الأعلى للجامعات يعتمد قواعد تنسيق القبول بالجامعات الحكومية والمعاهد    780 مليون دولار حصيلة بيع وشراء الدولار «الإنتربنك» بين البنوك المصرية خلال أسبوع    محافظ القليوبية يتفقد مزرعة متخصصة فى تربية الثروة الحيوانية بقرية العمار بطوخ    وزير الري: لا يوجد فرق بين أي من العاملين على مستوى الجمهورية    دول الخليج: بناء إسرائيل مستوطنات بالضفة الغربية انتهاكا لسيادة الشعب الفلسطيني    وزير الخارجية والهجرة ونظيره الجامبي يجريان مشاورات سياسية واقتصادية    "تليجراف": أوروبا تستعد لدعم أوكرانيا دون واشنطن    «أحسن باك يمين».. أفشة يداعب معلول بعد رحيله عن الأهلي    «سيقف التاريخ».. رسالة وداع حسين الشحات لمعلول بعد رحيله عن الأهلي    «الشروق» ترصد تحطيم حواجز على الشواطئ وتراكم مياه داخل الأنفاق إثر موجة الطقس السيئ بالإسكندرية    وول ستريت جورنال: إيران تمتلك ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع نحو 10 أسلحة نووية    رئيس الإنجيلية يستهل جولته الرعوية بالمنيا بتنصيب القس ريموند سمعان    محمد الريفي عن طليقته: ربنا يكرمها ويكرمني.. ومستحيل أتكلم عن الماضي    شوبير يعلن رحيل عمرو السولية.. ويوجه رسالة ل إدارة الأهلي    «الصحة» تعلن خطة التأمين الطبي لعيد الأضحى المبارك وموسم الإجازات الصيفية    إصابة طالب ومراقب باعياء وتشنج خلال امتحان اللغة العربية للشهادة الإعدادية بالمنيا    براءة الفنانة راندا البحيري من تهمة سب وقذف طليقها    بحضور وزير التعليم العالي.. افتتاح مركز الاختبارات الإلكترونية بكلية الحقوق جامعة المنوفية    تامر حسني يضع بصمته في سيناريو العمل خلف الكواليس |خاص    بعد انتهاء أزمتها.. آية سماحة توجه الشكر لنقابة المهن التمثيلية    مساء الغد.. ليلة رومانسية بصوت مي فاروق في دار الأوبرا    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    الصحة: لم ترد بلاغات عن وفيات أو إصابات ناجمة عن الأحوال الجوية أمس    تؤدي لحروق كيميائية.. استخراج حجر بطارية من مريء رضيع بمستشفى أطفال بنها    مستشفى وادي النطرون و3 نقاط إسعاف.. تفاصيل جولة وزير الصحة بالبحيرة    كيف تعامل مستشفى قنا العام مع حالة الولادة لمصابة بفيروس HIV؟ .. مصدر طبي يكشف ل«الشروق»    التفاصيل الكاملة لحفل روبي في العين السخنة    "بيطري القاهرة" تحصل على تجديد الاعتماد المؤسسي والبرامجي    بعد تقرير «وكالة الطاقة الذرية» بشأن «أنشطة نووية سرية» لإيران.. نتنياهو: «أمر خطير»    وزيرة التنمية المحلية تطمئن على جاهزية محافظة الإسكندرية لمواجهة الطقس السيئ    سعر جرام الفضة اليوم السبت 31 مايو 2025| كم قيمة الجنيه الفضة؟    المدير التنفيذي للهلال الأحمر: استنفار كامل في الإسكندرية لمواجهة السيول    أوبك + تقرر زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميا في يوليو    محافظ الجيزة يتفقد أسواق اليوم الواحد للاطمئنان على انتظام تشغيلها وتوافر السلع    5 شهداء في غارة إسرائيلية على حي الدرج شرق مدينة غزة    ماذا يأكل الحجاج؟ بعثات الحج السياحية تشارك في جلسة «تذوّق الوجبات»    «المعلمين» تحصر تلفيات نادي الشاطئ بالإسكندرية بعد العاصفة.. و2.8 مليون جنيه لتجديد المصايف    250 مليون نحلة طليقة في الهواء بعد انقلاب شاحنة.. ماذا حدث في واشنطن؟    