ليس من تعليق علي السقطات الاخلاقية التي تقع ويمارسها الكونجرس الأمريكي في الكثير مما يعد من قضايا الشئون الداخلية للدول سوي انه سلوك يتسم بالجليطة والجهل وعدم الدراية بشئون الدنيا. انه يتصور ويتخيل ونحن في الالفية الثالثة ان الولاياتالمتحدة تملك حق التسلط علي مقدرات الدول . لا يريد ان يفهم أو يدرك ان عصر الوصاية علي هذه الدول قد ذهب وولي. ان اعضاء هذا الكونجرس لا يريدون ان يعيشوا الواقع وهو الامر الذي جعلهم لا يستفيدون من التجارب المريرة التي تورطت فيها بلادهم سياسيا وعسكريا وبالتالي اقتصاديا . انهم لايخجلون من السير كالقطيع وراء ما يريده اللوبي الصهيوني الذي يحركهم كيفما شاء. انهم وبدافع من هذه التبعية المشينة نسوا العدل والشرعية الدولية وحقوق الانسان في العديد من القضايا الا ما يرونه كذبا وافتراء يخدم مصالحهم ومصالح ومطامع الصهيونية العالمية. ان هذا الكونجرس سمح لنفسه بالتدخل في شئوننا الداخلية من خلال مناقشته لما يروج له الموتورون الذين يضمرون العداء والكراهية لمصر. ان اعضائه وفي هذا الاطار لجأوا الي هذا السلوك في محاولة لفرض الوصاية من خلال المطالبة بحماية المصريين من اقباطها الذين هم جزءا اصيلا من النسيج المصري . جاء ذلك من خلال جلسة استماع عقدها لمناقشة اوضاع هذه الفئة من المصريين . أليس هذا مثيرا للسخرية والهزل. كما كنت أرجو ان تكون لدي اعضاء هذا المجلس الشجاعة والجرأة الكافية لمناقشة ما يتعرض له المسلمون والمسيحيون في اسرائيل من عمليات قتل وانتهاك لحقوقهم الإنسانية كل يوم . بماذا يمكن وصف سلوكيات ووحشية اسرائيل في ارض فلسطين التي تصر علي استمرار احتلالها بالقوة رغما عن كل القوانين وقرارات الشرعية الدولية ومباديء حقوق الانسان. لماذا هذا التناقض في المواقف والتوجهات رغم الخلاف الجذري في طبيعة المشاكل . الا يدركون ما يقوم به الارهاب في كل انحاء الدنيا ضد التابعين لجميع الاديان بلا استثناء وان العشرات من المسلمين في مصر سقطوا ضحايا له.. هل ينكرون تلك الجهود المضنية التي تقوم بها مصر حكومة وشعبا من اجل مواجهة هذه الآفة التي تعاني كل بلاد الدنيا ومنها بلدهم وبشكل مرعب علي أيدي امريكيين وغير امريكيين . وقبل ان يسمح اعضاء الكونجرس لانفسهم بالتدخل في شأن مصري داخلي يتم معالجته في اطار الاسرة الواحدة والتعايش الوطني المشترك المستمر علي مدي قرون قبل ان تظهر الولاياتالمتحدة الي الوجود كدولة وشعب . كنت أتمني ان يهتم هذا الكونجرس بالممارسات غير الانسانية التي تمارس ضد مواطنيهم في بلادهم بما في ذلك عمليات القتل العشوائي التي يسقط مئات الابرياء ضحايا لها. كيف بالله يكون موقف اعضاء الكونجرس الذين اعتقدوا ان بامكانهم تسيير الامور الداخلية في مصر اذا ما تم فضح الممارسات والتفرقة التي يتعرض لها قطاع من المسلمين الذين اصبحوا بالتجنس جزءاً من الشعب الامريكي.. وليس هؤلاء المسلمون فحسب الذين يشكون من هذه الاوضاع وانما هناك ايضا الامريكيون السود . هل يمكن لهذا الكونجرس ان يسمح لاحد في دولة اخري باثارة هذه القضية رغم الاختلاف الكبير بين هذه المشاكل وما قد يشكوا منه بعض المصريين الاقباط الذين تمتد جذورهم إلي اعماق الكيان المصري. ان ما يؤكد تلاحم الشعب المصري بمسلميه واقباطه هذه الشعبية الجارفة والترحيب غير المحدود الذي استقبل به ما جاء في خطاب الرئيس مبارك في احتفال عيد الشرطة خاصة المتعلق منه بما اثير في بعض الدول - التي من المفروض ان تكون صديقة - حول احوال قطاع من ابناء مصر. لقد كان الرئيس حاسما وحازما عندما اعلن ان زمن الحماية الاجنبية والوصاية قد ذهب إلي غير رجعة وان مصر الحضارة والتاريخ والمواطنة لا تقبل ضغوطا او تدخلا من احد أيا كان . واكد ان أقباط مصر مصريون قلبا وقالبا وان حماية المصريين باختلاف دياناتهم واعراقهم هي مسئولية مصرية وحرص الرئيس علي ان يحذر كل من يسعي لابتزاز مصر وتشويه صورتها علي غير حق - لاهداف لا يمكن ان تكون غائبة علي احد - ان المصريين اثبتوا دوما انهم شعب عنيد.. متماسك.. يتوحد في مواجهة المخاطر والتحديات. سلمت يا مصر وتحية تقدير لرئيسنا.