زعم الإرهابيون أن هدفهم الدفاع عن حقوق المسلمين وحماية الدين الإسلامي من أعدائهما. وحتي عندما قاموا بجريمتهم الكبري في 11 سبتمبر 1002، كان التبرير ان الولاياتالمتحدة تحارب المسلمين والإسلام في آسيا والشرق الأوسط، وتقف وراء اسرائيل في كل ما ترتكبه في حق الفلسطينيين المسلمين. وسرعان ما ردد »المجاهدون« هذه المزاعم في أحاديثهم، وخطبهم، ومقالاتهم، للتأكيد أن الهجمات الجهادية هدفها الوحيد التصدي لأعداء الإسلام وأكلة حقوقهم وثرواتهم الطبيعية أي أن تفخيخ السيارات وتفجيرها بين مئات المدنيين من مختلف الجنسيات والديانات هو جهد سياسي بوسيلة عسكرية، رفضا لاحتلال المستعمرين بلاد المسلمين واستعادة ما ضاع منها ومنهم. بهذه المزاعم.. نجح الإرهابيون في نيل اعجاب وتصفيق وتهليل كثير من المسلمين في بلادهم أو في بلاد أخري يعملون ويقيمون فيها. وسمعنا دعاة عبر الفضائيات يؤيدون هذا »الجهاد«، ويباركون »الجهاديين«، ويبشرون من قاموا بتفجير أجسادهم وسط عشرات ومئات من البشر المارين في الشارع، والمصلين داخل دار عبادة، والجالسين داخل مسرح، والخارجين من قاعة اجتماع بأن أبواب الجنة مفتوحة في انتظارهم لينعموا فيها بكل ما حرموا منه في الأرض! لم يمر وقت طويل قبل تكشّف حقائق هذه المزاعم، واسقاط أقنعة الزيف عن وجوه خدعت البعض بما أظهرته من ملامح التقوي، ومعالم الورع، وإشارات الزهد في أي شيء عدا محبة الخالق، وهداية ومساعدة عباده المؤمنين. سقوط الأقنعة الخادعة.. كشف أمامنا عالما جاهليا، متعصبا، متطرفا.. يسعي قادته إلي »تنقية« الكرة الأرضية و»تطهير« شعوبها من الأديان والمعتقدات التي تتعارض مع الدين الإسلامي.. آخر الأديان السماوية. وعندما يتساءل البعض مندهشا لما يسمعه، مستنكرا ما يراه: »كيف تقولون انكم تحمون الإسلام والمسلمين في الوقت الذي تتفرغون فيه في العراق كأبرز مثال لقتل بعضكم البعض؟!« لا يجد اجابة عن سؤاله، تبرر هذه الجرائم شبه اليومية منذ الاحتلال الأمريكي عام 3002 وحتي بداية عام 1102 الحالي. الصورة في غاية البشاعة: جماعة إسلامية »شيعية« تفجر جماعة إسلامية »سنية« عملاء تنظيم القاعدة ينسفون تجمعا جماهيريا دعا إليه حزب عراقي إسلامي يتعاون مع الكفار الأمريكيين. شيعة موالية للحرس الثوري الايراني تفجر سيارة مفخخة أمام وداخل مسجد أثناء صلاة الجمعة. الأكراد يدافعون عن أنفسهم ضد قنابل سنية، وخناجر سنية. سقط العراقيون في حرب أهلية، مجنونة، لا يعرف أحد من فيها يقتل من؟ ولا يعرف أحد أيضا متي ستتوقف هذه الحرب. الأسلحة في كل يد، والقنابل في كل بيت. فالكل يعادي، ويتربص، ويفتك بالكل. المذهل أن غالبية هذا الكل من المسلمين دينا، وإن اختلفوا بعد ذلك مذهبيا وعقائديا. حرب طويلة، مستمرة، بين مسلمين متعددي الاتجاهات والانتماءات، أسفرت في العام الماضي عن قيام فرع من فروع تنظيم القاعدة، أعلن عن نفسه باسم: »دولة العراق الإسلامية«، بدايتها كانت كفرا والعياذ بالله. في العاصمة بغداد مساء يوم 13 أكتوبر 0102 وداخل كنيسة شهيرة ضمت تجمع العشرات من العراقيين المسيحيين لأداء الصلوات.. ففوجئوا بالعديد من حاملي الأسلحة والمتفجرات يقتحمون المكان ويغلقون أبوابه، ويعلنون احتجاز الموجودين إلي أن تخضع السلطات العراقية لمطالب »دولة العراق الإسلامية«، وإلي أن تفرج السلطات المصرية عن سيدتين مصريتين قال كثيرون من بينهم دعاة وعلماء دين.. للأسف الشديد ان السيدتين اعتنقتا الإسلام فقامت الكنيسة بخطفهما واخفائهما في أحد الأديرة، وهو ما نفته السلطات المصرية المرة بعد الأخري. ولأن السلطات العراقية رفضت الحوار مع إرهابيي القاعدة داخل الكنيسة الكاثوليكية وأمرت الشرطة باقتحامها وتحرير المحتجزين بالقوة، ولأن السلطات المصرية رفضت بدورها الزج ببلادها في تلك الحروب والصراعات هناك.. تحت زعم أحمق لا أساس له من الصحة.. فقد تسبب الاقتحام في فتح المدافع الرشاشة وتفجير القنابل، راح ضحيتها 44 من المصلين، بينهم 2 من الرهبان، وعشرات الجرحي. كما قتل في تلك المذبحة 7 من رجال الشرطة، وجميع الإرهابيين. ما حدث لمسيحيي العراق لم يكن جديدا، ولا نادرا. منذ سنوات وعملاء تنظيم بن لادن يتعرضون لهم، ويتحرشون بهم.. توطئة لنسف محلاتهم، وتفجير منازلهم، وتدمير دور عبادتهم.. كخطة معتمدة وتدريجية لإبادة المسيحيين أو فرارهم من البلاد.. أيهما أسبق! قبل تنفيذ هذا المخطط الاجرامي كان عدد مسيحيي العراق يقرب من المليونين، وبعد موجات الهجرة الجماعية.. تقلص العدد إلي نحو 004 ألف عراقي فقط! ما فعله ويفعله الإرهابيون الرئيسيون من خلال عملائهم المحليين في العراق هو نفسه الذي يخططون لتنفيذه في قارات الدنيا الخمس. الرأي الأخير.. ليس رأيي لكنني قرأته منذ أيام في صحيفة عالمية، جادة، وموضوعية. ونكمل غدا بإذن الله.