تجسيدا لعمق العلاقات بين مصر وروسيا.. السيسي وبوتين يشاركان بفعالية تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى غدا    البنك الأهلي و"مصر الخير" يفتتحان مدرسة أولاد مازن للتعليم الأساسي بمطروح    الثلاثاء 18 نوفمبر 2025.. أسعار الذهب تتراجع 45 جنيها وعيار 21 يسجل 5395 جينها    محافظ المنوفية يتفقد مجزر بى العرب لمتابعة انتظام سير العمل والخدمات المقدمة    باستثمارات مليار جنيه.. وزير الصناعة يفتتح 5 خطوط إنتاج جديدة ويتفقد 4 مصانع    مشروع عملاق يربط مصر بتشاد عبر ليبيا.. طريق يعيد رسم التجارة الأفريقية    وزير التموين يشارك في افتتاح مؤتمر "بيروت وان" لتعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر ولبنان    مصدران لبنانيان: إلغاء زيارة قائد الجيش إلى واشنطن    لماذا تخشى إسرائيل من بيع مقاتلات F-35 للسعودية؟    قطر تؤكد أهمية إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط    COP30: بابا الفاتيكان يحث الدول على اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة تغير المناخ    خطيب المسجد الأقصى في يوم محاكمته: لن أتراجع عن مواقفي    الأردن يدين تصريحات بن غفير التحريضية ويحمل إسرائيل مسئولية تفجير الأوضاع بالضفة    توقف بيع تذاكر مباريات كأس العرب    الحكم بالسجن 10 سنوات على المتهم بالاعتداء على الطفل ياسين فى البحيرة    الأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة بدءا من اليوم.. والذروة يوما الجمعة والسبت    كشف ملابسات استغاثة شخص فقد ابنته بسوق في بنى سويف    ضوابط الورقة الامتحانية بمادة اللغة الإنجليزية للشهادة الإعدادية 2026    اليوم... محاضرة "شاعرية الواقع" مع إلديكو إينيدي في المسرح المكشوف بدار الأوبرا    السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية ل عمر خيرت وتقديم كل أشكال الدعم الطبي اللازم له    قبل عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي.. محمد العدل يشكر فريق عمل فيلم بنات الباشا    شاحنة دعائية تجوب شوارع طوكيو للترويج لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة بعد استقباله 350 ألف زائر    إنجاز طبى.. أسوان تشهد أول عملية لتركيب منظم ضربات القلب    عاجل- السيسى يوجّه بمتابعة الحالة الصحية للموسيقار عمر خيرت وتوفير كافة أوجه الرعاية الطبية    رئيس هيئة الدواء فى جولة ميدانية لمتابعة استعداد تطبيق منظومة التتبع الدوائي بمصنع أوركيديا    20 نوفمبر.. محاكمة عاطلين في الاتجار بالمواد المخدرة بروض الفرج    إخماد حريق في أكشاك بمنطقة المنشية بالإسكندرية| صور    هل يعود رامي ربيعة للأهلي في يناير.. العين الإماراتي يوضح    خوفا من سيناريو مجلس 2010 وثورة 25 يناير .. هل يجبر التزوير السيسي على إلغاء نتائج الانتخابات المرحلة الأولى ؟    اعتماد تعديل تخطيط وتقسيم 5 قطع أرضي بالحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر    فنزويلا تتهم أمريكا بتبرير حربها المحتملة بأكاذيب غزو العراق 2003    وفاة الفنان السوري عدنان جارو وتشييع الجنازة وإقامة العزاء اليوم    تفاصيل تعاون محمد قماح والهولندية لاروسي فى أغنية انبساط    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 18-11-2025 في محافظة قنا    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    وفاة عامل وحماره أسفل عجلات القطار في فرشوط بقنا    إصابة 2 فى حادث تصادم بين توك توك وسيارة بكفر الشيخ    وزير التعليم العالي يبحث مع نظيره التشادي سبل تعزيز التعاون    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    جامعة الإسكندرية تؤكد دعم الطلاب ذوي الهمم تنفيذاً للمبادرة الرئاسية «تمكين»    قافلة «زاد العزة» ال75 