدل !