WWW. Ahmedtaymour.com علي جزيرة تتوسط نيل أسوان العريض السخي وعلي مقربة من السد العالي رمز الفخار المصري في حقبة من أهم حقبنا التاريخية دعاني الاستاذ الدكتور محمد رضا عوض استاذ الروماتيزم الشهير للمشاركة في فعاليات مؤتمر دولي عن آلام الظهر وامراض العمود الفقري برئاسته وتحت رعاية اللواء مصطفي أحمد السيد محافظ أسوان الساهر علي سحرها الذي لانظير له. ولقد جرت ندوات ذلك المؤتمر الدولي والذي حضره العديد من الشخصيات العلمية المرموقة من دول عدة تحت ظلال هذا السحر المصري الجنوبي في اجواء تحث علي الابداع في مجالاته المختلفة.. ففي الوقت الذي تعاني فيه اوربا وولايات عديدة من الولاياتالأمريكية من طقس قارس البرد قارص التأثير علي الحياة هناك تسبح أسوان في شمس ذهبية الاشعة وتشرب من ماء زلال وطبيعة تعكس صفاء نفوس أبنائها الطيبين.. ثلاثة أيام هي عمر المؤتمر مرت علينا مرور الحلم حيث كانت غبطة المشاركين من الاجانب مضاعفة فأين هم من عواصف الشمال الرعدية وشوارع الغرب المرصوفة بالثلج. وأين نحن من صخب القاهرة وجوها المشبع بثاني أكسيد الكربون وأوله أيضاً.. ان الجنة الاسوانية التي فتحت لنا أبوابها لجديرة بأن ننوه عن فردوسها الدافيء في كل وسائلنا الإعلامية لتأتيها وفود السياحة من مشارق الأرض ومغاربها.. فأي غني نحن نملكه.. وأي ثراء منحنا اياه فاطر الارض والمساء.. وأي شكر ينبغي علينا أن نتوجه به اليه سبحانه وتعالي. ولقد طلب مني الصديق العزيز الدكتور رضا عوض ان اتجهز للافتتاح بأن القي قصيدة عن العمود الفقري ولأني لا استطيع ان أرد لهذا الرجل الرائع الذي يحبه الجميع طلبا فكانت القصيدة التي اورد الآن بعضا من مقاطعها: لعمودنا الفقري أهدي هذه الفقرة. فعمودنا الفقري تصميم له فكرة. هذا النظام المعجز التركيب يدعونا إلي أن ندرك الدرس البليغ ونأخذ العبرة. فهو الذي قد نصب الانسان مستويا علي قدمين يمشي فوق سطح الأرض معتد الخطي وذراعه حرة.. تنشي المنازل تحتوي اسراره جدرانها.. ويبث مكنوناته الحجرة تنشي المعابد.. كي يصلي للاله الخالق الخلق الحكيم الفاطر الفطرة. تنشي المزارع والصوامع.. يأمن الجوع المهدد للحياة ويتقي شره. تنشيء المصانع ينسج الغزل القماش ليكسو الانسان من عري ويضمن دون أحداق الوري ستره. تنشي المصانع.. تخرج العربات من رحم المسافات البعيدة كي تجاورنا.. وتلغي الغربة المرة. تنشي المصانع.. تخرج الآلات آلات تعظم للاناسي القوي وتحطم الذرة. لعمودنا الفقري أهدي هذه الفقرة.. فهو الذي قد شد قامة كائن البشر العزيز فساد كل الكائنات.. وساسها ذللا.. واورث جنسها الحسرة.وهو الذي قد مد هامة كائن البشر العزيز.. فسددت العيون شعاعها الاقصي كي تلقي علي أقصي المدي النظرة. وهو الذي وضع اليدين علي سطوح الطاولات.. لتكتب الكلمات.. حينئذ يفض الكائن البشري طلسم الوجود.. يفك من عقد الغموض سلاسل الشفرة. وهو الذي وضع اليدين علي الجراح تلمها.. وتقرب الحافات للحافات حين تمرر الابرة. وهو الذي شرع الاصابع كي تهز مخادع الاوتار.. توقظها.. فتنطلق اللحون من السكون. وترقص الدنيا علي نقرة. وهو الذي شهر الانامل.. تمسك الفرشاة.. تغمسها بأطياف من الالوان ترسم هاجس الانسان.. جنته الخفية.. حلمه.. سره. لعمودنا الفقري أهدي هذه الفقرة.. فعمودنا الفقري تصميم له فكره.. ما أروع الفكرة.. فقراتنا العنقية التفتت الي تأميننا.. هي فرقة استطلاعنا للامر قبل تحرك الاطراف اذ راحت تدير الرأس منا يمنة .. وتديرها يسرة. فقراتنا الصدرية التحمت بها الاضلاع تحمي القلب والرئتين.. تنأي تشهقان.. وحين تدنو.. تصدر الزفرة. فقراتنا القطنية اهتمت بخصر الكائن البشري.. تطويه وتبسطه.. فتطوينا وتبسطنا.. فكل تابع خصره. فقراتنا العجزية استقوي بها الحوض الذي من مفصلية تحرك الرجلان صاحبها.. فتأخذه إلي ملهي وتحمله إلي زهرة. إلي أن انهيت القصيدة التي استعرضت وظائف العمود الفقري المختلفة في مقاطعها الطويلة التي انتقيت منها ما اسلفت عرضه قائلا في ختامها. حكماؤنا الاكفاء حلوا اليوم في أسوان - بلدتنا الحبيبة - كي يحلوا معضلات الظهر في انساننا المصري.. كي يحموا له ظهره. أكرم بهم من معشر جمعوا إلي العلم الغزير.. الرأي أصوبه.. وآجالا من الخبرة ما احوج المصري للنبغاء من ابنائه حتي يشدوا من مهارتهم له ازره. حقا ما احوج مصر الي ابنائها النبغاء حتي تتقدم بفكرهم وعلمهم وعملهم فانما الامم تتقدم بالفكر والعلم واخلاص ومثابرة ابنائها الطيبين طيبة ارضها ومائها وشمسها.