عندما نتابع الإحصائيات السياحية لابد أن يلفت نظرنا بعض الظواهر التي تعكس بشكل كبير التطورات المثيرة فيما يتعلق بعدد السياح الوافدين وفقا لجنسياتهم. تجسدت إحدي هذه المفاجآت في الطفرة الهائلة لعدد السياح الروس والذي وصل عام 9002 وهو عام الأزمة الاقتصادية العالمية إلي مليونين و53 ألف سائح، هذا الرقم يمثل ضعف حجم السياحة الوافدة من كل من بريطانيا وألمانيا وهما البلدان اللذان ظلا يحتلان المقدمة لعدة سنوات. كان من الطبيعي أن يؤدي هذا المد السياحي الروسي إلي فتح شهية القطاع السياحي الرسمي ممثلا في وزارة السياحة وكذلك القطاع الخاص بما يدفعه إلي إعطاء مزيد من الاهتمام لهذا السوق، تمثل رد الفعل في تكثيف المشاركة المصرية في كل المناسبات والأحداث السياحية التي تقام في روسيا، وليس الارتفاع في أعداد هؤلاء السياح هو الذي أدي إلي هذا الاهتمام بالسوق الروسي وإنما هناك أيضا ومن واقع ما سمعته من العاملين في الأنشطة السياحية المصرية من ارتفاع معدلات انفاق هذا السائح الروسي مما يجعل منه زبونا مرغوبا.
في هذا الإطار توجه زهير جرانة وزير السياحة المصري يوم 21 مارس الماضي علي رأس وفد كبير لحضور فعاليات مؤتمر ومعرض الدول السياحية المتعاملة مع السوق الروسي باعتبار أننا نأتي في مقدمة المتعاملين 2 مليون و53 ألف سائح حيث نأتي بعد تركيا التي يزورها ما يقرب من ثلاثة ملايين سائح روسي. وحتي ندرك ايجابية حركة السياحة الروسية الوافدة إلي مصر فإنه لابد من إلقاء نظرة علي تطوراتها وتدرجاتها علي مدي السنوات الخمس الماضية. تقول الإحصائيات ان أعدادهم لم تكن تتجاوز 788496 ألفا سائحا عام 4002 ارتفع إلي 566777 ألفا سائحا عام 5002 وإلي 941899 ألفا سائحا عام 6002 وإلي مليون و615 ألف سائح عام 7002 ثم إلي مليون و528 ألفا عام 8002. هذه الأرقام تعني أن متوسط الزيادة في حركة السياحة كانت تدور حول 51٪ علي مدي هذه السنوات الخمس.
تمشيا مع هذا التدرج ووفقا لما أسفرت عنه لقاءات زهير جرانة مع ممثلي السياحة الروسية في موسكو فإنه من المتوقع أن يقترب عدد السياح الروس في هذا العام إلي ما يقرب من 2 مليون و004 ألف بزيادة قد تصل إلي 52٪. الوصول إلي هذا الرقم يجعلنا نقترب من الأعداد التي تزور تركيا التي تعد حاليا المقصد رقم واحد للسياحة الروسية. ويقول المتابعون لحركة السياحة الروسية ان التزايد في إقبالهم علي زيارة مصر وقضاء اجازاتهم علي شواطئها في البحر الأحمر وسيناء إنما يعود إلي اكتشافهم عدم صحة الادعاءات التي كان منظمو الرحلات الأتراك يروجون لها بأن الطقس في مصر خلال الصيف لا يمكن احتماله وهو ما كان يجعل السياح الروس يتجهون إلي تركيا. من ناحية أخري فقد ساهم ميل هؤلاء السياح وتفضيلهم لقضاء اجازاتهم في مصر في الترويج والدعاية لتدفق المزيد.
تصاعد أعداد السياح الروس الذين يزورون مصر بهذه السرعة قد أدي إلي حماس شركات السياحة والفنادق المصرية إلي زيادة اتصالاتهم وتعاملاتهم مع منظمي الرحلات في السوق الروسي. لوحظ هذا الاهتمام في مشاركة العشرات من هذه الشركات بمعرض شركات السياحة الذي أقيم في منتصف هذا الشهر في أعقاب انتهاء فعاليات المعرض الرسمي الذي تنظمه هيئة السياحة الروسية. تركزت جهود أعضاء الوفود المشاركة علي ضمان أن يكون لها نصيب من كعكة السياح الروس الذين سيحققون »البريمو« في حركة السياحة الوافدة إلي مصر حيث من المتوقع ان يبلغ عددهم حوالي 52٪ من حجم هذه الحركة. ولعل ما يشجع علي هذا الحماس ما يلقاه الإقبال علي السياحة في مصر من ترحيب من جانب الأجهزة المسئولة في روسيا. وللحديث بقية