مظاهرات هونج كونج تنفى نظرية نهاية التاريخ بعد مرور أكثر من عقدين علي مقولته التي دوت في سماء الفكر السياسي، شكك كتّاب في أطروحة المفكر الأمريكي الشهير «فرانسيس فوكوياما» حول انتصار الرأسمالية والديمقراطية علي الشيوعية الامر الذي وضع نهاية للتنافس الفكري والسياسي ومن ثم أعلن «نهاية التاريخ». قالت «ألينا روشا مينوكال» في مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي» بعنوان «التاريخ لم ينته»، انه منذ 25 عاما وبالتحديد بعد أشهر من انهيار سور برلين في نوفمبر عام 1989 كتب المفكر الشهير فوكوياما مقالا بعنوان «نهاية التاريخ؟» وأعاد نشره عام 1992 في كتاب حمل العنوان نفسه دون ان يضيف اليه «علامة الاستفهام» ثم عاد وكرر التأكيد علي نفس الأطروحة في مقال نشرته مؤخرا صحيفة «وول ستريت جورنال». وفي مقاله الأخير جدد فوكوياما التأكيد علي انه حتي الآن «لا يوجد اي نظام او فكر منافس للديمقراطية وللفكر الديمقراطي». واعتبرت الكاتبة مينوكال ان الديمقراطية انتصرت شكلا بعد انهيار المعسكر الشيوعي. وأقرت بأنه قد حدثت بالفعل بعض التحولات الجذرية في طبيعة النظم السياسية حول العالم منذ ذلك الحين، فمعظم الدول في الوقت الحالي تشهد انتخابات بصفة دورية وهي دول تضم ثلثي سكان العالم. كما انه بالفعل يوجد الآن تمثيل للمرأة في البرلمانات أكبر من اي وقت مضي. لكن في المقابل فإن عددا قليلا من تلك الديمقراطيات التي نشأت خلال العقود الثلاثة الماضية– هو ما استقر واستتب له الأمر في المجتمعات. علي العكس فإن معظم تلك الديمقراطيات الحديثة قد انزلقت الي «المنطقة الرمادية» التي تمزج في أدائها بين القيم الشمولية من جهة والديمقراطية من جهة أخري. واستندت الكاتبة لأرقام نشرتها مؤسسة «فريدوم هاوس» أظهرت تقلص الحريات في العالم بصفة منتظمة منذ عام 2005، وكذلك تنامي الضعف الذي ينتاب المؤسسات الديمقراطية عموما، معتبرة ان الثورة علي اي نظام ديكتاتوري بات أسهل، لدي بعض الشعوب، من بناء مجتمع ديمقراطي. وقالت الكاتبة إن الأزمات التي تشهدها الدول الآن من أوكرانيا الي غزة وسوريا، يمكن تفسيرها بحسب أطروحة المؤرخ والمفكر «كارل بولاني» التي أسماها ب»التحول العظيم» حيث اعتبر ان تفكك حضارة القرن التاسع عشر أدي الي صراعات اجتماعية وسياسية وثقافية داخل الشعوب– وذلك بدلا من القول بأن العالم اصطف أخيرا علي أيديولوجية واحدة وارتضاها لمصيره، وهي الديمقراطية والرأسمالية، بحسب فوكوياما. ومن ناحية أخري، قالت الكاتبة ان هناك حالة عامة من الإحباط داخل بعض الشعوب حيث لم تساعد الديمقراطية في توفير الاحتياجات الأساسية للمجتمع. وقالت دراسة «معهد التنمية عبر البحار» ان الأفراد ينحون الي تأييد ودعم القيم الديمقراطية علي أساس انها وسيلة لتحقيق حاجاتهم. وأضافت الكاتبة ان نمو العملاق الصيني وقدرة اثيوبيا ورواندا وهي جميعا أنظمة غير ديمقراطية بالمعني الليبرالي - علي إحداث معدلات نمو عالية، قد شكك في أطروحة فوكوياما، بأننا وصلنا بالفعل الي نهاية التاريخ بانتصار الرأسمالية. وقالت الكاتبة إن الديمقراطية قد فقدت بالفعل بعض من بريقها اليوم، مع إخفاق بعض الأنظمة التي تقوم علي أساس انتخابي في توفير الحاجات الأساسية. وتشير في هذا الخصوص الي تداعيات الأزمة المالية العالمية عام 2007 – 2008، ونشأة حركة «احتلوا وول ستريت» التي تطالب بالعدالة الاجتماعية وتنتقد النظام الأمريكي. وأوضحت الكاتبة ان دراسة حديثة قامت بتحليل أكثر من ألفي برنامج للحكومة الأمريكية بين عامي 1981 و2012 كشفت ان الولاياتالمتحدة تعمل في الحقيقة علي أسس قيمية «اوليجاركية» (وتعني حكم الأقلية). كما كشفت أرقام استبيان أجري في عام 2012 وشمل سبع دول أوروبية ان أكثر من نصف المواطنين «لا يثقون في حكوماتهم». وتؤكد الكاتبة ان هذا الغضب الذي يسود بين الطبقات المتوسطة والشباب في الدول الديمقراطية يشير الي ان الأفراد يريدون أكثر من مجرد التوجه الي صناديق الانتخاب مرة كل عدد محدد من السنوات.