لم أشعر بمشاعر الوحدة الوطنية تتأجج في قلوب كل المصريين كما شعرت بها منذ الحادث الإرهابي الدنس في »كنيسة القديسين«. فحرارة الغضب مشتعلة منذ وقوع الحادث. الناس.. كل الناس مسلمين ومسيحيين غاضبون.. يملأهم الحزن علي ماحدث. المظاهرات تملأ الشوارع، وتسد الطرق إحتجاجاً علي اختراق أمن الوطن، وتنديداً بتلك الأيادي الخفية التي تحاول النيل من استقرارنا وتحدث الشقاق بين عنصري الأمة ونسيجها الواحد. لم أر إتحاداً في الموقف، وتوحداً في الألم والغضب مثلما أري الآن في صفوف المسلمين والمسيحيين. فالمظاهرات تطالب بتعقب مرتكبي الحادث الإجرامي والقصاص منهم. المظاهرات يتجاور فيها المسلم والمسيحي. الهتافات هي نفسها.. توحد في الهدف والمشاعر. صيحة عالية تخرج من قلوب الملايين لتقول للعالم كله: نحن مصريون. مسلم.. أو مسيحي لا فرق. نحن إخوة. مواطنون ننتمي إلي هذه الأرض ونعشقها. ولن نسمح لأي دخيل أن يفرق بيننا، أو أن يشعل الفتنة الحقيرة بين إخوة أشقاء مصريين قلباً وروحاً وفكراً وانتماء. رب ضارة نافعة.. هذا ما شعرت به وأنا أستمع الي حرارة الهتافات ضد هذا العمل الإجرامي. الحقير. فقد التأم الشقيقان ووضع كل منهما يده في يد الآخر عندما أدرك أبعاد المؤامرة الدنسة التي يحيكها أعداء الوطن لنا جميعاً. إتحد المسلم والمسيحي في وجه الإرهاب الأسود الذي يتربص بنا جميعاً ولا يستهدف جماعة أو ديانة. بل يستهدف الوطن.. وهذه هي عبقرية الشخصية المصرية. لا أحد يستطيع اختراقها، ولا استعمار استطاع أن ينفذ إلي أعماقها ليضع بصمته عليها. الشخصية المصرية التي تستوعب كل الثقافات والأفكار والديانات. دون أن تنصهر أو تذوب في أي كيان يخرجها من جذورها وتاريخها.. وأصولها. تحيا مصر.. شعباً أصيلاً يدافع عن استقراره ووحدة صفوفه بذكاء وإيمان.. وكيداً لأعداء الوطن الذين لن ينالوا من تلك العبقرية المصرية مهما أوتوا من شر أوتسلحوا بقوي الشيطان. وعاشت مصر.. الهلال مع الصليب.