لقد عاشت مصر دولة قبطية لمدة ستة قرون، وعاشت دولة إسلامية لمدة خمسة عشر قرنا، وفي كلتا الحالتين تم البناء علي منجزات الحضارة الفرعونية العريقة التي عاشت حوالي أربعة آلاف سنة قبل الميلاد تألقت فيها دولة الفراعنة بعظمتها الخالدة عبر العصور. واذا كانت دعوة السيد المسيح عليه السلام قد بنيت علي العقيدة اليهودية التي جاء بها سيدنا موسي عليه السلام، فإن الإسلام بني علي العقيدتين اليهودية والمسيحية ولذلك جاء القرآن الكريم ليؤكد هذا المعني بقوله »آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ« الآية »582« سورة البقرة. ثم فسر ذلك النبي محمد »صلي الله عليه وسلم« بقوله »إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بني بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين«. وهناك أقوال للسيد المسيح »عليه السلام« في معني مشابه إنه جاء ليكمل ويواصل مسيرة العطاء لأنبياء بني إسرائيل، ويروي أن أنجيل برنابا تحدث عن النبي أحمد عليه السلام، وإنه سيأتي بعده وهو ما أشار اليه القرآن الكريم » وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ« الآية 6 سورة الصف. ولقد فتح المسلمون مصر بقيادة عمرو بن العاص عام 146 م، وكان ذلك إيذانا بانتقال الإسلام لمصر، التي أصبحت ركيزة هامة من ركائزه علي مر العصور اللاحقة، ورحب أقباط مصر بهذا الفتح في ذلك العصر، لأن الرومان الذين كانوا مستعمرين لمصر رغم اعتناقهم للمسيحية في مرحلة لاحقة أذاقوا الأقباط أشد العذاب. إنني أوجه من هذا المنبر تحية لكل قبطي مصري، ولكل مسلم مصري في ذكري ميلاد السيد المسيح الذي هو نبي الأقباط والمسلمين علي حد سواء، وهو مخلص المسيحيين، وتعاليمه فيها أيضا خلاص للمسلمين، ونفس الشيء في تعاليم النبي محمد » صلي الله عليه وسلم« إنها تعاليم المحبة والسلام والاعتدال وحب الوطن.