محافظ الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمركز أجا ويصدر 7 توجيهات    جنايات القاهرة تقضي بالسجن المشدد 7 سنوات لرجل أعمال أنهى حياة زوجته بالتجمع الخامس    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    بعد "ري ستارت".. تامر حسني يطرب جمهور دبي في ليلة لا تنسى    وقفة عيد الأضحى.. طرح فيلم "المشروع x" بطولة كريم عبد العزيز بالدول العربية ومختلف أنحاء العالم    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    القنوات الناقلة ل مباراة الأهلي والاتحاد مباشر في دوري سوبر السلة والموعد    الزمالك وفاركو.. استعداد أمني مشدد لتأمين مباراة الجولة الأخيرة من بطولة الدوري    ترامب يرفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم إلى 50%    الرئيس السوري أحمد الشرع يجري زيارة رسمية إلى الكويت غدا    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    ثروت سويلم: بحب الأهلي ومنظومته.. وبتمنى الأندية تمشي على نفس النهج    دعاء المطر والرعد كما ورد عن النبي (ردده الآن)    عاجل- أمطار غزيرة متواصلة.. محافظة الإسكندرية تتأهب لتداعيات حالة الطقس الجديدة    لويس إنريكي: أريد صناعة التاريخ مع سان جيرمان    الإفتاء تكشف كفارات الحج التي وضعها الشرع    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. ردده الآن للزوج والأبناء وللمتوفي ولزيادة الرزق    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 31-5-2025 في محافظة قنا    تغييرات مفاجئة تعكر صفو توازنك.. حظ برج الدلو اليوم 31 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغربة داخل الوطن
نشر في الأخبار يوم 12 - 08 - 2015

هناك فئة أخري تشعر بالاغتراب وتعمل ضد مصالح الوطن، لأن الأفكار التي غرست في عقولهم لا تعترف بالجنسية المصرية ولا الحدود المصرية
يشعر البعض بالاغتراب داخل وطنه... وإحساس الإنسان بالغربة داخل الوطن شعور سلبي يؤثر علي انتمائه وحبه لوطنه، ويجعله يشعر دائماً بأحاسيس سلبية تجاه وطنه وأبناء شعبه.
والإحساس بالغربة -رغم أنك تعيش داخل الوطن ولم تغادره -يعني الهجرة العقلية والوطنية، وإن لم تترجم إلي هجرة مكانية. ولا شك أن الاغتراب النفسي والعقلي شعور سلبي قد يترجم إلي أفعال سلبية ضد وطن لا تشعر أنه يحبك أو يخاف عليك، وقد يتحول الإحساس السلبي إلي أفعال وأقوال ضد الوطن ولو بشكل انفعالي ومؤقت.
وللاغتراب العقلي والنفسي أسباب كثيرة؛ فلا شك أن الشعور بالظلم الاجتماعي، وامتهان الكرامة، وانعدام تكافؤ الفرص، وتضاؤل الأمل في غد أفضل؛ يجعل الكثيرين من الشباب من الفئات المهمشة يحلمون باليوم الذي يغادرون فيه وطنهم الأصلي إلي مكان أفضل. وهذا ما يفسّر الهجرات غير الشرعية -رغم أنها رحلة موت وقهر.
وانتقلت ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلي أوربا إلي الأطفال، فطبقاً لتقرير اطلعت عليه مؤخراً هاجر من مصر مئات الأطفال المصريين إلي إيطاليا من خلال مراكب الموت غير الشرعية، وتتراوح أعمارهم بين 12 عاماً و18 عاماً، يتم استغلالهم في أعمال الدعارة وتجارة المخدرات. واستغلال هؤلاء لأعمال التخريب مقابل بضعة جنيهات داخل الوطن أمر للأسف شاهدناه وعاصرناه.
