لا أنكر ان حالة من القلق الشديد قد انتابتني عندما قرأت وتابعت بعض التقارير التي تتحدث عن بدء خفض جديد علي جمارك السيارات الاوروبية بقيمة 01٪. يبدأ تطبيق هذه الخطوة مع اول يناير وفقا لبنود اتفاقية الشراكة المصرية الاوروبية. هذا القلق ليس مصدره خفض اسعار السيارات والتي اري انها مرتفعة بالنسبة لمستوي المعيشة ودخول الغالبية.. ولكن الدافع اليه هو اثر ذلك علي تصاعد الزيادات في تلك السيارات بشكل خاص . تقول التقارير ان هذا الخفض الجديد سوف يساهم بطريقة او اخري في انتعاش عمليات شراء السيارات والتي تخضع حاليا لتسهيلات مالية كبيرة بعد تدخل كل البنوك في تقديمها. انها تشير الي انه وفي ظل هذه التخفيضات الجمركية وتوافقاً مع ميل المستهلك المصري لاقتناء السيارات الاوروبية والتسهيلات المقدمة فانه من المتوقع زيادة كبيرة في عدد السيارات المبيعة. هنا تكمن المشكلة التي سيعاني منها سكان القاهرة التي تحولت شوارعها وحواريها حاليا واحياؤها الي جراجات للسيارات وهو ما يدعو الي اثارة التساؤل حول كيفية مواجهة الازمة المرورية المتصاعدة. في هذا الاطار لا جدال ان قرار محافظ الجيزة بوقف تراخيص سيارات الميكروباص التي تغص بها شوارع القاهرة الكبري.. قد لقي كل الترحيب املا في ان يساهم في التخفيف من حدة هذه الازمة المرورية. كم ارجو ان يمتد هذا القرار الي كل التراخيص واضعا في الاعتبار مستقبل حركة السيارات والافراد داخل القاهرة. هذه المطالبة تضعنا بين نارين.. نار تصاعد الازمة المرورية التي ستتعرض لها القاهرة وبين الاستجابة لآمال اقتناء سيارة جديدة او تغيير السيارة القديمة من جانب المواطنين. انطلاقا من هذا الواقع يمكن القول ان ما تقوم به الدولة من مشروعات للطرق والنقل العام المتمثل في التوسع بخطوط المترو لن يكون له اي تأثير في تحقيق أمل انفراجة في ازمة المرور بشوارع القاهرة. لا حل لهذه المشكلة المتنامية الا بايجاد وسيلة للتخفيف من منح رخص السيارات في نفس الوقت الذي يتم فيه نشر الوعي باستخدام وسائل النقل العام. اقناع المواطنين باستخدام هذه الوسائل مرهون بضمان ان تكون لائقة ومغرية وان تكون علي اعلي مستوي من النظافة والخدمة. ان ما سوف تنفقه الدولة علي تحقيق هذه الاهداف سوف يعود علي موازنة الدولة والاقتصاد الوطني وعلي الحياة الاجتماعية إضافة الي ما يمثله ذلك من معالجة الحالة النفسية الناتجة عن تأزم الحركة المرورية. ولا يمكن لمشروعات انشاء الطرق والتوسع في تسيير وسائل المواصلات تحت الارض ان تكون الحل القادر علي مواجهة تفاقم ازمة المرور في ظل الزيادة غير المنطقية والمطردة للسيارات في شوارع القاهرة التي وصل عدد سكانها الي حوالي 71 مليون نسمة. المطلوب هو تعظيم توجهات نقل الاجهزة الحكومية الي خارج المدينة باعتبار ان ذلك يشجع العاملين فيها علي سكني المناطق الجديدة التي يتم نقلهم اليها. هذا المطلب يذكرنا بالاستراتيجية التي كان الرئيس الراحل أنور السادات قد تبناها في الثمانينيات وتولي تنفيذها وزير التعمير والاسكان الاسبق حسب الله الكفراوي بالتخطيط لنقل كل المصالح الحكومية بموظفيها الي مدينة السادات الواقعة في صحراء طريق اسكندرية الصحراوي والتابعة حاليا للمنوفية.. وفي اطار هذا المشروع العملاق الاقتصادي.. التنموي.. الاجتماعي تم بالفعل البدء في انشاء مقار لهذه المصالح في صورة مبان ضخمة مجمعة في هذه المدينة التي تبعد عن القاهرة حوالي تسعين كيلو متر. ولكن ولاسباب مجهولة تم تجميد هذا المشروع وتسليم المباني التي كان قد انتهي إنشاؤها لجامعة المنوفية. وبعد مرور ما يقرب من 03 عاما عدنا الي الحديث عن هذا الفكر وبدأت خطوات نقل بعض المصالح الي خارج القاهرة. كم أرجو ان تكون لدينا نية حقيقية حقاً وان نكون جادين في انقاذ القاهرة من خطر توقف الحركة والحياة بها.