لابد من وجود الأهداف في الدنيا، ولابد من وجود الهدف للآخرة..والأهداف الدنيوية لاتتعارض مع هدف الآخرة، وإنما تسير معه في نفس الإتجاه أو المفروض أن تكون كذلك أي أنها تساعدنا لتحقيق هدف الآخرة، وهو ما نعيش في الواقع من أجله، بل ونموت من أجله أيضا، هذا الهدف وهو إرضاء الله عز وجل« قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين« »الأنعام 261«. وبالنسبة لأهداف الدنيا فهي تتراوح بين الأهداف القريبة والبعيدة.. المرحلية والنهائية.. لابد من وجود هذه الأهداف واضحة في أذهاننا ولدينا خطط لتحقيقها، وصولا إلي الهدف البعيد أو النهائي، وغياب هذه الأهداف يغيب المعني من حياتنا،ويجعلها فارغة من المضمون.. فإن أنجزنا شيئا يكون ذلك بالصدفة البحتة ولايكون له معني ولا تكون له فرحة، لا الفرحة تأتي من تحقيق الأهداف بوعي وإرادة وخطة عمل..وبدون ذلك نعيش ونموت ولم نعرف لماذا عشنا ولا ماذا ينتظرنا في آخرتنا؟ الذي يميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية أنه يفكر.. وما دام يفكر فهو لابد سائل نفسه: لماذا أنا موجود؟ وإذا سأل الإنسان نفسه هذا السؤال، فسوف يهتدي إلي أنه في الدنيا »عابر سبيل« يمكث فيها حينا من الدهر حتي يوافيه الأجل الذي قدر له، ثم يحمله أهله وذووه إلي قبره.. تماما مثلما حدث لآبائنا وأجدادنا من قبل، ولسوف يترك كل شيء وراءه، إلا ما قدم لنفسه من عمل يزكيه عند بارئه ويدخل به الجنة، حيث يخلد في نعيمها.. أما إن لم يكن قد قدم لنفسه من الإيمان والعمل الصالح ما ينجيه من النار، وغرته الحياة الدنيا وظن أنه باق بها، فإن هذا اليوم الذي يحمل فيه إلي قبره سوف يكون يوما عسيرا، لأن الملائكة ستكون قد أنبأته ساعة الإحتضار بأنه من أهل النار.. لذلك لابد للإنسان من الاختيار وهو بعد من أهل الدنيا كيف أريد أن تكون خاتمتي؟ وأين أريد أن يكون مصيري؟ في الجنة أم في النار؟ لأنه الثالث لهما.. الذي لن يدخل الجنة سوف يدخل النار.. فإذا كان الشخص عليه بينة من أمره،وواجه نفسه بهذا السؤال الذي ينبغي أن يسأله لنفسه، فالإختيار سوف يكون بالضرورة الجنة، لأنه لا أحد لديه عقل يختار دخول النار.. اللهم إلا إن كان لايؤمن أصلا بالآخرة وبالجنة والنار. فإذا إختار دخول الجنة، فيجب أن يعلم أن هذا الإختيار له ثمن لابد له من دفعه، فدخول الجنة ليس بالمجان.. فهناك فرائض عليه أن يؤديها، وسلوكيات عليه أن يتحلي بها في التعامل مع الناس، فإن فعل هذا وذاك، فله أن يرجو رحمة ربه فيما واقع فيه من ذنوب وآثام، إن هو إستغفر ربه منها وتاب عنها.. وكذلك فيما وقع منه من تقصير في جنب الله.. والله غفور رحيم.. أما أهداف الدنيا القريبة منها والبعيدة فينبغي ألا تتعارض مع هدف دخول الجنة .. بل ينبغي أن تعينه علي بلوغ هدف الآخرة، لأنها إن تعارضت فسوف تكون حائلا بينه وبين دخول الجنة، إن كانت تقوم علي الكبر أو الإستعلاء أو الظلم.. أو أكل حقوق الناس.. أو خيانة الأمانة.. أو الكذب أو النفاق.. أو النصب أو الإحتيال.. الخ. ينبغي علي المؤمن الذي إختار الجنة أن ينأي بنفسه عن تلك السلوكيات التي لا تجعله عند الله وجيها، والتي تبطل أعماله الصالحة، إن كان له عمل صالح من صلاة أو صيام أو زكاة..والأمر جد لا هزل فيه »إنه لقول فصل. وما هو بالهزل« »الطارق 31 41«..