القول بأن مصر عادت بقوة للتواجد والتأثير علي الساحتين الإقليمية والدولية أصبح حقيقة مؤكدة، لا يستطيع أحد إنكارها أو تجاهلها أو الادعاء بعدم صحتها، وذلك نظراً لكونها أصبحت بالفعل واقعا ملموسا وقائما علي الأرض. وفي هذا لا يستطيع أي متابع أو راصد للتطورات الجارية علي الساحة السياسية الدولية، إلا أن يسجل بموضوعية العودة الواضحة للتواجد والتأثير المصري علي هذه الساحة، بعد غياب طال أمده نتيجة الظروف المعقدة والدقيقة التي عاشتها مصر خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا الإطار، تأتي الزيارة المهمة التي يقوم بها حاليا الرئيس السيسي إلي روسيا، والتي جاءت ترجمة واقعية لما تشهده العلاقات المصرية الروسية من انطلاقة قوية للأمام، علي أساس التعاون والتنسيق الشامل في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية أيضا. ونستطيع القول بوجود رغبة مشتركة بين موسكو والقاهرة لدعم العلاقات الثنائية بقوة، والوصول بها إلي مستويات مرتفعة من التعاون تتناسب مع الصداقة التاريخية التي ربطت بينهما، وترقي في ذات الوقت إلي مستوي الصداقة القائمة بين السيسي وبوتين حاليا. وفي سياق ما هو معلن من الجانبين عن الزيارة، يصبح من المتوقع أن تركز المباحثات اليوم علي استعراض جميع ملفات التعاون المصري الروسي علي الصعيدين الاقتصادي والسياسي، والذي يشمل المنطقة الاقتصادية الروسية المقرر إقامتها في مصر، والتعاون في المجال الصناعي، ومجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية وإقامة المفاعلات لإنتاج الكهرباء، وأيضا المساهمات الروسية في المشروعات المصرية العملاقة في محور قناة السويس،...، بالإضافة إلي التعاون في المجال العسكري والتنسيق في مواجهة الإرهاب الذي يهدد المنطقة والعالم الآن. وفي ضوء ذلك كله نستطيع القول، بأن الزيارة في مضمونها وجوهرها تعكس الرؤية المصرية بضرورة وأهمية إقامة علاقات تعاون متوازنة مع القوي المختلفة والمتعددة علي الساحة الدولية، سواء في الشرق أو الغرب، تقوم في أساسها علي قاعدة راسخة وواضحة من الاحترام المتبادل والتعاون المشترك والمصالح المتبادلة أيضا،...، كما تعكس في ذات الوقت حرص مصر وروسيا علي بناء علاقات قوية وصحيحة بينهما تحقق مصلحة الطرفين. «وللحديث بقية»