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    التمثيل العمالي بإيطاليا ينظم الملتقى الثاني لحماية حقوق العمال المصريين    انطلاق منتدى دبي للمستقبل بمشاركة 2500 خبير دولي    براتب 9000 جنيه.. «العمل» تعلن عن 105 وظائف جديدة    وزير الصحة: دفع 39 مليون أفريقى نحو الفقر بسبب الزيادة الكارثية فى إنفاق الجيب    محافظ أسيوط يطلق النسخة ال29 من مسابقة "لمحات من الهند"    تحليل سياسي شامل لبيان الرئيس عبد الفتاح السيسي كما ورد في نصه، مع تفكيك المعاني والرسائل الضمنية، وقراءة سياق البيان وتأثيراته المحتملة.    رئيس منطقة بني سويف عن أزمة ناشئي بيراميدز: قيد اللاعبين مسؤولية الأندية وليس لي علاقة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استقيموا يرحمكم الله !?    عندما يتحدث في أمر الأمة من لم يجفّ الحليب عن شفتيه ..بقلم/ حمزة الشوابكة    أمريكا تمنح حاملي تذاكر مونديال 2026 أولوية في مواعيد التأشيرات    الدكتورة رانيا المشاط: الذكاء الاصطناعي سيساهم في خلق وظائف جديدة    مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    فاروق جعفر: أتمنى أن يستعين حلمي طولان باللاعبين صغار السن في كأس العرب    التوقع خلال ساعات، الترجي التونسي ينهي اتفاقه لضم يوسف المساكني (فيديو)    اليوم عيد ميلاد الثلاثي أحمد زكى وحلمى ومنى زكى.. قصة صورة جمعتهم معاً    التأهل والثأر.. ألمانيا إلى كأس العالم بسداسية في مرمى سلوفاكيا    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام التعليمي والاستبعاد الاجتماعي
بقلم:د‏.‏ بثينة عبدالرءوف رمضان
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 05 - 2010

يعتبر مفهوم الاستبعاد الاجتماعي من المفاهيم التي بدأت في الانتشار منذ تسعينيات القرن العشرين‏,‏ ويعرف بأنه ابعاد لبعض فئات المجتمع وعدم القدرة علي المشاركة بفاعلية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية‏,‏ وهذا يعني ان هناك شكلين من اشكال الاستبعاد الاجتماعي في المجتمعات المعاصرة‏,‏ الأول هو الاستبعاد اللا ارادي لأولئك القابعين في القاع والمعزولين عن التيار الرئيسي للفرص التي يتيحها المجتمع‏,‏ اما الشكل الثاني فهو الاستبعاد الارادي‏,‏ حيث تنسحب الجماعات الثرية من النظم العامة واحيانا من القسط الأكبر من ممارسات الحياة اليومية فيما يطلق عليه ثورة جماعات الصفوة‏,‏ وتعيش هذه الجماعات داخل مجتمعات محاطة بالاسوار بمعزل عن بقية افراد المجتمع‏,‏ وتنسحب من نظم الصحة العامة والتعليم العام والخدمات الأخري المتاحة في المجتمع الكبير‏.‏
بنظرة إلي المجتمع المصري في الوقت الراهن نجد ان ما سبق الاشارة إليه يتمثل في المجتمع بوضوح بل انه يمكن القول إن المجتمع المصري يعد نموذجا للاستبعاد الاجتماعي باشكاله ويؤكد علي ذلك تقرير التنمية البشرية حيث يشير إلي ان‏19%‏ من نسبة السكان يعيشون تحت خط الفقر وفقا للمعايير التي وضعها البنك الدولي مع وزارة التخطيط في مصر‏,‏ اما نسبة الأطفال المحرومين من التعليم الابتدائي في مصر فانها تبلغ‏13%‏ وهؤلاء هم فقراء المستقبل‏,‏ وان نسبة لاتتعدي‏10%‏ من السكان تسيطر علي رءوس الاموال والمناصب العليا‏,‏ والواقع يشير إلي ان هذه الفئات تسعي لانشاء مدن عمرانية جديدة ومنتجعات مسورة ذات ابواب خاصة وتتمتع بخدمات امنية وحواجز تبعد عنهم نظائرهم من المواطنين‏,‏ وفي هذه الحالة تكون الاقلية في وضع يمكنها من استبعاد الاكثرية‏,‏ حيث تعيش هذه الجماعة بمعزل عن بقية المجتمع‏.‏
بمزيد من التمحيص إلي نظام التعليم المصري نجد انه انعكاس واضحا للنظام الاجتماعي والاقتصادي‏,‏ حيث ينقسم التعليم إلي‏:‏