لا شك أن الوسيلة الأساسية لمواجهة ظاهرة الاغتراب الناجم عن الفقر والتهميش وآثاره المدمرة علي أصحابه والوطن؛ لن يكون إلا من خلال حزمة محترمة من سياسات العدالة الاجتماعية الموجهة، أي تلك التي تستهدف أماكن وقطاعات بعينها، كالقري الأكثر فقراً، والعشوائيات، والفئات العمرية الصغيرة. ليس فقط من خلال مشروعات البنية الأساسية وتحسين الخدمات العامة؛ بل أيضاً من خلال مراكز ثقافية وتعليمية، ودعم تمويلي للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
هناك فئات أخري مغتربة داخل الوطن ولكن لأسباب علي النقيض من الفئة السابقة؛ فكثير من أبناء الطبقة الغنية في مصر -نتيجة سوء حالة التعليم العام في المدارس الحكومية -أرسلوا بأبنائهم إلي مدارس أجنبية داخل مصر، هذه المدارس تقوم بتدريس برامج تعليمية لا علاقة لها بالبرنامج التعليمي المصري، فهي تدرس إما النظام الإنجليزي A Level، أو النظام الأمريكي، أو النظام الدولي IB، أو النظام الفرنسي. وفي هذه النظم لا يوجد تدريس للغة العربية إلا باعتبارها لغة أجنبية ثانية أو ثالثة، شأنها في ذلك شأن اللغة الإسبانية أو الصينية!! وهنا يفقد التلميذ المصري أي علاقة ثقافية مع وطنه، فاللغة العربية ثقافة، ويفقد كذلك التلميذ أي اتصال بدراسة تاريخ وطنه أو أبعاده الجغرافية.
ومعظم هؤلاء الطلاب بعد تخرجهم من مدارسهم يواصلون دراستهم بالخارج، فالقيم الثقافية والأخلاقية والتعليمية التي يتلقونها في مدارسهم تجعلهم يعيشون غرباء في وطنهم، ومعظم هؤلاء -رغم الحياة الطيبة التي ينعمون بها -يسعون للخروج إلي خارج البلاد، لأنهم غير متأقلمين مع ثقافة وعادات وطنهم الأم. وقد ساهم في ذلك ثقافة «الكومباوند» التي تجعل من هؤلاء يعيشون في فقاعة، فيصابون بالصدمة بمجرد الخروج إلي المجتمع الحقيقي، فرغم تعليمهم الجيد وقيم العمل والثقافة المتميزة التي يتلقونها؛ نخسرهم لصالح المجتمعات الغربية لأنهم لا يشعرون بالانتماء إلي الثقافة المصرية.ومهما بذل الأهالي من مجهودات فإنهم لا يمكنهم أن يعوضوا ما فاتهم.
وهذه فئة أيضاً يجب أن نكون حريصين علي ألا نفقدها، وعلي وزارة التعليم ومؤسسات الدولة أن تأخذ هذا الموضوع مأخذ الجد. وليس المطلوب منهم إلغاء المدارس الدولية، أو التدخل في المناهج، فلولا سوء حالة التعليم الحكومي ما كنا في حاجة لهذه المدارس، ولكن يجب إنشاء مجلس تنسيقي مع هذه المدارس لوضع سياسة تضمن تدريس اللغة العربية والتاريخ المصري والجغرافيا كجزء من مناهجها بشكل لا يمثل عبئاً علي هؤلاء الطلبة، وتضمن تداخل أنشطة هذه المدارس الرياضية والثقافية مع غيرهم من زملائهم المصريين... لا تفقدوا أجيالاً بسبب اغتراب التعليم والثقافة.
