الحفاظ علي المكسب أصعب كثيرا من تحقيقه ولهذا فإنه من الضروري استمرار عمليات اللجوء الي الفكر الخلاق الذي يكرس ويدعم هذا الهدف. لا يمكن ان يتم ذلك الا بالاستنفار الدائم والتعاون والتنسيق بين جميع الاجهزة المسئولة عن مواصلة أي انجاز . وهنا لابد ان نضع في الاعتبار وعلي ضوء الخبرة والتجربة ان العودة الي المكسب والنجاح بعد الانحسار يحتاج في هذه الحالة الي جهود مضاعفة يمكن ان تكون غير مضمونة النتائج. تثار هذه القضية بالنسبة للسياحة العربية الوافدة الي مصر والتي كشف عن أوضاعها تصريح لوزير السياحة زهير جرانة اشار الي انها شهدت بعض التراجع ليس في الاعداد وإنما في نسبة الزيادة مقارنة بما تحقق للسياحة الاجنبية وهو ما يمثل ظاهرة سلبية غير مرغوب فيها بحكم ما لمصر من مكانة في قلوب كل العرب. وبناء علي ذلك يمكن القول ان الزيادة في السياحة العربية لم تكن مواكبة للزيادة الملموسة في حركة السياحة الاجنبية. ووفقا لما هو منشور فقد حمّل الوزير المسئولية لغرفتي السياحة والفنادق اللتين لم تبذلا الجهد اللازم في التسويق والترويج بالاسواق العربية وتقديم الحوافز والتسهيلات للسياح العرب وبما يتماشي مع متطلبات المنافسة الحامية الدائرة حاليا علي السائح العربي. وليس ما ذكره الوزير افتئاتاً علي أحد ولكنها الحقيقة المؤسفة التي تكشفها قلة اعداد الشركات السياحية المتعاملة مع الأسواق العربية. ان ما يلفت النظر .. ازدياد اعداد الشركات السياحية التي تسعي للعمل مع الاسواق الاجنبية ولجوء عدد منها إلي تقديم الخدمات ليس في شكل برامج سياحية وإنما علي أساس المحاسبة علي »الرأس« وفقا لما تورده الشركة الأجنبية من سياح. في هذا المناخ غير الصحي فإنه يمكن توصيف اداء شركات السياحة حاليا فيما يتعلق بتنشيط السياحة العربية بالقصور والعجز. حدث هذا في نفس الوقت الذي تركز فيه بعض هذه الشركات نتيجة نقص المقومات المهنية علي خطف الشركات المتعاملة الخارجية مع البعض الآخر من خلال عروض تخفيض التكلفة وذلك علي حساب مستوي الخدمات وهو الامر الذي يصب في النهاية لغير صالح الدخل السياحي. لا يمكن بالطبع اعفاء غرفة السياحة من المسئولية عن هذا الانحراف في ظل انشغالها بأمور أخري!!. هذه المعلومات تتطلب ولا جدال بحثا شاملا لعمليات الترويج والتسويق. بالطبع فإنه لا يمكن قياس قيمة وأهمية جهود تنمية السياحة العربية الا من خلال المتابعة وتعظيم سبل التعاون والتنسيق بين وزارة السياحة وكل منظمات ومؤسسات القطاع الخاص ذات الصلة بصناعة السياحة وتعاملات الاسواق العربية. ان تحقيق الانطلاقة المرجوة للسياحة العربية يحتاج الي تكثيف برامج الترويج والتسويق والتحرك المدروس لاعداد برامج سياحية مشتركة بين المنشآت السياحية والفندقية بالتعاون مع شركات الطيران. مواكبة السياحة العربية للزيادة في السياحة الاجنبية ولكي تحقق اهدافها فإن ذلك يتطلب إزالة كل الاسباب التي تؤدي إلي شكوي هؤلاء السياح وتجعلهم يحجمون عن زيارة مصر رغم ما تنفرد به من امكانات هائلة. يأتي ضمن شكاوي السياح العرب بقايا التفرقة في معاملات بعض الفنادق مع السياحة العربية فيما يتعلق بالاسعار وهو الامر الذي يحتم ممارسة سياسة الحسم والحزم والاقناع في نفس الوقت باعتبار ان ذلك يؤثر علي صناعة السياحة بشكل عام. ان هذه المهمة تتحملها غرفة الفنادق والاتحاد العام للغرف السياحية. وهنا لابد من الاشارة الي ايجابية النتائج التي تجنيها من وراء القوافل السياحية العربية رغم سلبية الشركات السياحية. كما لا يمكن انكار ما يترتب علي مثل هذا النشاط من دعم للاتصالات المباشرة بهذه الاسواق الي جانب ما يتحقق من حملات دعائية مجانية تتمثل فيما ينشر ويذاع بوسائل الاعلام عن نشاط هذه القوافل في الدول التي تزورها. اضافة إلي هذه القوافل السياحية كانت هناك ايضا اجراءات تم اتخاذها في سبيل انهاء بعض الشكاوي الاخري التي تشمل الارتفاع بمستوي وسائل الانتقال وهو ما تحقق بمشروع استبدال سيارات التاكسي بأخري حديثة ومريحة وكذلك ما يتعلق بتطوير الخدمات في المطارات. كما أكدت سياسة المهرجانات الترويحية تأثيرها الايجابي علي احتذاب هذه السياحة. علينا ونحن نعمل علي تنشيط حركة السياحة العربية ان نلجأ الي افكار جديدة تقوم علي تجارب ناجحة. ان الدورة الرياضية لبطولة كرة القدم التي تم تنظيمها بين دول حوض النيل يمكن ان تكون مثالا لهذا العمل الخلاق الذي يستهدف دعم العلاقات العربية- العربية . وزيادة معدلات السياحة العربية. علي ضوء هذه التجربة فإن من حقنا ان نتساءل: لماذا لا تكون هناك دورة كروية عربية لكل الدول اعضاء جامعة الدول العربية التي عليها ان تشارك في تنظيمها مع اتحادات الكرة العربية ووزارة السياحة؟ ان الاتفاق علي اختيار الموعد المناسب لهذه الدورة متوافقا مع مواسم الاجازات والمد السياحي العربي .. يعد مبادرة ايجابية لجذب قطاعات كبيرة من السياح العرب المغرمين بمسابقات الساحرة المستديرة. كم ارجو ان يحظي مثل هذا الاقتراح بالقبول من الاجهزة المعنية والذي من المؤكد ان فائدته ستلبي تطلعات جميع المشاركين في التنظيم والرعاية. [email protected]