اولا‏:‏ تعليم قومي‏,‏ ويتمثل في تعليم ديني تمثله المدارس الأزهرية والمدارس الخاصة الإسلامية والمدارس المسيحية‏,‏ وتعليم عربي وتمثله المدارس الحكومية والمدارس الخاصة عربي‏,‏ وتعليم اللغات وتمثله المدارس التجريبية‏,‏ ومدارس اللغات الخاصة‏,‏ ويتميز كل نوع من المدارس السابقة بثقافة خاصة تميزه عن النظم الاخري‏,‏ وعلي الرغم من ذلك فان هذه المؤسسات تشترك جميعها في عموميات الثقافة‏,‏ فاللغة العربية هي لغة أولي في جميع المدارس السابقة بما في ذلك مدارس اللغات‏,‏ كما ان مادة الدراسات الاجتماعية هي مادة اساسية وتدرس باللغة العربية وتلتزم جميع المدارس بمنهج موحد بما في ذلك مدارس اللغات‏,‏ ولذلك تندرج جميع المدارس السابقة تحت مسمي التعليم القومي‏.‏
ثانيا‏:‏ تعليم اجنبي متعدد الروافد والمتمثل في المدارس الأمريكية والفرنسية والكندية والالمانية والانجليزية ويلتزم كل نظام تعليم من الانظمة السابقة بتدريس مناهج الدولة التابع لها‏,‏ فالمدرسة الكندية تلتزم بتدريس المنهج الكندي‏,‏ والمدرسة الانجليزية تلتزم بتدريس المنهج الانجليزي‏,‏ والمدارس الأمريكية بتدريس المنهج الأمريكي‏,‏ وفي هذه الانظمة تعتبر اللغة الانجليزية الالمانية الفرنسية هي اللغة الأولي بالنسبة للتلاميذ‏,‏ ويخير التلاميذ بين اللغة العربية ولغة اجنبية اخري كلغة ثانية‏,‏ وعادة ما يختار التلاميذ العرب اللغة العربية كلغة ثانية‏,‏ ويتم تدريس المنهج الوزاري في اللغة العربية‏,‏ ولكن ذلك يتم في اضيق الحدود‏,‏ حيث يكتفي بتدريس اجزاء محدودة من كتاب الوزارة‏.‏
وبما ان النظام التعليمي يعتبر نظاما فرعيا متفاعلا مع النظم القومية في المجتمع ومقارنة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع المصري يصبح التقسيم الفعلي للمجتمع علي هذا النحو‏:‏ تعليم اجنبي للصفوة‏,‏ ويخص الشرائح العليا من المجتمع والتي تمثل النخبة الاقتصادية والسياسية تعلم أبناءها في مدارس اجنبية علي اختلاف انواعها‏,‏ وهي الفئة الأكثر تأثيرا في المستقبل‏,‏ وتعليم قومي للعامة‏,‏ ويخص الطبقة المتوسطة التي يتعلم ابناؤها بمدارس التعليم الخاص علي أختلاف مستوياته من مدارس اللغات التي تحولت إلي مدارس لفقراء الطبقة العليا الجديدة إلي المدارس التجريبية ومدارس منخفضة المصروفات‏(‏ تعليم قومي‏)‏ وتعليم حكومي مجاني للفقراء‏,‏ أو لاتعليم علي الاطلاق لهؤلاء القابعين في القاع‏.‏
هناك مجموعة من النتائج المترتبة علي هذا الواقع التعليمي وابرزها أنه يكرس هذا الواقع التعليمي الاستبعاد الاجتماعي ويمده إلي المستقبل‏,‏ فعندما يعيش ابناء الطبقة الاجتماعية العليا في مجتمعات ومنتجعات خاصة منعزلين عن المجتمع يتعلمون في مدارس خاصة تعليما أجنبيا خالصا ويتحدثون لغة مختلفة يتبنون قيما مختلفة ويشعر هؤلاء الابناء بالسعادة بهذا الاستبعاد علي اعتبار انه نوع من التميز وتنسحب هذه الفئات إلي اعلي بعيدا عن الواقع المتردي‏,‏ ونظرا لتميزهم التعليمي والطبقي يتولي هؤلاء الابناء المناصب العليا في المجتمع ويستأثرون بالمراكز القيادية ويرجع ذلك إلي تميزهم التعليمي أو إلي توارثهم للمناصب العليا لآبائهم‏,‏ ونحن نتساءل كيف يكون اداء هذه الفئة عندما تتولي مناصب تتعلق بالفئات الأخري؟
أما الفئة الثانية المستبعدة لااراديا هم هؤلاء الابناء الذين تلقوا تعليما حكوميا أو لم يتلقوا تعليما علي الاطلاق‏,‏ فلقد تم استبعادهم بشكل نهائي من اي فرص ترقي في المستقبل‏.‏
ماذا يعني هذا؟
ان فئات المجتمع تتحول إلي جزر ثقافية منعزلة‏,‏ وتتعدد ولاءات المجتمع المصري‏,‏ ويعمل ذلك علي عدم وجود وحدة في الفكر والعمل بين فئات المجتمع‏,‏ مما يسهم في قلة التفاعل الاجتماعي وضعف تماسك افراد المجتمع وارتباطهم‏,‏ ويؤدي ذلك إلي تفكك النسيج الاجتماعي‏,‏ في الوقت الذي تحتاج الدولة فيه إلي كل اشكال التعاون الاجتماعي والتماسك والوحدة الاجتماعية‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.