هناك فئة أخري تشعر بالاغتراب وتعمل ضد مصالح الوطن، لأن الأفكار التي غرست في عقولهم لا تعترف بالجنسية المصرية ولا الحدود المصرية، بل تعتمد علي أن الإسلام هو جنسيتها وأن كل من هو غير مسلم لا حق له وأنه من أهل الذمة، وأنه لا مانع من أن يكون والي مصر!! من غير المصريين مادام مسلما، وأن كل ما يلبسه المصريون وما يقومون به من عادات -في الفرح والحزن والملبس -هو من باب البدع، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار... ولذلك لم يكن من المستغرب أن تطلع علينا إحدي الدراسات عام 2010 بأن قطاعا كبيرا من المصريين ينظر إلي السعودية باعتبارها نموذج الدولة الأمثل، ولا شك أن هذا القطاع مدفوع بالاعتبارات والانطباعات الدينية. ولهذا ارتأينا ما لم نره في حياتنا في برلمان 2012، ورأينا أناسا يتكلمون ويلبسون وفقاً للعادات الأفغانية، ويقتلون باسم الدين، ووجدنا عادات غريبة يلبسونها ملبس الإسلام، وهي من الإسلام براء.
هؤلاء الغرباء داخل وطنهم لا يمكن دمجهم سلمياً داخل المجتمع، والعمل علي انسيابهم داخل نسيجه؛ إلا بمواجهة التطرف الفكري والثقافي والديني من خلال المدارس والمراكز الثقافية والإعلامية. وأضعف حلقة في مواجهة هذا التطرف هي الحلقة الأمنية، فالأمن يواجه العنف البدني والإرهاب المادي، أما التطرف العقلي والذهني والنفسي فلا يواجهه إلا التعليم والثقافة، والعدالة الاجتماعية.
ولا تزال قائمة المغتربين داخل الوطن كثيرة، وفي تزايد... آن الأوان لمواجهتها.
العدالة الاجتماعية والاقتصاد الحر:
العدالة الاجتماعية -كما أفهمها وكما هي مطبقة في المجتمعات المتحضرة -تعني حق المواطن -أياً كان عمره وقدرته الذهنية وجنسه وموقع معيشته الجغرافي ودخله المالي -في تلقي خدمة صحية جيدة في التنقل بشكل آمن، والحصول علي فرصة عمل، وتلقي تعليم جيد، ومساواة الكافة أمام القانون، وتكافؤ الفرص والترقي. وللعدالة الاجتماعية مظاهر وتطبيقات عديدة من خلال نظام تأمين صحي جيد، والمساواة في الالتحاق بالوظائف العامة، وتلقي معاش لائق حال التوقف عن العمل بسبب السن أو الإعاقة.
هل هذا المعني البسيط للعدالة الاجتماعية يتعارض مع الاقتصاد الحر، ونمو القطاع الخاص؟ الإجابة قولاً واحداً: لا. فأعتي النظم الرأسمالية تاريخياً-كما هو الحال في إنجلترا -هي الآن من أكثر النظم الاجتماعية تطبيقاً للعدالة الاجتماعية، وخاصة في مجال الرعاية الصحية. فمن درس أو تعلم في إنجلترا يعلم أنه بمجرد أن تطأ قدماك إنجلترا للتعلم أو للعمل؛ فأنت وأسرتك لكما الحق في العلاج في أفضل المستشفيات وفي ذات المستشفي الذي يعالج فيه أبناء الأسرة الحاكمة دون أن تتكلف جنيهاً استرلينياً واحداً.
ألمانيا بلد اقتصاد السوق الاجتماعي -شأنها في ذلك شأن فرنسا -التعليم فيها حتي الجامعي بالمجان، وبهما أفضل جامعات العالم، كهايدلبرج وميونيخ في ألمانيا والسوربون في فرنسا، والتعليم فيها مجاني سواء كنت ألمانياً أو فرنسياً أو مصرياً أو من أي جنسية في العالم.
ما أريد أن أقوله إنه لا تعارض بين تحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق النمو والتنمية الاقتصادية، لا تعارض بين الاقتصاد الحر وكرامة المواطن. لا أعلم من أين تأتينا هذه الأفكار البالية والقوالب الجامدة... العالم يطير من حولنا بسرعة الصاروخ ونحن لا نزال نعيش علي الماضي... يا مثقفي مصر أفيقوا...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.